بعد عام من رحيله احتفت دار الثقافة ابن خلدون بالشاعر عمار منصور الذي كان صوتا من أصوات الحرية. في فيفري من العام الماضي رحل الشاعر والمناضل عمار منصور بعد رحلة مع المرض الذي لم يمهله كثيرا، ولد عمار منصور في قرية المنصورة من ضواحي مدينة قبلي وقضى ثلاث سنوات من اجمل سنوات شبابه في سجن برج الرومي ضمن مجموعة آفاق اليسارية وبعد خروجه من السجن أصر على مواصلة تعليمه الذي حرم منه في كلية الآداب والعلوم الانسانية بتونس بالتوازي مع العمل الصحفي.
وطيلة هذه الفترة كان عمار يكتب في صمت زاهدا في الظهور الإعلامي، كان عمار شاعرا خجولا ومكتبة متنقلة يحفظ آلاف القصائد من كل عصور الشعر العربي منكبا على كتابة قصائده في صمت رافضا النشر منصتا الى أصوات نفسه.
عاش عمار الشعر ولم يكتبه فقط وفي الذكرى الاولى لرحيله حضر عدد من أصدقائه اغلبهم من قدماء مساجين آفاق ليتحدثوا عن عمار شاعرا وإنسانا ومناضلا وقد كانت هذه الشهادات مفعمة بالحميمية التي كانت روح عمار المتوهجة رغم الأسى والإحباط الذي عاناه بسبب الظروف العامة في البلاد.
حضر الحبيب بلهادي ومنصف الهاني ومنصور منصور والعربي بن حمادي واحمد كرعود وعبدالكريم الزمزاريً وعمار الزمزمي ومحمد صالح فليس وفتحي بلحاج يحي والصادق بن مهني وعبدالكريم قابوس والطيب بن رجب كما حضر الموسيقيون جمال قلة وسيف الدين بن مهني ووناس خليجان وإحسان ورضا الشمك ونداء وفداء الهاني والشاعر سليم ساسي لتحية عمار منصور.
قصائد مهربة من السجن
بمناسبة الذكرى الاولى لرحيله أصدرت عائلته مجموعة شعرية لعمار كتبها في السجن مطلع السبعينات بعنوان قصائد مهربة من السجن وقد حققها عمار العربي الزمزمي الذي رافقه منذ سنوات الطفولة والصبا في واحة المنصورة وقد مثل التقديم الذي كتبه عمار العربي الزمزمي شهادة عن هذا الشاعر الاستثنائي الذي قاوم الاستبداد في صمت ودفع ثلاث سنوات من عمره من اجل الحلم بالحرية وبالعدالة الاجتماعية مثل كل أطياف اليسار.
وعلى عكس الكثيرين لم يكن عمار يتحدث عن مرحلة السجن ولم يكن يعتبر ذلك بطولة ولا تضحية وقد حافظ عمار دائماً على استقلالية مواقفه حتى تجاه التنظيم اليساري الذي انتمى اليه فعمار منصور كان « نسيج روحه « ولا يشبه أحدا الا نفسه!
رحم الله عمار وكان قصائده التي كتبها قبل أربعين عاما كتبت قبل اشهر فقط وهو يبشر بالثورة التي «ستدخل كل دار» ويحذر من «رسل الخراب والدمار».