تتداخل الروايات والحكايات في دجبّة وتحديدا بجبل «القرّاعة» حيث تحكي الآثار الموجودة تواريخ عديدة وتوحي بثراء المكان حضاريا وتاريخيا فضلا عن ثرائه الطبيعي والجغرافي. كثرة أحاديث الزوار لمنطقة دجبة من ولاية باجة عن جمالها وثرائها سيما ما يزخر به جبل «القراعة» المحتضن للمنتزه الحضري من آثار لمخلفات عدة حضارات مرت من هذا المكان وسكنت تلك الأراضي سيما آثار «السبعة الرقود» أو« أصحاب الكهف» حسب ما تشير اليه تفاسير العديد من متساكني المنطقة حدا بالشروق الى زيارة المكان والاطلاع على هذه المغاور بما في ذلك مكان «أصحاب الكهف» حسب المتداول من الروايات.
الجولة اقتصرت على جبل « القراعة» مكان المغارات وذلك بمرافقة السيد بكار الدجبي خبير دولي في البيئة وكذلك أحد أبناء الجهة من النخبة المثقفة الملمة الماما كبيرا بهذا التاريخ حيث تحدث مرافقنا عن تاريخ المنطقة الحافل بتعاقب أعتى الحضارات على المكان مثل الحضارة اللوبية والبربرية والرومانية خلفت وراءها موروثا ضخما لا تزال ملامحه واضحة ومعالمه قائمة مثل مغارة « كريز» كما يسميها أهالي المنطقة وقبور لوبية وأخرى جلمودية تعود الى العصر الحجري.
وحسب رواية السيد بكار ورفيقه وحسب ما يردده كل متساكني المنطقة فان هذه المغارة تؤدي الى ما لا نهاية رغم اختلاف بعض الروايات الأخرى التي تذكر أنها معبر الى مقام «أهل الكهف» الذين ناموا به لثلاثمائة سنة وكأنه ممر سري الى هذا المكان رغم أن الواضح والمفسر علميا أن الممر اليها كان طريقا تقطع الجبل ولا تزال قائمة الى اليوم وقد كسيت بالنباتات البرية بعد أن سقط نصف جبل القراعة من الناحية الأمامية فبقي المكان معلقا في بطن الجبل يستحيل بلوغه بسهولة من مختلف الجهات مما يضفي عليه طابعا من القدسية.
وفي أعلى جبل « القراعة» تنبع عين جارية بماء عذب استغل الأهالي وبتظافر الجهود الفردية والجمعياتية مياهها بصيانتها وجمعها عبر أنابيب تتدفق من أعلى الجبل الى أسفله وتجلب معها تلك المياه الى حوالي ثلاثة عيون أخرى سفلية أين تتجمع وتسري في قنوات لاستعمالها في الري والشرب كما يشق هذا الجبل واد تتدفق مياهه من ذلك الارتفاع في شكل شلالات ذكر محدثنا أنها تنشط في فصل الربيع مع امتلاء الوادي والعيون ماء بفعل العامل الطبيعي فتصنع هذه المياه حجارة كلسية في شكل شموع تتدلى في سقف بطن الجبل الذي تم استغلاله وبناء مسرح في أسفله يحتضن عدة تظاهرات ثقافية وندوات وحتى برامج تلفزية بثتها احدى القنوات الأجنبية ذات مرة من هناك فيزيد هذا المنظر المكان جمالا. وقد ذكر مرافقنا أن الجبل يتميز بمائدة مائية معلقة تزود المنطقة فقط بالمياه وتنبع من الأعلى في اتجاه مختلف أراضي دجبة وهو ما يمنح المنطقة جمالا واخضرارا يسحر الألباب ويشجع على السياحة البيئية.
وفي هذا الصدد أشار السيد محمد الدجبي مدير مهرجان «الكرموس» بدجبة ورجل أعمال الى رغبته التي رافقته منذ سنوات ولا تزال للاستثمار السياحي لما تزخر به المنطقة من ثراء طبيعي وتاريخي وحضاري ولما تتميز به من عادات غذائية وتنوع في انتاج الخضروات والغلال بأنواع وتسميات مختلفة من ذلك الزياتين التي تحتوي على حوالي 15 نوعا والسفرجل الذي يحتوي على 3 أنواع وكذلك التين الذي تتفرد به المنطقة دون غيرها من مناطق الجمهورية مؤكدا أن الجهة تحتوي على أكثر من 560 نبتة طبية داعيا الى ضرورة استغلال هذه الثروة لما ينفع الجهة اقتصاديا وتنمويا.هذا، وقد أشار السيد بكار بدوره الى أهمية استغلال هذا الارث الحضاري والثراء الطبيعي ودعا علماء «السيكولوجيا» الى الاطلاع على هذه المغاور والافادة علميا في الموضوع.