قرأت مقالات عديدة عن مشروع اصلاح نظام التأمين على المرض بجريدتكم الموقرة «الشروق» التي أطالعها يوميا منذ تخرجي من كلية الطب. وفي كل مرة ينتهي المقال بنفس التذكير. ألا وهو أن المداولات متواصلة! وهذه بعض الملاحظات والتعليقات التي أسوقها كمواطن من ناحية وكطبيب عام حر من ناحية أخرى وأرجو أن تحظى بالاهتمام والنشر. الملاحظة الأولى التي أريد أن أسوقها هي أني أتابع أخبار هذا الاصلاح المرتقب منذ أعلن عنه سيادة الرئيس سنة 1999 وأذن بالمداولات والتشاور. ألم تكف خمس سنوات من المداولات؟ الملاحظة الثانية هي أن كل زملائي الأطباء العامين الذين اتصلت بهم وحاورتهم في عدة ولايات من البلاد يرحبون كثيرا بل ينتظرون هذا البرنامج. في ما يخص طريقة تسديد أتعاب الأطباء العامين بالمعلوم التعديلي الذي تقترحه وزارة الشؤون الاجتماعية فأنا أرى مثل باقي زملائي أنها لا تحوّل الطبيب الحر الى أجير لأنه سوف يتلقى أتعابه وفق عدد المرضى الذين استقبهلم. ونحن لسنا ملزمين في هذا الشأن برأي زملائنا المختصين الذين أكن لهم خالص الاحترام ولكني ألومهم على تشدّد موقفهم. فهذه الطريقة لا تمس من قريب أو بعيد استقلالية الطبيب أو مصلحة المريض والمضمون الاجتماعي. بل تخلق تنسيقا بين الطبيب والصندوق بعيدا عن الحسابات المادية الضيقة. فطريقة الخلاص المباشر لدى الطبيب ثم استرجاع المصاريف هي التي تحوّل وزارة الشؤون الاجتماعية الى شركة تأمين عادية. وذلك لا يكون في صالح المضمونين الاجتماعيين. أما إجبارية المرور بالطبيب العام قبل المختص فأنا لا أرى لماذا يؤكد عليها زملاؤنا المختصون عندما يعملون بالمستشفيات ويرفضونها في القطاع الخاص؟ فهي أن تكون مبدءا أو لا تكون. والكل يعرف أنه في حالات ليست بالنادرة لا يعرف المريض الى أي طبيب مختص يتحتم عليه التوجه. وهنا تكمن احدى مهام الطبيب العام في القطاعين الخاص والعمومي. وإذا أخذنا الموضوع بمنظار شامل فلماذا لا يلتحق قطاع التأمين على المرض بركب باقي القطاعات التي وقع تأهيلها؟ إن هذا البرنامج الطموح له إيجابيات كثيرة أهمها: الحد من التداوي الذاتي (automédication) الحد من بطالة الأطباء وتشجيعهم على العمل في القطاع الخاص. تمكين المضمونين من التداوي دون اللجوء إجباريا الى القطاع العمومي. تكريس فكرة طبيب العائلة. نرجو أن يتم العمل بهذا البرنامج في أقرب الأجال حتى ينتفع به كل المضمونين الاجتماعيين وحتى يعود للقطاع الصحي العمومي والخاص بريقه الذي نتطلع اليه جميعا.