يتصدر الغلاء اهتمام التونسي ذلك أنه لم يمسّ قطاعا دون آخر بل شمل كل المواد الضرورية الكمالية فلا يكاد يخلو مكان من تذمر التونسي من غلاء المعيشة الذي أصبح لا يطاق ...والغريب أن الأسعار تسير في اتجاه تصاعدي مستمرّ لا يتوقف.... ويبقى صوت التونسي غير مسموع أمام انشغال الساسة والمنشغلين «بحرب الكراسي...» شبكات التواصل الاجتماعي لا تخلو من النقد اللاذع للحكومة التي تستمع إلى شكوى المستهلك ولا تهتم سوى بالبقاء في السلطة والنقد طال كل الطبقات السياسية تقريبا التي لا تلتفت إلى مشاغل المواطن سوى في حملاتها الانتخابية وهذا النقد نلمسه في حديثنا إلى عدد من التونسيين من بينهم السيدة بن رمضان التي تقول «لم يعد للتونسي قفة لأنها لم تعد تمتلئ، ونلاحظ نادرا ما يعترضه رب أسرة حاملا قفة وحتى إن حملها فانه غير قادر على ملئها» وتضيف «لا أكل ولا سكن وزاد علينا الخوف فالنخبة التي تسيّر البلاد ضيعتها»...كراسيهم لا تهمنا لكن عليهم أن يتركونا نعيش»
تجويع
من جهتها ذكرت السيدة دلولة أن التونسي عليه أن يختار إما أن يأكل أو أن يسكن أن يعالج ذلك أن دخله مهما بلغ فان القفة تلتهمه...وأضافت «التونسي يحب يعيش أما موش خالط».
السرقة والغش
ومن جهتها تذمرت جميلة من السرقة والغش وغياب المراقبة وأضافت لم نعد قادرين حتى على شراء الضرويات من خضر ولحم فصحن «الشكشوكة» لم يعد للزوالي ولحم الضأن من العيد إلى العيد ولا أحد يشعر بمعاناة المواطن...
«تاعبة أصل»
هذا الوصف الذي ذكره مواطن من جمال والذي لقي صداه لدى فئة واسعة من التونسيين لخص حال التونسي الذي أعياه الغلاء المتواصل إذ لا يكاد يمرّ يوم دون ان يشهد ارتفاعا في الأسعار لذلك تقول السيدة عزيزة ان الراتب واحد ووجهات انفاقه كثيرة ومع ذلك لم يعد المواطن يجد من يعينه على «همّ الزمان» فالكل منشغل في ترفيع ميزانيته وضاع «الزوالي» لأن الفقر طال الأغلبية الساحقة من التونسيين بسبب تواصل الغلاء والفساد والغش...
«هرمنا»
على صفحات ال«فايس بوك» ذكر أحدهم لصاحب مقولة «هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية «إنك هرمت في 53 سنة أما نحن فقد هرمنا في سنة واحدة بسبب الغلاء»
تذكرت هذه المقولة وأنا أتحدث إلى السيد كمال النغموشي (متقاعد) الذي كان يسيرهائما على وجهه وهو حال جلّ التونسيين الذين لم يعودوا قادرين على تصريف أمورهم وتلبية حاجيات أسرهم الضرورية رغم التقشف يقول النغموشي «لقد تعبنا ولم نعد قادرين على مواكبة الغلاء ولا مجال للحديث عن قفة فالتونسي يحمل 20 أو 30 دينارا للسوق ولا يمكنه مع ذلك الإلتفات إلى اللحوم حتى البيضاء منها... ارتفاع الأسعار المتواصل تنضاف إليه الزيادات غير المشروعة التي يفرضها التجار في كل المواد تقريبا مستغلين غياب المراقبة والانفلات الذي تعيشه البلاد وأضاف أنا موظف متقاعد أحصل على جراية ب 700 دينار ولدي قرض لتحسين المسكن وزوجتي مريضة بمرض مزمن يتطلب علاجا شهريا بأكثر من 100 دينار ولي أربعة أبناء كلهم يدرسون فكيف أوجه هذه الميزانية للأكل أم فواتير الماء والكهرباء أو العلاج أو للملابس ولسائر النفقات اليومية والأداءات التي تفاجئنا من حين إلى آخر... هذا هو حالي وحال آلاف التونسيين .
17 ٪ يأكلون اللحوم
قفة التونسي ليست خضرا وغلالا ولحوما فحسب ذلك أن فيها الزيت والبهارات والطماطم والهريسة وفيها مستلزمات تنظيف المنزل ومواد تنظيف للجسم فكلنا يعلم أن للمنزل طلبات كثيرة كلها ضرورية وكلها شهدت ارتفاعا صاروخيا لذلك فإن التونسي يلجأ إلى التقشف لتوفير البعض من هذه المستلزمات على حساب لقمة عيشه وقد وضحت دراسة حديثة أن 17 ٪ من الأسر التونسية لا تستهلك اللحوم بكل أنواعها لأنها غير قادرة ماديا على ذلك مما يهدد فئة واسعة بسوء التغذية.