مازالت الشواهد تؤكد مدى الفجوة الكبيرة بين الشعب المصري وما يسمى بالنخبة ، النخبة الفكرية والسياسية والعسكرية والدينية أيضاً ، مازال القابعون في الحجرات المكيفة والفضائيات المرهفة بل وغرف العمليات العسكرية والانتخابية فضلاً عن المساجد والأديرة بحاجة لدراسة معمقة ومستفيضة عن شعب مصر العظيم ، مازال فكر وثقافة النظام البائد هو السائد ، ومازال البعض ينصب نفسه وكيلاً عن الشعب دون تفويض شعبي أو رسمي موثق ، جاءت الصدمة الديمقراطية الأولى متمثلة في الجولة الانتخابية المنتهية ، حين تم الفرز والتصنيف المبدئي لخريطة مصر السياسية وخريطة البرلمان القادم ، وحين لقن شعب مصر العظيم دروس وفنون في النضج الفكري واليقظة الذهنية تحطمت عليها حملات التخويف التي أرادت للمصريين التخندق بالبيوت وعدم النزول لتفادي المجزرة البشرية المتوقعة يوم الانتخابات ، كما تحطمت عليها حملات التشويه والتضليل التي استدعت كل الفزاعات المحلية والإقليمية والدولية ، فضلاً عن فنون ودروس اللياقة الحركية والحضور الفوري أمام صناديق الاقتراع لتصل الرسالة لكل من يهمه الأمر ، إلى الوصاة باسم الفكر والسياسة ... أن هذا الشعب بلغ الرشد ويتمتع بالحكمة والنضج ، نضج سبق به النخبة التي ظلت لعقود تتعاطى من نظم الاستبداد والفساد والقمع وفقاً لقواعد لعبة سياسية ممقوتة يمتلك فيها النظام البائد كل الأوراق والقواعد والإدارة والحكم ، حتى جاءت الثورة لتقلب الطاولة وتفرض قواعد ديمقراطية جديدة وعادلة يحكمها تكافؤ الفرص والإمكانات المتاحة ، ورسالة إلى الوصاة باسم الجيش ... أن لكم المكان والمكانة والعزة والكرامة وأن دوركم المقدس ومكانكم الوحيد هناك على الحدود لحماية الرصيد والتاريخ والوجود ومع كل التقدير لا مكان لكم على منصة الحكم وإدارة البلاد بصورة مباشرة أو من وراء ستار ، ورسالة إلى الوصاة باسم الدين .... أن الشعب المصري متدين بفطرته منذ فجر التاريخ بل هو أكثر شعوب العالم تديناً "راجع استطلاع الرأي الذي تم في 27 دولة عربية وإسلامية وكانت مصر أولى دول العالم تديناً " من هنا فتدخل المؤسسات الدينية الرسمية والأهلية المسلمة والقبطية في توجيه الرأي العام تجاه تيار دون غيره خطأ يرتقي لمستوى الخطيئة ، الجولة الانتخابية الأولى أكدت أن الشعارات التي أُعلنت والهواجس والفزاعات التي استدعيت والمليارات التي أنفقت وشلالات الفضائيات التي روجت ، بل والضغوط التي بُذلت ، لم تؤثر في المزاج العام للشعب المصري الذي خرج بصورة حضارية ومشرفة ليقول نعم لمصر ، نعم للديمقراطية ، نعم للإرادة الشعبية .. ولا للوصاة والوسطاء والوكلاء دون تفويض. مدير مركز النهضة للتدريب والتنمية