تمكّنت سياسة التشغيل في تونس من تغيير ملامح سوق التشغيل التي أصبحت ترتكز على المبادرة الخاصّة وبعث المؤسسات الصغرى لتحتلّ 90 من مجموع مؤسسات الإنتاج. وتشغّل المؤسسات الصغرى في الوقت الحالي قرابة 25 من إجمالي السكان المشتغلين وتساهم في تحقيق حوالي 37 من القيمة المضافة كما توفّر هذه المؤسسات قرابة 50 من مداخيل الأسواق وتساهم في توزيع أكثر من 15 من حجم الأجور. هذا وتضطلع المؤسسة الصغرى بدورها في مجال التدريب والتأهيل المهني للشباب وخاصّة منهم ذوي المستويات التعليميّة المحدودة حيث يناهز عدد المتدرّبين داخل هذه المؤسّسة الصغرى 80 من مجموع المتدرّبين. وتؤكّد نتائج المسح الوطني حول التشغيل لسنة 2001 المكانة الهامّة لهذا القطاع حيث تفيد المعطيات أنّ عدد الأعراف والمستقلّين بلغ 682.4 ألف وهو ما يمثّل 24.5 من جملة المشتغلين. وتبيّن المسوحات المنجزة في نفس الإطار تطوّر نسبة الأعراف والمستقلّين من مجموع المشتغلين من 22.7 سنة 1994 إلى 24.5 سنة 2001. وفي المقابل أفرزت نفس المعطيات تقلّص الأجراء من مجمل المشتغلين خلال السنوات الأخيرة إذ انخفضت نسبتهم من 71.1 سنة 1994 إلى 67.6 سنة 2001 وهو ما يبرز التحوّلات النوعية التي يشهدها نمط التشغيل نتيجة للتشجيعات التي وضعتها الدولة لاستحثاث نسق التشغيل الذاتي. وتشير المعطيات المتعلّقة بسجل المؤسسات المتوفّر لدى المعهد الوطني للإحصاء أنّ عدد المستقلّين والمشتغلين بالمؤسسات الصغرى (أقلّ من 10 عمّال) يبلغ 437 ألف أي ما يمثّل قرابة 36 من جملة 1223 ألف موطن شغل يحتويه هذا السجل. ويبلغ عدد المؤسسات الصغرى 74 ألف و490 وهو ما يمثّل نسبة 88 من هذا السجل. ويعتبر التطور الذي يعرفه العمل المستقلّ على المستوى الوطني خلال السنوات الأخيرة مسايرا لما يشهده التشغيل للحساب الخاص من تنام متزايد في مختلف دول العالم نتيجة عدّة عوامل من أهمها تقلّص فرص العمل القارة مقارنة بفرص العمل غير القارّة والظرفية وتزايد حركية العمّال بعلاقة مع مرونة أسواق الشغل واعتماد المؤسسات على المناولة للضغط على كلفة الإنتاج وبالنظر كذلك إلى بروز أنماط جديدة للتشغيل على غرار العمل عن بعد بالاعتماد على تكنولوجيات الاتصال والمعلومات. في إطار متابعة المنتفعين بالدورات التأهيلية حسب طريقة بعث المؤسسات وتكوين الباعثين قامت مكاتب التشغيل والعمل المستقلّ بعملية متابعة للمنتفعين بالدورات منذ سنة 1996 إلى غاية ديسمبر 2001 وتبيّن أنّ 39 أنجزوا مشاريعهم و10 بصدد الإنجاز بينما 51 لم يتمكّنوا من إنجاز مشاريعهم لأسباب مختلفة. وتمّ خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2003 متابعة ومرافقة 93 صاحب مؤسّسة حسب هذه الطريقة وقد مكّنت هذه المتابعة من تشخيص 356 صعوبة أدّت إلى إنجاز 350 عملية تدخّل لتجاوز الصعوبات المشخّصة 54 منها تمّ تنفيذها من قبل مستشاري الإحاطة بمكاتب التشغيل والعمل المستقلّ. ويعزى التطوّر الذي حدث في الإقبال على بعث المؤسّسات الصغرى بما مكّن من تغيير ملامح سوق الشغل في تونس إلى توفّر عديد الآليات والبرامج التي ساعدت الباعثين على الإقبال على هذا التوجّه لا سيّما منها صندوق 2121 وصندوق التضامن الوطني 2626 والبنك التونسي للتضامن وغيرها.