مصير التحالف بين النهضة والتكتل والمؤتمر (الترويكا الحاكمة) يبدو أنه اضحى يطرح اكثر من سؤال خاصة باشتداد الخلافات والتجاذبات حول التحوير الوزاري. برزت منذ فترة الاختلافات في وجهات النظر في صفوف التحالف الاسلامي العلماني ان صح التعبير وقد أثار مثلا تضمين توطئة الدستور وتطبيق الشريعة جدلا كبيرا ليبرز بأكثر حدة في الفترة الأخيرة مع المساعي التي يقوم بها السيد حمادي الجبالي إلى التحوير الوزاري.
وبعد سلسلة من التجاذبات ( قضية البغدادي المحمودي ، التعيينات والتسميات، الهيمنة على مفاصل الدولة ...) جاءت مفاوضات التحوير الوزاري بين الاطراف المشكلة للائتلاف الحاكم وهل يمكن أن يؤدي الخلاف الذي لم يحسم بعد الى العصف بهذه التجربة ؟.
أفاد وليد البناني (القيادي في حركة النهضة) أن العلاقة بين مختلف مكونات الترويكا لا يمكن أن يؤثر فيها التحوير الوزاري وقال: «نحن في التحالف الحاكم بصدد وضع اللمسات الأخيرة وفي المرحلة الاخيرة وتوجد مساع من طرف حركة النهضة إلى تقريب وجهات النظر ومازالت تكبلنا بعض الاختلافات في وجهات النظر والتي سيتم الحسم فيها اليوم الجمعة بعد عقد لقاء بمجلس الشورى.
واعتبر أن الحركة تحرص على التواصل مع الترويكا وقامت بتقديم اقتراحاتها لرئيس الحكومة كما أن التكتل والمؤتمر قدما اقتراحاتهما. وعما يقال حول الاختلافات قال: «في كل أي ائتلاف حاكم توجد اختلافات في وجهات النظر فذلك من طبيعة التحالفات بل إنه حتى داخل الحزب الواحد توجد اختلافات وما يهم هو توفير آليات في الترويكا لتقريب وجهات النظر وللخروج بموقف يخدم مصلحة البلاد.
أما الأستاذ توفيق بوعشبة (رئيس الجمعية التونسية للحكم الرشيد) فقد أشار الى الصعوبة الكبرى التي تعلقت بانجاز تحوير وزاري اتضح للكثيرين أنه كان مطلوبا وقال: «المطلب الأبرز في موضوع التحوير الوزاري هو المتعلق بوزارات السيادة وبخاصة وزارتي العدل والخارجية على اعتبار أن هناك مشاكل حقيقية على مستوى هاتين الوزارتين الأساسيتين فالسياسة الخارجية التونسية متعثرة وما يزيد الطين بلة التفاوت في التوجهات بين رئيس الجمهورية الذي يتدخل في الشأن الخارجي وما يصدر عن وزارة الخارجية من مواقف الأمر الذي يجعل السياسة الخارجية اليوم في وضع رديء لا يخدم مصلحة البلاد ولا الشعب (...) كما أن وزارة العدل يجب اسنادها الى شخصية كفأة ومستقلة.
تأثير التحوير
في ما يتعلق بتأثير التحوير الوزاري المرتقب على مستقبل الترويكا أعتقد أن هذا رهين نصيب كل من التكتل والمؤتمر في الحكومة الجديدة التي ينتظر اقرارها ونعرف أن التكتل على وجه الخصوص له بعض الاشتراطات التي قد يستجاب لها وقد لا يستجاب, وان كان في الحقيقة التكتل كحزب في الترويكا ليس له اليوم الوزن الذي يسمح له بفرض اشتراطاته ولعل هذا ما يجعله يلوح بين الفينة والأخرى بامكانية مراجعة بقائه في التحالف الحاكم وهذا يدخل في الحسابات التي يجريها التكتل بالعلاقة مع الانتخابات المقبلة والتي سيخوضها وهو ضعيف بكل تأكيد.
أما اذا اتسع التحوير الوزاري الى شخصيات من خارج الترويكا فان ذلك سيؤثر حتما على الترويكا الحالية اذ يمكن لشخصيات جديدة من خارج الترويكا الحالية من الذين يلتحقون في الحكومة الحالية أن يكونوا أكثر فاعلية وأكثر قدرة على تسيير القطاعات الراجعة اليهم بالنظر وتنفيذ سياسات بصورة أفضل مما فعله وزراء الترويكا الى حد الآن».
وأشار الأستاذ توفيق بوعشبة الى أنه يعتقد أن التحوير الوزاري لن يحقق فعلا ما هو منتظر منه (مع امكانية حصول بعض التحسينات في الأداء الحكومي) طالما أنه لم يقع التوجه الى تغيير جذري للحكومة بحيث تسند الأمور الى كفاءات وتكنوقراط يسيّرون الوزارات وينجزون مجمل العمل الحكومي الى غاية موعد الانتخابات.