كلام كثير قيل... وإشاعات غريبة تم ترويجها وبحر من الحبر سال خلال الأيام الأخيرة حول الوضع المالي لجمعية القوافل الرياضية بقفصة في سياق «حملة اعلامية» منظمة وموجهة اختلط فيها الحابل بالنابل لكنها انتهت الى تسويق صورة غير مشرفة حول جهة قفصة وقيم أبنائها الذين استاؤوا كثيرا من توظيف الصعوبات المالية للجمعية إن وجدت للحديث عن «مأساة فريق» أصبح لاعبوه حسب بعض المزاعم مهددين بالجوع والطرد من المنازل التي تأويهم بل واقفين على أبواب السجن. أمام هذه الوضعية ارتأينا ان نتوقف بشيء من الرصانة والرؤية عند حقيقة الاوضاع التي أصبحت محل اهتمام الشارع الرياضي بقفصة والجنوب الغربي عامة باعتبار ان ما قيل ويُقال في حاجة الى أن يتم التمييز فيه بين الخيط الابيض والاسود! الوجه الآخر للحقيقة من المفيد جدا ان نعود قليلا الى الوراء ونستنطق لغة الارقام في نهاية الموسم المنقضي لقوافل قفصة فما جاء في التقرير المالي للجلسة العامة التقييمية، المنعقدة يوم 13 سبتمبر 2006 (أي منذ شهرين) يشير الى أن مداخيل الجمعية بما فيها العينية كانت في حدود 1.2 م.د فيما كانت المصاريف العامة تقدر ب1.5 م.د وهو ما يعني ان العجز قارب 300 أ.د مع الاشارة الى أن هذا العجز كان تراكما لثلاث مواسم متتالية، واذا فصّلنا الحديث في موارد الجمعية نجد ان القوافل تحصلت على 619 أ.د كمساهمات عامة متأتية خاصة من الصندوق الوطني للنهوض بالرياضة (200 أ.د) وشركة فسفاط قفصة (180 أ.د) والمجمع الكيمائي التونسي (90 أ.د) والصندوق الجهوي لتنمية أنشطة الشباب (73 أ.د) وبلدية قفصة (32.5 أ.د) والجامعة التونسية لكرة القدم (20 أ.د) وشركة القوافل (10 أ.د) وهذا وغيره يمثل قرابة 52 من الموارد وقد عرفت خزينة الجمعية سيولة مالية هامة من الموارد غير القارة بلغت 581 أ.د. دعم كبير 450 ألف دينار استفادت منها الجمعية في شهر مارس 2006 كمنح استثنائية منها 100 أ.د دعم رئاسي تزامنت مع دعم استثنائي من شركة فسفاط قفصة بقيمة 250 أ.د ودعم مماثل من المجمع الكيمائي التونسي بقيمة 100 أ.د وهنا لابد من الاشارة الى أن ما حصلت عليه الجمعية خلال الموسم المنقضي من أموال الدولة والهياكل والمؤسسات العمومية قاربت 1.1 م.د. تساؤلات ملحّة! أمام هذه الارقام تطرح عديد التساؤلات حول ما قامت به الجمعية لتأمين موارد أخرى اضافية فباستثناء مداخيل الملعب التي فاقت 80 أ.د نجد أن المساهمات الخاصة والتبرعات لم تتجاوز ال20 أ.د وكانت مداخيل الانخراطات والاشتراكات السنوية في حدود 630 دينارا فقط فيما كانت مداخيل الاشهار 3.7 أ.د. وهنا يبرز جليا الدور المنوط بعهدة اعضاء الهيئة المديرة في القيام بدوره ما في تحريك عديدة الآليات العملية لتدعيم موارد الجمعية، فأشياء كثيرة كان يمكن القيام بها في هذا الصدد من ذلك ايجاد لجنة للدعم المالي ذات اشعاع وقدرة على التواصل مع أبناء الجهة الميسورين سواء في قفصة او العاصمة وتنظيم لقاءات معهم على هامش حفلات دعم كما تفعل عديد الجمعيات الأقل اشعاعا من القوافل، وبامكان الجمعية أن تنظم مباريات تكريم لقدامى اللاعبين تكون نتائجها معنوية ومادية في نفس الوقت كما كان بإمكان الجمعية أن تنظم حفلات تكون مداخيلها للفريق، ثم أين الحديث عن فتح مغازة للجمعية الذي تردد في أكثر من مناسبة ثم أين مشاريع الاستشهار الكبرى التي تم تداولها أكثر من مرّة؟ ثم ما هو حجم مساهمات أعضاء الهيئة المديرة في دعم الجمعية من مالهم الخاص باعتبار أن المسؤولية ليست تشريفا فقط؟ ثم اين لجنة الحكماء والاتجاه نحو التواصل مع الرؤساء القدامى للجمعية واشراكهم في مشاغل القوافل واهتماماتها؟ قد يجيب البعض بأن التحرك تم في كل هذه الاتجاهات لكن الاستجابة لم تكن ايجابية، وهنا نأتي الى مشكل آخر لم يعد ممكنا اليوم تجاهله في القوافل وهو أن عديد الاحباء من الميسورين ورجال الأعمال الذين كانوا يدعمون الجمعية أصبحوا مترددين اذ يعتبرون أن الوجه الثاني للازمة المالية للقوافل متعلق بالتسيير فحسب رأيهم ان السيد محمد فوزي القطاري رئيس الجمعية لم ينجح في تشكيل هيئة مديرة قوية وفاعلة ومشعّة عبر السنوات التي خلت ممّا جعل هيئة القوافل أشبه بهيئة عائلية منغلقة على نفسها مما تسبب في انقطاع حبال الوصال بينها وبين محيطها. ترشيد المصاريف ضروري! بعيدا عن التساؤلات والاشكالات المثارة سلفا تجدر الاشارة الى أن الجمعية استفادت على امتداد الشهرين الماضيين بسيولة مالية تقدر ب210 أ.د منها صك تسلمته من السيد محمد العيد الكيدوسي والي الجهة خلال اشرافه على الجلسة العامة التقييمية يوم 13 سبتمبر 2006 وكان الصك بقيمة 120 أ.د ثم تلته مبالغ أخرى (20 أ.د من بلدية قفصة + 30 أ.د من الولاية + 40 أ.د من شركة فسفاط قفصة...) وكان بالامكان صرف جانب من هذه الأموال لتسديد ديون متأكدة لفائدة مدربي الشبان والمطعم وأكرية بعض المنازل للاعبين والتي لا تصل كلها الى نسبة 20 من المداخيل المذكورة سلفا، الأكيد أن هذا أفضل من استعمال هذه «الورقات» للحديث عن طرد مزعوم للاعبين من المطعم والمنازل أو الاشارة الى الاضراب المتواصل لمدربي الشبان، وفي هذا الصدد نريد ان نشير الى أننا اتصلنا في الآونة الأخيرة بالمطعم الذي يتردد عليه لاعبو القوافل فوجدناهم يتناولون وجباتهم بصفة عادية رغم عدم خلاص صاحب المطعم كما مازال اللاعبون مقيمين في المنازل المكتراة بصفة عادية أيضا دون أي مشكل ويبدو أن اقحام اللاعبين في اشكالات وتشكيات متعلقة بالأكل والكراء صبيحة مباراة المرسىبقفصة وتوظيفه تلفزيا لم يكن عملا حكيما اذ أخرج اللاعبين من المباراة والنتيجة كانت دالة على ذلك خاصة وان التصريحات كانت مجانية للحقيقة ولعلها كانت موجهة وما يؤكد زعمنا ما تلاها من لغط في ذات الاتجاه في وسائل الاعلام. ولنا ان نتساءل بعد هذا ألم يكن مبلغ 210 أ.د كافيا ولو نسبيا لتسيير شؤون الجمعية على مدى شهرين؟ باعتبار انه اذا كانت مصاريف موسم في حدود 1.5 م.د (بما فيها 300 أ.د ديون متخلدة) فإن المنطق يقول أن الجمعية قادرة على أن تتصرف بأريحية مع شيء من الحكمة في ما توفر لديها في شهرين في انتظار سيولة مادية أخرى ستأتي لا محالة! تمهيد للتفريط في شكيب الأشخم «زوبعة في فنجان»... هكذا علق أحباء كثيرون على ما حدث الأيام الأخيرة في القوافل بل ان البعض منهم يشير الى أن تقديم عديد الحقائق «المقلوب» كان في سياق التمهيد للتفريط في شكيب الأشخم الى احدى الفرق الكبرى قد يكون النجم الساحلي فمجيء معلول الى قفصة يوم مباراة المرسى وهو يوم انطلاق «الزوبعة المالية» تلفزيا تم تفسيره من قبل الأحباء فيما بعد على أنه مقدمة لالحاق شكيب الأشخم بالمنتخب من أجل الترفيع في «بورصته» ومن ثمة الفوز من خلاله بصفة كبيرة من قبل فريق كبير وبهذه الطريقة تتمكن هيئة القوافل من توفير مبررات للاحباء لاقناعهم من خلالها بأنها سلكت الطريق الصحيح في تجاوز «أزمتها المالية» المضخمة، كل الأمل أن لا يصدق حدس وتكهن هؤلاء الأحباء حتى لا نكون وإياهم من «الصائدين في الماء العكر» فالقوافل في حاجة الى ابنها شكيب كما هي في أمسّ الحاجة الى كل أبنائها بتعاملهم الرصين والعقلاني مع مجريات الأمور بعيدا عن الصخب الزائف و»الزوابع المصطنعة»!!