آبار جاهزة لا تعوقها إلا ترتيبات إدارية وأخرى معطلة بفعل قوالب بيروقراطية جامدة وانحباس للأمطار زاد الطين بلة في منطقة مازالت فيها الفلاحة تمثل ركيزة للاستقرار الاجتماعي ولدورة الحياة. مجموعة من شواغل الفلاحين تنقلها «الشروق» عن السيد نبيل تومية رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بالمنستير.
بدأنا الحديث بموسم جني الزيتون الذي قال محدثنا إنه تم بنسبة 100% تقريبا بنجاح ولم تسجل فيه عوائق تذكر. محدثنا كان قد توقع في حديث سابق له معنا ارتفاعا لأسعار الزيت إلى حدود لا تقل عن الخمسة دنانير للتر الواحد وهو اليوم يرفع من سقف توقعاته الثابتة حسب رأيه إلى ما يزيد على الستة دنانير ويعلل هذا الارتفاع المرتقب قريبا بتنامي طلبات التصدير وبما عاشته الجهات المنتجة للزيت من انحباس للأمطار إلى حدود كتابة هذا المقال.
يقول محدثنا «نحن في جهة بإمكانها مضاعفة إنتاجها الفلاحي لولا نقص مياه الري الذي يشكل عائقا متفاقم الحدة في تعطيل الفلاحين عن العمل والبلوغ بالإنتاج إلى مستويات باهرة مؤكدة».
سألنا السيد تومية عن أسباب هذا النقص في مياه الري وهل من حلول للمشكل فأجاب بأنّ «الحلول ممكنة وبعضها موجود ولا تعطله إلا عراقيل إدارية لا نفهمها وشكليات بيروقراطية مقيتة من ذلك مثلا توجد في منطقة «الغنادة» وهي من أرياف ولاية المنستير المهمشة بئران عميقتان جاهزتان للاستعمال الفوري قادرتان على دعم الإنتاج الفلاحي في الجهة وتشغيل أعداد معتبرة من الفلاحين... البئران الآن في حالة انتظار بسبب تعطيلات لا نعرف مأتاها إلا أن تكون شكليات إدارية بيروقراطية.»
وغير بعيد عن هذا تعيش المناطق السقوية في البقالطة وطبلبة وبنبلة نوعا من الركود أما السبب فهو كذلك قوالب إدارية جامدة، ففي بنبلة مثلا اضطر بعض الفلاحين إلى تغيير مواقع مستغلاتهم الزراعية تجنبا لكلل الأرض واستنفاد خصوبتها وبعض المستغلات الجديدة تقع خارج التحديد الإداري الفلاحي للمنطقة السقوية وهذا التصرف رفضته مراجع النظر المسؤولة شكلا ومضمونا ومنعت المعنيين به من ري أراضيهم علما أن الكثير منهم قد تورط في تجهيز المستغلات الجديدة وصرفوا أموالهم في ذلك».
على هذا النحو يقف الشكل القانوني الجامد أمام توفير الخيرات الفلاحية ويعيق الناس من إنتاج الثروة فينتشر بينهم الامتعاض ويلزمون العجز والبطالة رغم أنوفهم.
السيد رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحين يضيف «خذ عجيبة أخرى إدارية معطلة وتصور أن 100 فلاح مازالوا ينتظرون نصيبهم من تعويض عن أضرار رياح هبت في شهر مارس من السنة الفارطة علما أن اعتمادات التعويض مرصودة وموجودة منذ مدة ولا ننتظر إلا الإذن بالصرف إلى مستحقيها».
السيد نبيل تومية ينتهي في كلامه إلى أن القطاع الفلاحي في جهة المنستير بقدر ما هو مبشر بآفاق واسعة نظرا لما تتمتع به المنطقة من ملكات إنتاجية وقدرات كبيرة بقدر ما يبقى مهددا بأزمة نقص المياه التي يعتبر التسريع بتنفيذ حلولها حيويا بالنسبة لقطاع الفلاحة في جهة المنستير وهذا ممكن خاصة أن تقنية تحلية المياه أصبحت متاحة في الواقع ولا تعيقها إلا بعض التدابير وأن مشاريع الزيادة في تزويد الجهة بمياه الري جاهزة ولا ينقصها إلا التفعيل.