عقدت لجنة الشؤون الاجتماعية والصحة العمومية بمجلس النواب بداية هذا الأسبوع جلسة نظرت خلالها في مشروع قانون يتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 83 لسنة 1992 المؤرخ في 3 أوت 199 والمتعلق بالصحة العقلية وبشروط الإيواء في المستشفى بسبب اضطرابات عقلية بعد أن أصبح من الضروري مراجعته بمرور أزيد من عشر سنوات. وفي هذا الإطار يتعرّض المشروع المقترح والذي سيعرض في وقت لاحق على جلسة عامة لمجلس النواب للمناقشة النهائية والمصادقة على حالة الشخص الذي يكون محل تتبّع جزائي ويبرز من خلال التحقيق معه احتمال اصابته باضطرابات عقلية تحتم إخضاعه للملاحظة للتأكّد من مدى سلامة مداركه العقلية بعد أن تبيّن في العديد من القضايا أنه يتم ايداع المتهمين بمؤسسات استشفائية قصد اخضاعهم للملاحظة والفحص للتثبّت من حقيقة حالتهم الصحية وتحديد مدى مسؤوليتهم عن الأفعال التي يجري تتبعهم من أجلها ويعتبر هذا الايواء صورة من صور الايواء الوجوبي وهو ما لم يتطرّق اليه التشريع المعتمد حاليا ووجب لذلك التنصيص على الحالة المذكورة على اعتبارها من ضمن حالات الايواء دون الرضى. الإيواء كما تطرّقت أحكام المشروع المقترح الى الوضعية التي يتبيّن فيها للطبيب النفساني المباشر بالقسم الاستعجالي بالهياكل الصحية العمومية عند فحصه للمريض أن حالة هذا الأخير وتصرّفاته تكشف عن اضطرابات عقلية واضحة تشكّل خطرا عليه وعلى الآخرين وتستوجب من الناحية الطبية إيواءه غير أن المؤسسة الاستشفائية لا يمكنها في مثل هذه الحالة وفي ظل التشريع الحالي القيام بذلك خصوصا وأن الأيواء الوجوبي يشكل مساسا بالحرية الشخصية للفرد، حيث لم تدرج الحالة المشار اليها ضمن صور الايواء دون الرضى في القانون السابق والذي يعتبرها ايواء استعجاليا في انتظار إحالة ا لملف الى السلطة القضائية لذلك تم ضمن المشروع الجديد المقترح السماح بالايواء مع اشتراط اعلام وكيل الجمهورية بذلك في ظرف 24 ساعة من قبل المريض بالقسم الاستعجالي وبيان فترة الايواء التي تتطلبها حالته الصحية مع الاشارة الى أنه في صورة عدم صدور قرار من وكيل الجمهورية أو في صورة صدور قرار عنه دون اعلام مدير المسشتفى أو من ينوبه به في ظرف 4 أيام من تاريخ توجيه الاعلام الى وكيل الجمهورية يتمّ وجوبا رفع الإيواء وذلك مراعاة لحقوق المريض وحريته. رفع الإيواء وفي ما يخص اجراءات رفع الإيواء بالنسبة للمريض الذي انهى العلاج بالمؤسسة التي تمّ إيواؤه بها ولتجنّب ابقاء المريض بالمستشفى فترة اضافية الى حين صدور قرار رفع الايواء من المحكمة واعلام المؤسسة بذلك فقد نصت أحكام المشروع المقترح على ضرورة قيام مدير المؤسسة الاستشفائية بعرض الأمر على المحكمة المختصة ترابيا لاصدار قرار في رفع الإيواء وعلى رئيس المحكمة البتّ في ذلك دون تأخير واعلام إدارة المستشفى بقراره في ظرف 48 ساعة على أقصى تقدير يرفع الايواء بعدها وجوبا. وحرصا على مزيد الاحاطة والموضوعية في معالجة ملفات الأشخاص الذين تحصّلوا على قرار في حفظ التهمة أو حكم بإخلاء السبيل أو عدم سماع الدعوى نظرا لاختلال مداركه العقلية فقد اقترح المشرّع أن لا يتم رفع الإيواء الا بناء على رأي لجنة تتركب من 3 أطباء نفسانيين يعيّنهم رئيس المحكمة الابتدائية التي توجد بدائرتها مقر إقامة الشخص المراد رفع الإيواء عنه ولا يكون من بينهم الطبيب المباشر للمريض أو الطبيب الخبير الذي سبق له أن أدلى برأيه الطبي عند إيواء المريض. ولمتابعة تطوّر حالة المريض بعد رفع الإيواء عنه نصّت أحكام الفصل 30 المقترح على امكانية أن يأذن رئيس المحكمة الابتدائية المختصة للمريض بعد رفع الإيواء عنه بالمثول لدى المؤسسة الذي تمّ ايواؤه بها في فترات دورية يحدّدها الطبيب المباشر للمريض قصد متابعة تطوّر حالته الصحية بعد أن أكّدت التجربة أن عددا من المرضى يرفضون الخضوع الى المراقبة في المسار العلاجي المحدّد على أهميته لصحة المريض ومصلحة المجتمع. وسعيا الى تحسين ظروف التعهّد بالمرضى المصابين باضطرابات عقلية وتوفير الضمانات الكافية لهم فقد نصّ القانون المقترح على أن ايواء المريض في نطاق الإيواء الوجوبي لا يتمّ الا بعد الادلاء بقرار رئيس المحكمة الصادر في الغرض لتلافي كل الثغرات الموجودة، كما تمّ التأكيد على أن إيواء المريض وجوبيا يتم بأقرب مؤسسة استشفائية عمومية من مقر إقامته ويكون بها قسم مختص في الأمراض العقلية وذلك لتوفير الاحاطة العائلية له لأن ذلك من العوامل المساعدة على العلاج والاسراع فيه وهو ما ينسجم مع التوجه الذي شرعت الوزارة في تطبيقه منذ سبتمبر 2000 والمتمثل في تطبيق نظام التقسيم الجغرافي. ونظرا الى أن التشريع المعتمد حاليا لا يُوضّح نظام تحمّل المصاريف بالنسبة للمرضى الخاضعين الى نظام الايواء الوجوبي فإن المشرّع وضّح في القانون الجديد القواعد المنطبقة على نظام تحمّل مصاريف ونفقات علاج الأشخاص الذين تمّ إخضاعهم الى نظام الايواء الوجوبي بالتنصيص على أن الدولة هي التي تتحمّل نفقات علاج وإيواء الأشخاص المرضى الذين يخضعون لهذا النظام. كما سعى المشروع المعروض الى مزيد توضيح مسؤولية مدير المستشفى وتوسيع نطاق المسؤولية الجزائية له وتحميله مسؤولية احترام كامل أحكام الفصل 15 من القانون.