تحت عنوان «الحوار الوطني حول الدستور» وبالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية التأم مؤخرا بالمعهد العالي للدراسات التطبيقية في الانسانيات بالكاف لقاء حواري جمع بعض نواب الجهة بالمجلس الوطني التأسيسي وثلة من مكونات المجتمع المدني ومختلف الأطياف السياسية والجمعياتية والنقابية. استهلت السيدة فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالمجلس الوطني التأسيسي اللقاء بتقديم بسطة عن «مسودة مشروع الدستور» معتبرة انها ليست النسخة النهائية باعتبار أن مثل هذه اللقاءات تضع مشروع الدستور في محك الدرس والتمحيص قبل عرض النسخة النهائية على الجلسة العامة لأن ثمة إرادة حقيقية ليكون هذا الدستور لكل التونسيين
التوطئة وباب الحقوق والحريات
وقد استأثرت التوطئة وباب الحقوق والحريات وباب السلط وباب الجماعات العمومية والمحلية باهتمام أغلب التدخلات فالسيد يوسف الجفالي يعتبر أن التوطئة تحتوي على مضمون لغوي هش . فما المقصود بالتدافع السياسي ؟ ويضيف هل هناك حركات تحرر غير عادلة عند الإشارة الى حركات التحرر العادلة ؟ كما أشار إلى وجود اخلالات كبيرة في التوطئة خاصة عند التطرق الى تاريخ تونس وتغييب تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني ...
«الشروق» حاورت بعض المتدخلين والتقت بالسيد عبد الرحمان السمعلي ممثل عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الذي اعتبر أنه لا يمكن الحديث عن ثورة دون وضع دستور يضمن الحقوق والحريات في الدولة المدنية ذات البعد الاجتماعي ولا مجال للتخلي عن الشعارات التى رفعها الشعب للإطاحة بالنظام ومشروع الدستور الحالي إذا لم يستجب لطموحات ومطالب الشعب فانه سيظل كسابقيه ذريعة للظلم والاستبداد ويضيف محدثنا إن هناك مسكوتا عنه في مسودة مشروع الدستور وهي التجاذبات بين مكونات المجلس التأسيسي وتركيبته وهو ما لا يخدم مصلحة الشعب في وضع دستور مستقر يضمن حرية وحقوق الشعب وعليه فقد سقطت هذه النسخة في الحشو الانشائي والعبارات الفضفاضة القابلة لأي تأويل سياسي لذا يجب اعادة قراءة الدستور من قبل لجنة من الخبراء في القانون الدستوري واللغة لمزيد التدقيق في الشكل والمضمون .
المطالبة بإلغاء الحصانة الممنوحة لرئيس الدولة
ففي التوطئة يقول السيد عبد الرحمان السمعلي يجب التأكيد على السيادة الوطنية وعدم الزج بالبلاد في محاور الصراعات الدولية مما يجعلها مرتهنة للدوائر الامبريالية والرجعية عبر الهبات والقروض المالية الممنوحة .وفي خاتمة كلامه أكد محدثنا على ضرورة الغاء الفصل المتعلق بحصانة رئيس الدولة أثناء أدائه لمهامه أو بعد انتهاء مهامه وتقليص مدة تنقيح الدستور الى أقل من خمس سنوات كما لابد من التنصيص في الدستور على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحريات العامة والفردية.
كما حاورت «الشروق «السيد ابراهيم القاسمي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالكاف الذي أكد على أهمية مثل هذه الحوارات مبديا تحفظه على العديد من الفصول خصوصا منها المشفوعة بالاستثناءات . ويضيف محدثنا يجب اضافة فصول تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الدستور و التي لها علاقة بالثورة ومطالبها والمفوضة الاجتماعية كما لابد من التنصيص على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني واعتبر أن الاضراب وآلياته تنظمه مجلة الشغل والمواثيق الدولية وكان الفصلان 26 و27 محل احتراز من قبل محدثنا مقترحا في الأول التنصيص على أن العمل القار واللائق مضمون من طرف الدولة أما في الفصل 27 فاقترح السيد ابراهيم القاسمي ضرورة التنصيص على أن الحق النقابي مضمون بما في ذلك حق الاضراب دون شرط.
