إن رأيت بعضا من «الثوار» يثورون على استبداد الحاكم العربي – وهو كذلك – ويتحالفون مع استبداد البنوك الدولية واستعباد رؤوس الأموال الإقليمية ... فأهلا بك في بلدان العرب.. وإن رأيت «الثائر» ينتفض على فساد العائلات الحاكمة العربية – وهي كذلك – ويرتمي في أحضان العائلات العربية الحاكمة الأكثر فسادا واستبدادا واستعبادا ... فمرحبا بك في «منطق» الثوار العرب...
وإن ابصرت «الثائر» يمتعض ويندد بإعلام النظام الفاسد وصحافة الرجل الواحد والحزب الأوحد – وهي كذلك – وينتشي ب«الغوبلزيات» الجديدة وبارونات إعلام البترودولار وتضليل قنوات البث المباشر ومحطات الربيع العربي غير الخليجي ... فأنت بالتأكيد في ضيافة العقل العربي «الثائر»...
وإن نظرت إلى الثائر يقدم «النزاع» الفقهي «السني الشيعي» على الصراع العربي الصهيوني وحتى الإسلامي الإسرائيلي ويطعّم خطابه بمفاهيم «الطواغيت العلويين» والجبابرة الروافض والصليبيين ... فأنت في حضن الخطاب الثوري العربي..
وإن رأيت «الثائر» لايرى «جهادا» إلا في دمشق الشام أو في طرابلس الغرب ويصم أذناه عن فلسطين المغتصبة والقدس المنهوبة وبغداد المحتلة وكابول المنتهكة ويستغشى ثيابه كلما حدثته عن إمبراطورية القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج وعن سفارات الكيان الصهيوني في ارض العرب ... فانت أمام ثوار القرن الحادي والعشرين...
وإن استمعت إلى من كنا نسميهم «بقادة» المقاومة الفلسطينية يتغنون بوريث آل عثمان وسليل الباب العالي ... رجب طيب أردوغان... الذي فتح أرضه لقواعد الأمريكان .. صديق الصهاينة وحليف الناتو وقريب النادي الأوروبي...أو هم يمجدون «والي» إمارة قطر – وهو لا يقل «وطنية» و«قومية» عن صديقه اردوغان - ويهاجمون من وقف معهم زمن اللاقريب واللاصديق ومن تحالف معهم وقت الضيق ومن استضافهم ظرف «الحرب على الإرهاب» ... فاعلم أنك مع الثوار الجدد.
وإن شاهدت الثائر يعانق الصهيوني «هنري برنار ليفي» ويجالس فقهاء قطر وعلماء حمد .. ويرسل من طرف خفي رسائل الغزل إلى تل أبيب .. فثق أنك في زمن الردة والغربة.
وإن نظرت إلى رؤساء ربيع العرب ... وهم يحرضون على سوريا ويتآلبون على الشام وينعتون جيشها وأمنها بقوات الاحتلال الداخلي ويغلقون سفاراتهم من «الفيحاء والشهباء» ويسحبون سفرائهم منها ... ثم بعد ذلك يستغربون من تقاطر الآلاف من ابناء تونس إلى سوريا ويتعجبون من موسم الهجرة الجهادية إلى الشام ... فاعلم أنك في ضيافة عقل «MADE IN QATAR» .
وإن رأيت جامعة عربية – انتفت منها معالم الجامعة والعروبة – تجند مالها وقممها .. مسؤوليها وبياناتها ... مراقبيها وموظفيها من أجل إسقاط دولة مؤسسة لها وتتحول إلى بندقية للإيجار ضد عواصم العرب ... فاعلم أنك في زمان لا نبل فيه ولا عروبة لأصحابه حتى وإن كانت اسماؤهم تحمل «نبلا» و«عروبة». وإن رأيت نفسك متهما من طرفي الأزمة السورية ومدانا من قبل صوتي التطرف في الملف السوري ... فاعلم أنك في ضيافة الأخلاق زمن اللا أخلاق والمبدأ وقت اللامبدإ..
وإن رأيت كل ذلك أمام بصرك .. فاعلم أنك في غربة الثوار الحقيقيين وانك على الحق المبين ... مهما قل عدد الأنصار ... والسالكين