كيف سيتم التعامل مع الجهاديين الذين سيعودون من مالي وسوريا خلال أسابيع أو أشهر إلى أرض الوطن؟ صحيح أنه لا توجد أرقام دقيقة حول عددهم ان كان بالعشرات أو بالمئات لكن عدم تأطيرهم بعد العودة سيمثل خطرا على أمن تونس. هذا الملف كان قد نبه إليه منذ فترة الأستاذ الجامعي علية العلاني المختص في الجماعات الجهادية وأكد ل «الشروق» أن التعامل مع هذا الملف يجب أن يكون عبر استعداد الحكومة للتعامل معهم عبر مقاربتين الأولى أمنية والثانية سياسية لكن دون التعدي على حقوقهم.
مقاربات ممكنة
وفي مجال المقاربة الأمنية نصح السلط الأمنية والعسكرية بمعرفة مسار نشاطهم بالمنطقة التى كانوا يحاربون بها وفي مجال المقاربة السياسية لابد من اقامة حوار مرجعيات فكرية لتجعلهم يبتعدون عن العنف والتصفيات الجسدية ومنعهم من حمل السلاح ضد السلطة ولا يقف تأطير هذه الجماعات عند الحوار بل يدعو إلى تمكينهم من مصدر رزق حتى لا يتم استغلال حاجتهم المادية وتجنيدهم من الجماعات الجهادية وبذلك يمكن تقليص النشاطات الجهادية حسب رأيه التي قد تبقى في اطار ضيق يمكن السيطرة عليه علما وأن جل المقاتلين الذين ذهبوا للحرب في مالي وسوريا هم من الطلبة والعاطلين الذين يسافرون في الغالب دون علم أهلهم ...وبخصوص عدد هؤلاء المقاتلين ذكر نفس المصدر أنهم لا يتجاوزون 500 شخص نحو 400 منهم ذهبوا للقتال في سوريا وبالتالي فإن عددهم لا يتجاوز المئات وامكانية تأطيرهم ممكنة ولا وجود لصعوبة كبيرة في احتوائهم لكن دون أن يخفي أن هذا الملف شائك جدا.
بضع عشرات
من جهته ذكر الاعلامي المختص في الحركات الجهادية هادي يحمد أن أعداد المقاتلين التونسيين في مالي وسوريا لا يتعدى بضع عشرات حتى لا نقول مئات ورغم عدم توفر أرقام دقيقة لكن ما أوردته مؤخرا جريدة «الشروق الجزائرية» من أن عددهم 12 ألف مقاتل تونسي رقم مضخم ومبالغ فيه ولا يخفي أن إيراده فيه أسلوب تخويف يراد به التوظيف السياسي لخلق فزاعة جديدة لكن ذلك لا ينقص من خطورة المسألة ووضع أعداد الذين سافروا محل متابعة ومصدر تشكيك في تضخيم الرقم الذي أوردته الصحيفة الجزائرية والخلفية السياسية لذلك والاعلان عن عودتهم في هذا التوقيت بالذات في نفس الصحيفة رغم نفي أنصار الشريعة لهذا المعطى.
احتراز
لكن الاحتراز حول عدد الجهاديين لا يعني عدم وجود خطورة في عودتهم إلى تونس فمن المفيد النظر في التجارب السابقة ذلك أن عودتهم من أفغانستان في الثمانينات بأفواج كبير إلى تونسوالجزائر ومصر.
كانت لها تبعات فيما بعد عرفت بالمرحلة الدامية التي عاشتها الجزائر وعن كيفية التعامل معهم عند العودة إلى تونس فان الملف أمني بدرجة أولى ومن المهم التفكير في كيفية ترويض هذا التيار في تونس صحيح أن تونس حاليا بالنسبة إليهم ليست أرض جهاد لكن نحن أمام فرضية مشروطة لا تنفي تحولها إلى أرض جهاد إذا لم تتوفر شروط معينة في المستقبل ومن بين هذه الشروط عدم إتحاحة الفرصة لهم للعمل بحرية في تونس.
وعموما ذكر السيد هادي يحمد أن أعداد التيار السلفي الجهادي الذي يعد أكثر التيارات التي ترسل الجهاديين الى الخارج لا يتجاوز أعداد المنتمين إليه حسب التقديرات ما بين 10 إلى 15 ألف شخص في تونس مما يعني أن عدد الذين سافروا للقتال لا يتجاوز 100 شخص لكن حتى وإن كان عدد المقاتلين لا يتعدى العشرات فان هذا الملف حساس أمنيا فما هو مصير هؤلاء التونسيين العائدين من الحروب بعد تجارب قتال فالمسألة خطيرة خاصة وأن لهم تجربة مع السلاح لذلك فالملف حساس ومعالجته أمنية أساسا.
وزارة الداخلية
من جهة أخرى اتصلنا بمصادر من وزارة الداخلية لمعرفة الاستعدادات الأمنية للعودة المرتقبة للجهاديين وأعدادهم حسب التوقعات الرسمية ومازلنا ننتظر الرّد.