أفرز انتشار السيارات الشعبية بمدينة صفاقس نقلة نوعية في وسائل النقل المعتمدة، فبعد أن كانت الدراجة النارية هي وسيلة النقل الأكثر شعبية بعاصمة الجنوب تراجع استعمالها بصفاقس وهو التراجع الذي تدعم بظاهرة «التاكسي بوبلاصة» ونعني به التاكسي الجماعي الذي يتخلص صاحبه ولو نظريا من العداد. فمنذ سنة تقريبا أصبح البعض من أصحاب سيارات التاكسي بالجهة يتعمد نقل أو مواطنين متجهين إلى عناوين متقاربة في «سفرة واحدة» بحساب 500 مليم عن كل مكان «بلاصة». وبالرغم مما في هذا الاجراء من تجاوزات قانونية واضحة تترتب عنها بعض المخالفات إلا أن ظاهرة «التاكسي بوبلاصة» لم تتراجع لأنها لقيت رواجا من المواطنين الذين يجدون في سيارة التاكسي أكثر سرعة مقارنة بالحافلات وأكثر مردودية مقارنة بتاكسي العداد. ونظرا للمنافسة الشديدة التي باتت ملحوظة بين أصحاب التاكسيات أنفسهم، تحولت بعض الشوارع والمحطات بصفاقس الى «مرابض صفراء» حتى قرب محطات الحافلات. العمل بحساب العداد أو بحساب «البلاصة» انقسم حوله أصحاب التاكسيات بصفاقس، فبعضهم تمسك بضرورة تطبيق القانون واعتماد العداد فقط لنقل المواطنين داخل المدينة، في حين رأى البعض الآخر أن «العداد» لم يعد طريقة مربحة بعد انتشار السيارات الشعبية وقلة الإقبال على «التاكسيات» مقترحا تنقيح القانون والسماح لهم بنقل المواطنين «بالبلاصة» حسب ما هو معمول به في المناطق الأخرى بالبلاد في النقل غير الحضري. وبالرغم من هذه الانقسامات، وبالرغم من التجاوزات القانونية الحاصلة والمخالفات المسجلة، إلاّ أن الظاهرة استفحلت أكثر وهو ما شكل خطورة واضحة على الشركة الجهوية للنقل بصفاقس التي فقدت عددا كبيرا من حرفائها بسبب المنافسة غير الشريفة حسب ما أفادنا به مصدر مطلع من الإدارة. المتعاطفون مع فكرة «البلاصة» يعللون إصرارهم على التخلص من العداد بمداخيل التاكسي التي وصفوها بالمتواضعة وخاصة بالنسبة للأجير وقد أحجم بعضهم صبيحة يوم أول أمس عن العمل مدة ساعة تقريبا معبرين عن رغبتهم في اسناد رخص جديدة للقدامى منهم، في حين تحدث البعض الآخر عن قلة المآوى والمرابض الخاصة بالتاكسيات الشيء الذي يعطل سير عملهم. ومن المواضيع التي كشفها البعض الآخر من أصحاب التاكسيات «للشروق» موضوع الفحص الفني الذي يلزم صاحب السيارة التخلص من «تجهيزات الغاز» قبل القيام باجراءات الفحص علما وأن أغلب أصحاب التاكسيات بصفاقس يعتمدون على الغاز ويدفعون معلوم استبدال المحروقات بالغاز. ومما يذكر أن صفاقس باتت تعدد في الفترة الأخيرة أكثر من 1360 تاكسي وما يقارب ال 88 ألف سيارة و350 ألف دراجة نارية و400 حافلة تقريبا، وبالرغم من هذا الأسطول الضخم يبقى موضوع النقل وحوادث المرور خاصة التي تتسبب فيها الدراجات النارية والمآوى والأماكن المخصصة للوقوف والتوقف من المواضيع الحارقة بصفاقس والتي تستوجب اعادة النظر والدراسة بعمق لفض البعض من مشاكلها وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية.