صدر للكاتب والباحث أحمد الحمروني مؤلف جديد «50 مدينة تونسية» عمل خلاله صاحبه على التوقف عند عديد المدن التونسية معرّفا بها... كاشفا حقائق تاريخية عن نشأتها وخصوصياتها. وقد اجتهد المؤلف لتحديد قائمة الخمسين مدينة في ان تكون ممثلة بمختلف جهات البلاد وحسب اختلاف اسهامها في التاريخ العام على قدر تميّزها بخصوصيات محلية دقيقة وخاصة وتفاصيل قلّما يهتم بها المؤرخ ويوليها ما تستحق من عناية واهتمام.
القارئ لهذا الكتاب الذي قدّم له الدكتور محمد حسين فنطر يشده الاسلوب الأدبي الذي صيغت به كل فقراته... ولا غرابة في ذلك فالمؤلف والباحث أحمد الحمروني وهو من الأساتذة المتميزين في التعليم الثانوي... جاء حديثه عن المدن التونسية ممتعا، مشوّقا، طريفا ثريا بالحقائق التاريخية دون إطالة تبعث على الضجر والملل..
«50 مدينة تونسية» عبارة عن رحلة تماهى فيها الأدب بالتاريخ والحضارة لترسم صورا ناصعة وهي إبراز لرصيد حضاري ابداعي لهذه المدن حيث يرسم لنا أحمد الحمروني الصورة الخاصة لكل مدينة... بكل خصوصياتها وزخمها التاريخي والثقافي بسلالة لفظية وأسلوب تعبيري مشوّق..
لكل مدينة حكاية ولكل منطقة حدث وحديث... فكأني بالقارئ أمام شريط وثائقي يصوّر هذه المدن ويكشف أسرارها.. ويمكن اعتباره وثيقة تاريخية هامة أعطاها أحمد الحمروني كل جهده ليؤكد من خلالها مكانة التونسي في حضارة المتوسط ودوره في الحوار بين ضفتيه على درب التنمية والسلم.
أحمد الحمروني مازال كما عهدته على امتداد سنوات طويلة عاشقا للتاريخ متجوّلا بين أسراره... كاشفا حقائقه بكل دقة منتصرا للهوية العربية التونسية.. ولا غرابة في ذلك على اعتبار ان في رصيد هذا الكاتب والباحث الهادئ عديد المؤلفات التي تكتب التاريخ من زوايا مختلفة منها على سبيل الذكر لا الحصر: «تستور: تاريخ ورحلات» «صالح الخميسي حياة وفن» «الشمال الغربي التونسي».. «بلاد باجة: مدائن ومعالم وأعلام»... «حبيبة مسيكة: حياة وفن».. وجاء «50 مدينة تونسية» ليدعّم ويؤكد هذا التوجه التوثيقي المعرفي التأريخي.