جسم غريب يطل علينا من تحت أدران الخراب ...مغبر الوجه ،جاحظ العينين، تعلو محياه قتامة بثقل الجرم الممتد في أتون الزمن الغابر السابق والآبق...يجر أذيالا من الدماء والماسي والفضاعات ...أياد ملطخة عبر السنين بجرائم السفك والهتك والاستقواء .جسد متلاش يقاوم هجمة ديدان القذارة وخفافيش الظلام ...أظافر لا تزال تحمل آثار الدماء... ...لعاب الوقاحة السمجة والتعطش لمزيد امتصاص الدماء يتسايل من بين شفتين معفنتين بأصناف الكذب وضروب الخداع ..أثواب ملطخة بتعاسة الفعل الغادر ونفس بائسة مشحونة بأكوام المكائد وأهوال التآمر وأصناف الخبث والمكر والحقد الدفين ...ألسنة لهب تتطاير من عينين جاحظتين تنذران بأحقاب بطش وتنكيل وامتهان...أغبرة تتطاير من انتفاضه فتلوث الأفق الجميل..تحجب الأفق الجميل وآمال الاطفال ونقاوة صحوة الديك وزرقة لون البحار .قتامه الماضي التعيس تتصدر لب العيون ..فضاعة الحقب الزائلة تحتل سويداء القلوب ...قتامه الزمن البائد تغرق الكون أسى وشجون ...جسم يحاول التخلص من الاثقال ويسعى من جديد للقيام المشوه فتفوح منه روائح عهدناها نذير شؤم وبلاء .. أي جسم غريب يطل علينا احتجبت بمجيئه الزرقة ولبس المدى لون الأكفان....تناثرت النجوم اكتئابا واختفت تبار يق السماء..ولولت الريح فزعا واشمئزازا ...هاجت الأمواج هلعا...أظلهم الكون في غير معاد..وتراجع الأفق وانطوى على غير استواء..تطاير الشرر لهيبا يمزق ستر السماء...شاع الخبر في كل الأرجاء..أغلق المحار أبوابه واستسلم للقضاء...تهامست الحيتان في وجل ..وجمعت عرائس البحر شعورهن تعبيرا عن حداد وأسى....أي زائر هذا الذي افسد في أعين أطفالنا بهجة أنوار السماء ..أي جثة عفنة أفقدت حسنا متعة العبق الجميل ..وروائح الطيب وأحلام الصدق والوفاء..أي نغم هذا يردد أصداء الزمن الرديء... غريب أمر هذا المجيء من تحت أكوام الدمن وأكداس العفن... أياد تمتد إليه من كل حدب وصوب..هزيلة .مجعدة....تريد محو انحنائه وتسوية اعوجاجه وتوضيب نخارة عظامه...وتنصيع قتامته ومحو أوساخ علقت به وعلق بها حتى غدت مضرب أمثال ونحس ذكرى ... أياد كانت بالأمس القريب حافلة با ثمان الخساسة والفعل الدنيء..أياد طالت العهد وهتكت العرض وقبحت كل جميل ...التقى الجسد المتعفن بالأيادي القذرة ...هرولة ...تراكم الأشلاء بعضها فوق بعض ...تراكم البقايا متلاشية تلاشي الدوائر والأصفار ...تعالت الأصوات الباحة من حناجر الزيف وأبواق المراء والدجل والهراء...تطافأ بصيص الضوء المنطلق من الجوار ..اختلط الأعلى بالأسفل والأمام بالخلف والمقدمات بالمؤخرات.إلتبس الأمر على الأشلاء الهزيلة وهي تهرول نحو بقايا الجسد الملوث باتربة الركام...اصطفت بعضها وراء بعض ثم بعضها فوق بعض ثمبعضها تحت بعض ثم حاولت التوحد في جثة القادم من تحت الأنقاذ ..أمل يلوح من عمق السراب ...حلم يحاول فتح أقفال الرتابة والضياع...جسد هجين مشوه يتكون في حلك الظلام ...نتن الرائحة ..وقح الظهور ...جبان أي كيان سيطل علينا حين ينسل النور من غمد الظلام..هل يكون فرضا بحجم الانتظار ؟استحى الصبح من الانبلاج وتوارت الشمس عن الانظار وغيرت المسار، رأفة بالاعين الحالمة من أن تقع على هول بشاعة أكداس بقايا الركام ولتمكن بياض الأفق من تطويق المكان ومنع تسرب الديدان من أكوام عفن الأدران.وأوبئة الأشلاء ...وعلقت على وجه المكان أول لافتة تحذر من الاقتراب من المكان..ونادى المنادي : ايتها الفقاقيع النتنة ايتها العظام النخرة ايتها الجلود المشوهة ايتها البقايا الممزقة انخمدي واندثري واحتجبي في ذاك المكان . مكان يليق بتحت المقام يشار اليه على الدوام ::هنا مزبلة التاريخ. المنجي السعيدي ...طبرقة 28 01 2012