سألني أحد السينمائيين الأفارقة منذ يومين ونحن نمر أمام قاعة سينما أفريكار التي أغلقت أبوابها منذ أكثر من عام عن سبب غلق هذه القاعة التي تربطه بها ذكريات جميلة كما يقول تعود الى الثمانينات من القرن الماضي حين كان يحضر فعاليات أيام قرطاج السينمائية ولم يكن الضيف على اطلاع كبير عما يحدث في تونس منذ 14 جانفي 2011 وخصوصا على الصعيد السياسي والاجتماعي الا انه كان عارفا بأدق تفاصيل الحادثة التي جدّت في قاعة سينما أفريكار خلال شهر جوان من العام الماضي حتى أنه لم يخف تخوّفه على الابداع والمبدعين في تونس أمام تنامي التيارات الدينية المتشددة، مشيرا الى ما تعرّض اليه المخرج السينمائي نوري بوزيد من اعتداء بالعنف وتهديد بالقتل. كما لم يخف الضيف حزنه على تونس كما يقول. تونس التي كانت دوما في نظره أرض فرح وتسامح وابداع. فهي التي أبدعت على حد تعبيره، أيام قرطاج السينمائية لما كان العرب والأفارقة يفتقرون لمهرجان سينمائي يجمع شملهم. وربما لأول مرة منذ 14 جانفي 2011 تعود الحياة بفضل أيام قرطاج السينمائية الى شارع الحبيب بورقيبة وخصوصا خلال الليل حتى ان السامرون من أحباء الفن السابع أصبحوا يسهرون الى غاية منتصف الليل مستمتعين بآخر عروض المهرجان في القاعات. كما اختفت من الشارع مظاهر العنف والبؤس والحزن والاعلام السوداء والقمصان واللحي الشعثاء والشعارات السياسية الركيكة والقبيحة لتحل محلها أفيشات السينما الجميلة وصور النجوم معانقة جذوع الشجر الممتدة على كامل الشارع... كل ذلك بفضل مهرجان أيام قرطاج السينمائية الذي جاء ليبعث الحياة في شارع بورقيبة وإزالة الغمامة السوداء التي خيمت عليه طويلا وكادت تفقده روحه التونسية الصرفة