تعززت المكتبة التونسية هذه الأيام باصدار جديد يحمل عنوان «الاقتصاد في مقدمة بن خلدون.. بين الواقع والنظرية» عن تأليف السيد سالم المكي الذي أوضح ان هذا الكتاب هو اعادة توظيف مع بعض التنقيحات والاضافات لبحث علمي كان تقدم به لنيل شهادة الكفاءة في البحث العلمي سنة 1976 لدى كلية الآداب والعلوم الانسانية بتونس. وأوضح انه أراد من وراء نشر هذا الكتاب الاسهام في تجسيم السياسة الرائدة للرئيس زين العابدين بن علي الداعمة للثقافة عموما للكتاب والمطالعة بالخصوص وهو ما يفسر اقرار سنة 2003 (سنة وطنية للكتاب) والسعي لتوفير (كتاب لكل تونسي) سنة 2004 . وقدم لهذا الكتاب الأستاذ صلاح الدين بوجاه حيث ابرز ان «الاقتصاد في مقدمة ابن خلدون» يمثل قراءة شاملة ودقيقة للنظرية الاقتصادية الخلدونية وإعادة ترتيب وتأليف لها حسب الرؤية المعاصرة للاقتصاد مع الربط بين النظريات الواردة فيها والواقع المعيش الذي ترعرع في اطاره عبد الرحمان بن خلدون مضيفا: «ان الكتاب علاوة على ذلك باب مفتوح وأضواء تلقى على عبقرية أمثال ابن خلدون من المفكرين العرب المسلمين الذين أبرزوا بفكرهم الحر المستنير حقيقة الحضارة العربية الاسلامية وبعدها الانساني العميق». وأشار إلى ان فضل هذه الدراسة يكمن في قيامها باستقراء شامل لكمية هائلة من الجزئيات النظرية والمعطيات التاريخية في مجال الاقتصاد وترتيبها في منظومة متكاملة تراعي التماسك المنطقي والمنهج العلمي الملائم فتكون هكذا أيسر تناولا وأسهل فهما واستيعابا من قبل الدارسين المعاصرين سواء كانوا يبحثون في أصول علم الاقتصاد وتاريخه أو في مضامينه. وتم تبويب هذا الكتاب الذي تصدرت غلافه الخارجي صورة للعلامة ابن خلدون إلى جزأين اضافة إلى المقدمة العامة التي تناولت شخصية هذا العلامة كسياسي ومفكر وأثاره والتعريف ب»المقدمة». أما الجزء الأول من هذا الاثر فجاء تحت عنوان «في الأحداث الاقتصادية» إذ تضمن عدة مسائل تتعلق بالعوامل المنشطة والمعطلة للدورة الاقتصادية وبما أسماه بأعوان الحياة الاقتصادية وآلياتها. في حين اشتمل الجزء الثاني الذي يحمل عنوان «في الفكر الاقتصادي» على تعريف للاقتصاد كلغة واصطلاح ولمحة عن تاريخ النظريات الاقتصادية فضلا عن التعرض إلى منهجية البحث الاقتصادي والتفكير الاقتصادي عند ابن خلدون الذي كان له السبق في وضع اللبنات الأولى لما أصبح يعرف بعلم الاقتصاد. وشكلت منزلة ابن خلدون بين سابقيه ولاحقيه من علماء الاقتصاد محور الخاتمة العامة لهذا الكتاب الذي ذيل بسلسلة المصادر والتراجع التي استقى منها السيد سالم المكي مضامين تأليفه الصادر سنة 2004 في طبعة أولى. يذكر ان السيد سالم المكي قد مارس مهنة التدريس بالمعاهد الثانوية والجامعية وقام ببحوث في مجال بعث وتسيير المؤسسات الاقتصادية بصفته خبيرا لدى مكاتب دراسات ومنظمات وطنية واقليمية وعالمية كما انه تحمل مسؤوليات ادارية وسياسية وله اسهامات في مجال الفكر السياسي.