أحيانا يحدثنا بعض الأصدقاء من الممثلين عن طرائف تحدث لهم مع الجمهور بعد عرض أعمالهم في التلفزة. في البداية كنا نظن أن الأمر لا يتعدى حدود النكتة والمزح... لكن ما تعرض له بعض الممثلين من حدة من طرف البعض من الجمهور كشف عن وجه آخر للعلاقة بين الجمهور والدراما. وكل ممثل تحدثنا اليه اتضح أن له حكاية مع الجمهور. بالمناسبة حاولنا أن نتوقف مع بعض الممثلين عند هذه الظواهر التي تثير أسئلة مهمة منها، هل يفرق الجمهور بين الشخص والشخصية؟ وهل يشاهد الأعمال الدرامية بمسافة بين الواقع والتمثيل؟ أحد المشاهد من مسلسل «اخوة وزمان» الذي صور بسوق العصر بتونس العاصمة وكان هذا المشهد يتعلق ببيع مسروق... وبينما كان المخرج حمادي عرافة منشغل بالتصوير اذ بعجوز تدخل في «البلاتو» وتطلب من الممثل الصادق الحلواس الذي يتمقص دور السارق بأن يبيعها المسروق وكانت تترجاه لذلك... وفي المشهد نفسه حدثنا الممثل توفيق الخلفاوي الذي يتقمص دور شرطي عن اعتراض بعض الشبان له لمنعه المسك بالهارب... وهؤلاء من ذوي العضلات «المفتولة»... كما يقول و»باندية» الحي... وأضاف الصادق الحلواس أنه عندما عاد الى بلدته الشابة بعد رمضان أي بعد عرض المسلسل المذكور تجمع حوله ذوي السوابق في السرقة وكانوا يتحدثون اليه على أساس أنه لص خبير وقادر على مدهم بخطط جهنمية في فن السرقة!... طلبات غريبة وطريفة ومن الطرائف الأخرى التي كانت تجري مجرى الحقيقة وقد حدثتنا عنها الممثلة ريم عبروق والمتمثلة في طلب غريب من شيخ مسن حيث لم يعبر لها عن اعجابه بادائها ويتقمص دورها في مسلسل «عم فرج» بل بقدرتها على الطبخ وقال لها «ماني بوك، أريد أن تطبخي لي ملوخية»... ريم اندهشت للأمر وضحكت عن الطلب وكانت تظن أنه مجرد مزح. لكن الشيخ ألح في الطلب... ولم تستطع اقناعه بأن الأمر مجرد تمثيل وأنها لا تحسن طبخ الملوخية.... وعلى هامش «عند عزيز» استوقف أحدهم كوثر الباردي ولاموها عن عدم الزواج منذ البداية من سفيان الشعري أي الصادق في السلسلة المذكورة... أما أحد التجار أصيلي جربة فقد سأل كمال التواتي عما اذا كان من أصول جربية وما هي برامجه القادمة لتطوير «السوبرات». أفكار وهمية وحدتنا الممثلة سماح الدشراوي التي تقمصت دور جليلة في مسلسل «اخوة وزمان» عن أفكار مسبقة وخلط عند الجمهور بين الواقع والتمثيل وبينما كانت في زيارة لصديقتها. تعرفت بالصدفة هناك على احدى المشاهدات التي بدأت تحدثها عن جعفر القاسمي الذي تقمص دور البطولة في «اخوة وزمان» وكانت تقول لقد كان جعفر مناسبا للدور لسبب بسيط وهو أنه ينحدر من أسرة غنية تقطن المنار ولها سيارات لا تعدّ وكانت سماح الدشراوي تسمع الحكاية وهي مندهشة ومستمرة بالضحك... وهي التي تعرف جيدا جعفر باعتبارهما زملاء في المعهد العالي للفن المسرحي وأصدقاء على مستوى العائلات... وعندما أعادت الحكاية لجعفر وقد حصل هذا بحضوري ردا جعفر مازحا ماذا لم تعرف المسكينة أنني من سكان «المحمدية» وأمتطي الحافلة رقم 26 ... وعلى اثر مشاركته في سلوكيات استوقفت احدى النساء الممثل فوزي كشرود ولامته عن عناد طفلة صغيرة وكانت تعني المشاهد التي كانت تجمع فوزي كشرود بمنال الجربي في «سلوكيات». أما دليلة المفتاحي فقد تحدثت عن أمر في غاية الخطورة... حيث وصل بأحدهم من الجمهور لحل التطاول وحصل هذا أمام مبنى الاذاعة منذ ثلاث سنوات بعد مسلسل «يا زهرة في خيالي» الذي تقمصت فيه دليلة دور زوجة لزوج مغلوب على أمره وهو عبد العزيز المحرزي... وقالت دليلة أن أحدهم أوقف سيارته وفتح شباكها وقال لها لو كانت زوجتي لعلمتك «حرّ» الرجال وألفاظ أخرى مسكوت عنها. الأمر وصل حدّ كتاب السيناريو أما الأمر الذي استغربنا له كثيرا وحصل بحضور المخرج المسرحي منجي بن ابراهيم يتمثل في ملاحظة وجهها كاتب سيناريو مترشح بأحد النصوص للتلفزة التونسية للممثلة دليلة المفتاحي قائلا لها «كيف تقبلين دور امرأة مستهترة تدخنين وتشربين وتسهرين في المطاعم والنزل» في البداية كانت دليلة تظن أن الرجل يمزح... لكن اتضح أنه جاد في أمره فعبرت له حينئذ عن استغرابها الشديد بسؤال وحيد : كيف يمكن أن يكتب للدراما... وهو لا يفرق بين الممثل في الواقع وفي العمل الدرامي... يبدو على ضوء هذه الروايات الطريفة والحكايات العجيبة أن الجمهور لا يعي ولا يفهم أن الممثل ليس من مشمولاته الدور.... وأن هذا الدور كتبه كاتب ويتحمل مسؤوليته مخرج... والأخطر من ذلك أن الجمهور لا يفرق بين الواقع والتمثيل ويحكم على سلوك الممثل ومواطنته من خلال دور يتقمصه في التلفزة.