مع اقتراب المولد النبوي الشريف بدأت كميات «الزقوقو» تغزو الأسواق والفضاءات الكبرى...بين «ملهوف» على «صحفة الزقوقو» ورافض لها بسبب الأسعار أو ما التصق بها من صفة «البدعة». وراء واجهات «الزقوقو» المصففة بأشكالها وألوان من الحلوى والمكسرات تقف قصص لأياد حصدت وزرعت واستخرجت «الزقوقو» من حباته في حفر ساخنة ومظلمة وهو ما يفسر وصول سعر الزقوقو إلى 13 و 15 دينارا.
وفيما وصف البعض أسعار «الزقوقو» بالباهظة اعتبر آخرون أنها أفضل من السنة الماضية حيث وصل ثمن الكيلو غرام إلى 20 دينارا و18 دينارا...فيما رشح آخرون الأسعار إلى مزيد من الارتفاع مع اقتراب موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
صابة وأسعار
تحدث السيد يوسف السعداني المهندس العام ومدير التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالإدارة العامة للغابات بوزارة الفلاحة عن صابة هذا العام والتي وصفها بالجيدة. وفسر محدثنا ارتفاع أسعار «الزقوقو» بارتفاع تكلفة اليد العاملة التي مرت من حد 4.8 دنانير إلى أحد عشر دينارا وذلك بقرار سياسي نظرا إلى المجهود الشاق الذي تتكبده اليد العاملة.
وتشير التقديرات الى وجود مخزون بحوالي 100 طن من الزقوقو المتخلد بالذمة من السنة الماضية فيما تقدر صابة هذا العام بخوالي 350طنا. ويستهلك عشر التونسيين الزقوقو مما يجعل تقديرات الاستهلاك تصل إلى 250 طنا.
أما بخصوص أسباب ارتفاع الأسعار رغم توفر الكميات فتعود أساسا إلى مسالك الترويج ورغم قيام الوزارة باحتياطاتها فإن ما حصل بعد الثورة هو وجود عمليات احتكار من «التجار الكبار» ويعتبر السيد يوسف السعداني أنه ومع وجود كل هذه المعطيات ومع ارتفاع تكلفة اليد العاملة فإن الثمن المقدر بما بين 13 و 16 دينارا هو ثمن معقول وعادي.
استعمال ومصادر
يشير السيد يوسف السعداني إلى أن «الزقوقو» هو خاصية تونسية فلا يوجد بتركيا ولا سوريا ولا غيرها من البلدان أي استعمال لهذه المادة رغم أن «الزقوقو» المستعمل هو المسمى بالصنوبر الجبلي.
ويتم هذا العام استغلال الغابات الموجودة في الحدود مع الجزائر... كما يتم استخراج الزقوقو من الغابات الموجودة في باجة وسليانة والكاف والقصرين ومناطق من الشمال الغربي.
أما «الزقوقو» الموجود في منطقة عين دراهم وذو الحبة الكبيرة فهو ينتج عن الصنوبر البحري وهو غير قابل للإعداد كما له آثار جانبية ومشاكل صحية قد يتسبب فيها.
من جهة أخرى بدأت عادات استهلاك «الزقوقو» تدخل في مجالات أخرى حيث تستغله المطاعم ويتم استخدامه في انتاج الياغورت ومنتجات أخرى وتقدر الاستخدامات الجديدة لهذه المادة بحوالي 20 ٪ ومنها «الزقوقو» المرحي والمحول إلى علب.
خزن وتسمم
تقوم الفرق الصحية سنويا بمراقبة كميات «الزقوقو» المعروضة في الأسواق تجنبا للوقوع في مجموعة من المخاطر والمشاكل الصحية ويمكن ل «الزقوقو» الذي لا يقع خزنه بطريقة سليمة فيها التهوئة والإضاءة اللازمة أن يتسبب في تسميم المستهلك لذا فإن عددا من المحتكرين والمضاربين «بالزقوقو» قد يقعون في فخّ تلف منتوجهم وتحوله إلى منتوج «سام» غير قابل للاستهلاك. ويمكن لمن يقتني الزقوقو التثبت من جدته من خلال التذوق ومعرفة الزقوقو القديم بطراوته وتغير طعمه.
الأنامل السوداء
تعيش قرابة 3 آلاف ونصف من العائلات التونسية من منتوج الزقوقو واستخراجه وعادة ما يقوم كبار التجار والعائلات المعروفة باستغلال فترة العيد أو العودة المدرسية بعملية استخراج الصابة خاصة أنه في هذه الفترة تكون السيدات والأمهات والعائلات في حاجة إلى العمل مقابل مادي لتوفير حاجيات الأبناء للعودة المدرسية أو حاجيات العيد ويقوم «المقاول» بتقديم تسبقة لكن الثمن يكون بخسا.
وقد وقع الترفيع في ثمن اليد العاملة في مجال استخراج الزقوقو بداية من السنة الماضية. وتسعى الإدارة العامة للغابات لجعل أصحاب كل منطقة يستغلون غابتهم حتى تتم عملية الحفاظ على الغابة... كما تسعى إلى وضع عقود تحافظ على الطبيعة والأشجار خلال عملية الاستغلال.
ويبقى التونسي محافظا على عاداته في إعداد صحفة الزقوقو وسط تصاعد أصوات من السلفيين الذين يعتبرون الاحتفال بالمولد النبوي والاقبال على «الزقوقو» بدعة.