التحاقها بمجال التجارة والصناعات التقليدية لم يكن محض صدفة وإنما كان نتيجة لتأثير المحيط العائلي الذي نشأت فيه فرغم دراستها وتخصصها في الآداب إلا أنها غيّرت وجهتها نحو عالم التجارة والمال والأعمال دون أن تقصي ميولاتها الفنية حيث زاوجت بين الفن والتجارة والابتكار في عملها باعتبارها اختارت فن التزويق والرسم على الخشب وصناعة الأثاث والقطع الخشبية المخصصة للديكور.تنتمي السيدة سارة العفاس إلى عائلة ينشط جميع أفرادها في مجال التجارة والصناعات التقليدية لذلك ارتأت أن يكون نشاطها العملي في نفس المجال المذكور آنفا وراهنت على مجهودها الخاص وعلى ايمانها بقدراتها الذاتية ولتبدأ رحلتها مع مجال النجارة ولتثبت لمن حولها أن النجارة لم تعد حكرا على الرجال فقط بل إن المرأة باستطاعتها اقتلاع مكان خاص بها ونحت اسمها ضمن قائمة المتعاملين مع الخشب. وفي الواقع تمكنت السيدة سارة العفاس (وكيلة مؤسسة للأثاث والتزويق) من تكوين رأس مال محترم خوّل لها بعث مؤسستها. وتقر أن النجاح لا يمكن أن يأتي من فراغ بل لا بد من المثابرة وتطوير القدرات الذاتية للشخص وتشخيص المحيط العملي ودراسته دراسة دقيقة وشاملة وبناء عليه يتم اختيار المشروع المزمع بعثه وقد اتبعت السيدة سارة العفاس هذه الاستراتيجية حيث بدأت بالنشاط في مجال الصناعات التقليدية ككل ثم اختصت في صناعة الأثاث المنزلي لكن طبيعة السوق ونوعية الحرفاء الذين يقبلون على هذه التجارة جعلتها تفكر في التخصص أكثر في صنع قطع الديكور والتزويق حتى يتسنى لها ترويج صناعتها على النطاق الوطني ولِمَ لا على النطاق الدولي. **المنافسة كبيرة والجودة مطلوبة إذا ما تأملنا مسيرة السيدة سارة العفاس العملية فاننا نلاحظ من دون شك أن نجاحها في ميدان عملها كان واضحا فقط استطاعت أن تعول على نفسها وتضمن لنفسها الاستقلالية التامة حيث كونت مشروعها التجاري دون الالتجاء إلى أهلها رغم اشتغالهم في الميدان التجاري وامتلاكهم لمؤسسات مختلفة مختصة في الصناعات التقليدية كما أنها لم تعمد الى الاقتراض من البنوك وهو دليل على حسن تصرفها وحكمتها في انفاق أموالها وخبرتها الواسعة في تسيير مشاريعها التجارية. كما أن تغلبها على عديد المصاعب أكد نجاحها وأقر أحقيتها بالحاق اسمها بقائمة الناجحات التونسيات. ولعل احتداد المنافسة في مجال الصناعات التقليدية الناتج عن تنامي المؤسسات الناشطة في تجارة الأثاث والتزويق على النطاق الوطني من أهم الصعوبات الحالية التي تواجهها السيدة سارة العفاس وترى أن هذه الصعوبة لا يمكن التغلب عليها إلا بضمان جودة المنتوج لا سيما وأن المواطن التونسي اليوم أصبح يبحث عن الجودة والذوق الرفيع والجمالية في كل الأشياء التي يرغب في اقتنائها. ولتجاوز المنافسة الشديدة في مجال الأثاث والتزويق عمدت السيدة سارة العفاس الى الاتجاه أكثر من ذي قبل الى صنع أدوات التزويق والديكور حتى يتسنى لها ترويج سلعها إلى الخارج وجلب الأجانب الى الاقبال