منذ مدّة يشعر المتابع للساحة الشعرية في بلادنا أن توقا الى البروز، حمل بعض الشعراء على الاعلان عن تأسيس تجمع أدبي ما... وكثرت التجمعات الأدبية هنا وهناك، ولكنها تنتهي مع الاعلان عن بدايتها... 1) كان الانطلاق مع مجموعة كانت الأطول أمدا، وهي «التجمع التسعيني»... رفع لواء هذا التجمع الثنائي: محمد بن صالح بن عمر ومحمد المي... عرف الأول ناقدا بارزا في حركة الطليعة الأدبية أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين وبالتالي فالرجل متجذر في المساهمة وتأسيس مثل هذه التجمعات... أما محمد المي، فهو الناقد الشاب الذي تميز بشدّة حضوره على الساحة الثقافية... وعزّز موقعهما وجود دار للنشر يتعامل معها بن عمر... وتجمع حول الثنائي عدد من الشباب نذكر منهم على سبيل المثال، لا الحصر: عادل المعيزي، ومجدي بن عيسى، ورحيم الجماعي وغيرهم... وظهرت مجموعات شعرية لعدد من هؤلاء الشبان طبعت بدار الخدمات العامة للنشر، وتم تعزيزها بدراسات نقدية لها، ثم بتنظيم مواعيد للأدب التسعيني... لكن هذا التجمع الأدبي انتهى بسرعة لاسباب أهمها: * تمّ الاعلان عن التجمع لشعراء لا رابطة لهم سوى السن وبداية النشر. * تحديد عقد من الزمن صفة لشعراء هذا التجمع... أي موت هذا التجمع مع نهاية هذا العقد التسعيني. * كان التبشير بهذا التجمع ونقد انجازاته في المتن الشعري نابعا من خارج أصحابه... أي عوضا أن يكون المبشرون بهذا التجمع التسعيني، هم التسعينيون أنفسهم... كان محمد بن صالح بن عمر وكذلك محمد المي، هما المبشران والموجهان والناقدان... فظهر التكلف واضحا، وبرز التصنع جليا... فانهار الصرح رغم جهود الثنائي بن عمر والمي... 2) «جماعة المتروبول» والتي يمثلها كل من: محمد الهادي الجزيري، وظافر ناجي، ومحمد المي وسامي السنوسي وعزالدين بن محمود، وعادل معيزي... وظهرت هذه الجماعة سنة 2003، ومنها من انتمى الى «التجمع التسعيني»... وللحقيقة نقول أن «جماعة المتروبول» أرسخ قدما من التسعينيين في حقول الابداع والكتابة، كما أنهم أنضج تجربة... ورغم محاولة بعضهم التنظير لها، الا أنها لم تخلف بصمات، ولم تسجل أثرا على الساحة الأدبية حتى أن المتابع للحركة الأدبية يعتبرها أي الجماعة تجمعا لشعراء وقصاصين وروائيين يلتقون في مقهى «المتروبول» لا غير... ولكن الطريق مازال طويلا لاصحابها، وبامكانهم ترسيخ أقدامهم... 3) الجماعة الكونية: هي مجموعة تضم كلاّ من: سمير العبدلي ورحيم الجماعي وعمار النميري وعبد الدائم السلامي وسعاد الشايب ومبروك غراب وجلول عزونة و»غيرهم» حسب رأي سمير العبدلي في احدى تصريحاته لاحدى الصحف الاسبوعية... يقول عنها سمير العبدلي: «جماعة الكون تدعو الى صراعات أدبية داخل النصوص وليس خارجها»، وهم أي المنتمون يدعون الى القيم الانسانية الفاضلة... فرؤيتهم كونية... ولكن اي انجاز يجسم هذا في آثار هؤلاء؟ 4) جماعة الخوارج الابداعية: وهي كل الادباء التونسيين الموجودين خارج هذه التقسيمات المفتعلة سواء كانوا داخل العاصمة او خارجها... ويمكن القول عنها: انها الواقع الحقيقي للحركة الأدبية في بلادنا... فهي تجمع الأدباء بمختلف مللهم ونحلهم، ورغم وجود اكثرهم بعيدا عن الأضواء فهم الذين يجسمون المشهد الأدبي بكل تلقائية. 5) آخر القول: إن الساحة الادبية في تونس في حاجة الى التثوير الابداعي وطرق أبواب التجريب في الخلق والابداع... ان الساحة الأدبية في حاجة الى الارتجاج في الذهن. وخلخلة السائد، وتكون الحركة والتقدم أساسا للادب في بلادنا... أما التقسيمات الزائفة فسوف تتبخر دون أن تترك أثرا...