نورد في ما يلي نصا أدرجه المرحوم محمد المرزوقي في كتابه «صراع مع الحماية» وتحدث فيه بدقة عن احدى المعارك الخالدة في تاريخ النضال الوطني (بين 18 و28 أكتوبر 1881) سميت بمعارك وادي «لايا»، ويقول أديبنا الراحل: «كما أنّ علي بن عمارة الجلاصي لم تردعه نكبة (المقرن) عن مواصلة الجهاد فجمع من جديد حوالي (700) فارس من جلاص واعترض الفرنسيين في أحواز سوسة حائلا بينهم وبين الوصول الى سوسة من طريق تونس أو خروج حامية من سوسة في نفس الطريق وانظم إليه مجاهدو الساحل فرسانا ورجاله من أولاد سعيد، والسواسي والقلعات وغيرها وجعل مركزه (بوادي لايا) بينما وقف زعيم جلاص الثاني حسين بن مسعى في فرسانه يغطي القيروان من الشمال وكان الفرنسيون يحاولون الوصول الى سوسة من الطريق البري ووصلت فرقهم بفرسانها ومدفعيتها مركز علي بن عمارة في (وادي لايا) واندلعت المعارك بين الجانبين ما بين 18 و22 أكتوبر 1881م. وكان المجاهدون يفاجئون الفرق الفرنسية من كل مكان ويهاجمون قوافل تموينهم التي تصل أخبارهم للمجاهدين فينصبون لها الكمائن في الطريق ما بين أشجار الزيتون وأسوار التين الشوكي وكانوا يقضون مضاجع المحتلين بالهجمات الخاطفة في أماكن مبيتهم تحت أستار الظلام. وفي هذه المعارك استشهد الشاوش الهذيلي بالزين مساعد علي بن عمارة وهو من فريق (هماد) معتمدية السبيخة، وبلقاسم بن جاء بالله بن محمد من فريق السمرة من قبيلة السواسي أصيب برصاصة في المعدة وحمله قريبه محمد بن علي بن عثمان معصب البطن على فرسه الى بلده حيث توفي ودفن بمقبرة السمرة، معتمدية السواسي. وأدرك الفرنسيون أنّهم سيلاقون الويلات ما لم يتخلّصوا من زعيم المجاهدين فقرّروا الغدر بعلي بن عمارة مهما كان الثمن، وجلب لهم أعوانهم أحد الخونة وكان الخائن حسبما يفهم من الرواية من جواسيس علي بن عمارة الذين يأتون له بأخبار تنقلات الفرنسيين وقوافل تموينهم، وبهذه الصفة تمكن يوما من معرفة مبيت علي بن عمارة في احدى الضيعات فاتّصل بالفرنسيين وعين لهم مكانه فغدروا به ليلا وقتلوه وهو نائم. ولم يكد ينتشر خبر استشهاد علي بن عمارة غدرا حتى بادر إليه رفاقه ورفعوا جثّته الى القيروان وتفرّق جيشه وتمكن الفرنسيون من الوصول برّا الى حاميتهم بسوسة التي احتلوها من طريق البحر يوم 11 سبتمبر 1881 . المرزوقي محمد، صراعه مع الحماية دار الكتب الشرقيةتونس 1973