على شرائها علما وأن اتجاه السيدة سارة الى كل ما هو متعلق بالتزويق والديكور جاء كاختيار بديل لصناعة الأثاث التي لم تعد تلاقي نفس الرواج التي كانت عليه من قبل وهذا يرجع الى ارتفاع تكلفته من جهة وإلى صعوبة نقله من مكان إلى آخر داخل مناطق الجمهورية. أما الصعوبة الثانية أو المشكل الذي يعيق تطور مشروع السيدة سارة العفاس فيتمثل في اضطرارها لبيع منتوجها «بالكريدي» على أمل استرجاع أموالها لاحقا الا أن هروب البعض من تسديد ديونهم يضعها في وضعيات حرجة ويعطل مسيرتها العملية نظرا لارتفاع أسعار المواد الأولية التي يتم تحويلها وتصنيعها في أشكال مختلفة للتزويق و»الديكور». **مهام ونشاطات مكثفة بعيدا عن النجارة والتزويق وبعيدا عن المعاملات التجارية والخوف من المنافسة والبحث عن الجودة يزخر جدول أعمال السيدة سارة العفاس بنشاطات ومهام مكثفة. وقد بلغت السيدة سارة أعلى المراتب وشغلت أهم الخطط على الصعيد الجهوي فهي ترأس حاليا الغرفة الجهوية للنساء صاحبات الأعمال بصفاقس وهي عضو بالمكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس. والملاحظ أن نشاطات السيدة سارة العفاس لم تقتصر على مجال معين بل انها متعددة ومتنوعة تعكس بدرجة كبرى نجاحها في مختلف ميادين الحياة وتؤكد أن المرأة الناجحة هي من تستطيع خوض غمار عديد الميادين في آن واحد مع الحفاظ على تميزها ومساهمتها الفعالة على المستوى الاجتماعي وقد بدأ نشاط السيدة سارة بالشبيبة المدرسية أيام دراستها الثانوية ثم الالتحاق بفرع الاتحاد النسائي بالجهة. وبعد ذلك شغلت خطة كاتبة عامة في الهلال الأحمر التونسي لمدة 7 سنوات حيث قدمت خلال هذه الفترة عديد المساعدات المعنوية للمحتاجين واقتحمت ميدان الرياضة وبرهنت على عشقها بتحملها مسؤولية مساعدة رئيس بنادي التنس طيلة عشر سنوات ثم عضو بشعبة سباق الخيل كما عملت في العديد من المنظمات الثقافية بالجهة. **معادلة صعبة على الصعيد العائلي تؤكد السيدة سارة العفاس أن الاهتمام بالعائلة يبقى من الأولويات المطلقة لكنها تقر في ذات الوقت بصعوبة المعادلة التي تقضي بضرورة النجاح في العمل والبيت وترى أنه على المرء أن يحدد الأولوية في كل الأمور حتى يتسنى له النجاح. وترى السيدة سارة أنها وجدت صعوبة كبرى في التوفيق بين أداء دورها كأم وربة بيت ودورها كصاحبة مؤسسة لا سيما وأن بداية مشروعها تزامن مع طفولة ابنائها لذلك ارتأت أن ترجح كفة الاهتمام بأبنائها على كفة تطوير مشروعها. أما الآن وبعد أن نجحت في وضع أبنائها على الطريق القويم أصبحت تولي اهتماما كبيرا بنشاطاتها الاجتماعية والمهنية. أما بخصوص علاقتها بأبنائها فإنها تؤمن بضرورة عدم فرض قناعات واختيارات الوالدين على أبنائهم ومحاولة التأثير عليهم بشكل أو بآخر لأن ذلك من شأنه أن يضر بمستقبلهم. فالسيدة سارة تؤمن بحرية الاختيار لذلك لم تحاول توجيه أبنائها وجلبهم الى ميدان عملها مما جعلهم ناجحين ويشعرون بالرضاء والاستقرار.