وعن حزب التحرير حدثنا السيد محمد عباس الذي اعتبر أن هذا الدستور يقوم على فكرة أساسية وهي فصل الدين عن الحياة والتي ثبت فشلها عبر الأجيال فالإسلام العظيم يضيف محدثنا عقيدة ينبثق عنها نظام يشمل جميع مفاصل الحياة وليس مادة يزين بها الدستور كالتنصيص على أن تونس دولة دينها الاسلام ولغتها العربية . وأصل البلاء عند محدثنا أن ما اصطلح عليها بالأصنام الحديثة كالديمقراطية أو الدولة المدنية الحديثة أو الدولة الدينية أو منظومة المجتمع المدني وحقوق الانسان وغيرها مازالت مثبتة في مواد الدستور وإذا أردنا النهضة الصحيحة لا بد من الرجوع الى الاسلام لاستنباط دستور يكون حلا لجميع مفاصل الحياة.
أما السيدة هادية العبيدي الناشطة الحقوقية والنقابية فقد أبدت بعض الملاحظات حول الدستور خاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة ووسائل ضمانها أما في باب الحقوق والحريات فان محدثتنا تدعو الى ايجاد ضوابط وحدود لحرية التعبير والإعلام حتى لا يقع الاعتداء على الحقوق المادية والمعنوية كما اعتبرت منح الحصانة التامة للرئيس صناعة جديدة للدكتاتور وفي موضوع الجنسية طالبت الناشطة الحقوقية بأن يكون الرئيس من أب تونسي وأم تونسية لضمان ولائه التام لوطنه
أما السيد كمال السايح ممثل التنسيقية الجهوية للجبهة الشعبية بالكاف فقد بين أن نص مسودة الدستور نص أدبي أكثر منه نص حمال لروح القانون مما يسمح بالعديد من التأويلات وما يعاب على التوطئة أنها لم تتطرق إلى المنظومة الدولية و المبادئ الكونية لحقوق الانسان كما نلاحظ يضيف محدثنا إخلالا في التوطئة على مستوى الشكل اذ افتقرت لمرجعية وأهداف ما يراد من الدستور . أما بقية الأبواب فقد احتوت على حشو وتكرار لا مبرر له...
وتحدثت «أم خالد» وهي ناشطة سياسية فضلت عدم ذكر اسمها قائلة أنه لا يوجد فصل تضمن فيه الدولة التنمية العادلة لكل الجهات فلا بد من استعادة الدولة لدورها الاجتماعي في ضمان حق الشغل الملائم والتغطية الصحية . واعتبرت محدثتنا أن الفصل 16 و18 فيهما استعمال للتركيب الاستثنائي الذي يمهد لتغول السلطة التشريعية . وفي الفصل 37 غيبت حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل وتعتبر «أم خالد» أن الفصل 11 هو تدخل غير مبرر في المؤسسة الأمنية والعسكرية وتختم محدثتنا أن الدستور لم يتضمن حقوق المهاجرين والحال أنهم في أمس الحاجة الى ما يضمن لهم الحماية وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية .
كما التقت «الشروق» بالأستاذة فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالمجلس الوطني التأسيسي التي أكدت على أهمية الحوار الوطني لتشريك الشعب في صياغة دستوره الذي من أجله قام بالثورة،والمداخلات هي عينة من العينات التي كانت موجودة في اللجان التأسيسية المهم أن يكون التفاعل ايجابيا مع كل الآراء لإرساء دستور يعبر عن آراء الشعب ويثبت هوية البلاد ويحقق أهداف الثورة وسيقع التفاعل مع كل ما ورد علينا من ملاحظات في الهيأة المشتركة للصياغة والتنسيق التي ستعد المشروع وتعرضه على الجلسة العامة وسنسعى تضيف محدثتنا الى التوافق لان انطلاقتنا كانت من صفحة بيضاء وليس من مشروع مسبق ثم وانطلاقا من التفاعل الايجابي مع المقترحات والآراء التي تمثل المضامين الدستورية المعبرة عن ارادة الشعب نكون دستورا ينأى عن الانحياز الفئوي الضيق .