يرى عدد من المراقبين للمشهد المغاربي أن دعوة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي لإحياء اتحاد المغرب العربي تترجم رغبة شعوب المنطقة وحلمها في الاتحاد، إلا أنهم يعتبرون أن هذه الدعوة تبقى بعيدة عن الواقع وتتطلب الكثير من الوقت لتتحقق، خاصة في ظل صراع الجزائر والمغرب حول الصحراء الغربية وبرود العلاقات بين ليبيا والجزائر. وتأتي دعوة المرزوقي لإحياء الاتحاد المغاربي بعد سنوات من الجمود والعجز على تفعيل الشراكة الاقتصادية بين البلدان الخمسة، وبعد أن تمكنت كل من تونس وليبيا من إسقاط نظامي الحكم السابقين، وهو ما يعتبر فرصة جديدة للتقارب، وفقا لرأي البعض. مطلب شعبي ويعتبر أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بالجامعة التونسية مصطفى بن لطيف أن دعوة الرئيس المرزوقي تعبر من الناحية المبدئية عن مطلب شعبي وحلم متأصل في وجدان شعوب البلدان المغاربية، حيث يبدو من الضروري تحريك المسار المغاربي المتوقف وخلخلة الجمود فيه. لكن بن لطيف يعتقد أن "المسألة ليست مسألة إرادية فقط بل تتحكم فيها عدة معوقات سياسية وموضوعية"، مشيرا إلى أن آفاق نجاح هذه المبادرة في الوقت الراهن تبدو محدودة. أمر صعب ولا يذهب الأستاذ في القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني برأيه بعيدا عن بن لطيف، إذ قال في تصريح هاتفي للجزيرة نت إن دعوة المرزوقي لإحياء الاتحاد المغاربي تعتبر "طوباوية"، "فالرئيس التونسي الجديد جعل من مسألة المغرب الكبير مسألة عاجلة يجب إنهاؤها في 2012، وهو أمر بعيد التحقيق بكل تأكيد". كما اعتبر الحسيني أن المرزوقي ذهب بعيدا في مسالة البت في خمس حريات أساسية في المنطقة، وهو أمر من الصعب تحقيقه في المرحلة الراهنة. وفي السياق ذاته أشار الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي عبد الله العبيدي إلى أن دعوة المرزوقي تأتي في وقت تعرف فيه المنطقة المغاربية ظروفا "مهتزة وغير مستقرة، سواء من الجانب الأمني أو الاقتصادي أو الإستراتيجي الواسع"، معتبرا أن الوقت غير ملائم لإحياء الاتحاد المغاربي خصوصا وأن المرزوقي قال إن "الوضع مترد إلى أبعد الحدود" في البلدان المغاربية، وهو ما يتطلب جهدا مضاعفا لتفعيل الاتحاد بينها. وفي تصريح هاتفي للجزيرة نت ذكر الكاتب والمحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل أن "دعوة المرزوقي مهمة لأن الاتحاد المغاربي أحد الأدوات الإقليمية التي يمكن أن تضع الدول المغاربية حملها عليها لتجاوز الإشكاليات الموجودة وفي صياغة تعاون اقتصادي يمكن أن يفيد الأقطار الخمسة". لكن هذا الأمر يبقى رهين الناحية النظرية، بحسب رأي عقيل، فتفعيل الوحدة المغاربية يحتاج للكثير من الوقت، فليبيا ما زالت تعاني من الفوضى، كما أن تونس تعاني إشكالات أمنية خطيرة، والجزائر لا تزال من الناحية السياسية معادية للثورات العربية، وهو ما يمثل عائقا أمام عودة الروح للاتحاد المغاربي. عقبات ويحول عدد من العقبات دون تحقيق البلدان المغاربية وحدتها، بحسب رأي لطيف الذي يعتقد أن هناك ثلاثة عوائق يمكن أن تحول دون تحقق "الوحدة المنشودة"، من ذلك قضية الصحراء الغربية، ونظرة التوجس من الثورة التونسية، والصبغة المؤقتة للرئيس التونسي الحالي مما يحدّ من البعد الإستراتيجي على المدى الطويل للمبادرة التونسية، حسب تحليله. ومن جهته يعتقد الحسيني أن الإشكالية التي يعاني منها المغرب العربي هي فتح الحدود، من ذلك فتح الحدود بين الجزائر والمغرب المغلقة منذ 1994، معتبرا أنه بدل التفكير في حلول بعيدة المدى يجب التفكير في الوصول إلى فتح الحدود. وفي السياق ذاته ذكر العبيدي أن الوضع الحالي المتسم باهتزاز الثقة بين بلدان المغرب العربي لا يسمح بتفعيل معاهدة إنشاء الاتحاد المغاربي، واتفاقية الدفاع المشترك بين هذه البلدان، مؤكدا أن دعوة المرزوقي تفتقد للمقومات الأساسية للشروع في النظر فيها. المصدر: الجزيرة