إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    بطولة المانيا: ليفركوزن يحافظ على سجله خاليا من الهزائم    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    كاردوزو يكشف عن حظوظ الترجي أمام ماميلودي صانداونز    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ راشد الغنوشي : نفكر في إجراءات راديكالية في حق الإعلام من مثل خصخصته ....ومن حق الحكومة تعين الولاة يخدمون سياساتها ويحملون إيديولوجيتها
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 04 - 2012

هدد الشيخ راشد الغنوشي مؤسس ورئيس حركة لنهضة وسائل الإعلام التونسية بإجراءت «راديكالية» من بينها خصخصة الإعلام متهما اياها بالعداء للثورة وقال في حوار تنشره عُمان بالتعاون مع صحيفة الشرق القطرية واجراه في تونس كل نمن الزميلين جابر الحرمي و طه حسين ان ما وصفه ب"اعلام الحرب " يشبه تجار الحرب ويحاول عن طريق بقايا النظام السابق من الإعلاميين تشويه الثورة وان المواطن – دافع الضرائب ليس مجبرا على تمويل إعلام يجلده ليل نهار .
وعلق الغنوشي على ما شهدته تونس مؤخرا من مظاهرات قائلا اننا « في سنة ثانية ثورة « وان ما يحدث من اضطرابات أمر طبيعي في بلد يبحث عن مستقر بعد سقوط نظام جرف الحياة السياسية .
واعرب عن سعادته بالائتلاف القائم بين حركة النهضة وحزب التكتل الديمقراطي وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية وقال ان النهضة ارتأت ان المسؤولية من الثقل بحيث تنوء بحملها حركة واحدة وفضلت الدخول في ائتلاف بعيدا عن الاستقطاب الايديولوجي ناصحا في الوقت نفسه اخوان مصر بأن يبتعدوا عن الانفراد بالحكم مؤكدا ان المراحل الانتقالية تحتاج الى الوفاق وليس الأغلبية وان انسحاب الأطراف غير الاسلامية من صياغة الدستور المصري خطر على الديمقراطية . وان على الحركة الإسلامية ان تستفيد من تجربة الجزائر في التسعينات عندما رأت ان تحكم بمفردها بحكم الأغلبية التي حققتها في الانتخابات والتي وصلت الى 80 % . وان خطأ الحركة الاسلامية في الجزائر أنها تصورت أن بإمكانها الحكم وحدها بمنطق الأغلبية
واعلن ان تونس بصدد إطلاق البنوك الإسلامية مؤكدا ان ذلك لن يؤثر على البنوك التقليدية وسيكون امام المواطن التونسي خيارات ليقرر ما يشاء لافتا الى ان الاسلام اختنق في ظل الديكتاتوريات الشيوعية وازدهر مع الديمقراطيات الغربية وفي أجواء الحرية التي جاءت بها الثورات . وفيما يلي نص الحوار:
- بداية نود الاستماع منكم عن المشهد التونسي بعد مرور تقريبا مائة يوم على تشكيل النهضة للحكومة مؤتلفة مع حركات أخرى علمانية وكيف تسير الأمور؟
المشهد هو مشهد ثورة في سبيلها الى ان تتحول الى دولة وفريق من الثائرين في سبيلهم الى ان يتحولوا الى رجال حكم ، وحال الثورة مثل الزلازل التي تذهب بتضاريس وتخرج تضاريس جديدة تبحث عن مستقر لها اذ لا تزال متحركة وهذا ما يفسر الاضطرابات في الشارع والاعتصامات والتحركات هنا وهناك ، ذلك ان الاستقرار في البلد كان قائما على الخوف وعلى الرعب الذي يقوم عليه نظام بوليسي عتيد ، والثورة أسقطت الخوف فلم يعد هناك احد يخشى البوليس بل اصبح هو الذي يخشى الناس، والبلد يبحث عن الاستقرار اليوم المؤسس على الحرية وليس المؤسس على الخوف والرعب، وتجربتنا نحن المسلمين في الديمقراطية في قيام الانظمة على اساس الحرية وليس على اساس الخوف تجربة ضعيفة منذ سقطت الخلافة الراشدة والحكم يقوم على الغلبة وفق قاعدة كانت تقول «من ظهرت شوكته وجبت طاعته « اليوم نحن نسلك طريقا جديدا نطمح الى تأسيس الحكم يستمد شرعيته لا من القوة وانما من التراضي الشعبي ومن الوفاق ويستمد حريته لا من الخوف وانما من القبول الشعبي ، هذا الامر يحتاج الى وقت والى تضحيات والى صبر حتى يتحول الى نظام جديد وحتى يتأسس على ثقافة وعادات وتقاليد ،وبالمقارنة فإن الثورة الفرنسية لم يستقر وضعها على النحو الذي نعرفه الان الا بعد مائة سنة ، وهكذا الثورات الاخرى ، أخذت زمنا من الاضطراب ، وفرنسا عاد النظام الملكي وبقي في الحكم وانتقل الحكم الى نظام امبراطوري الى ان استقر على الحال المعروف الان بداية القرن العشرين ، ونحن لا نتوقع اننا سنحتاج الى مثل هذا الوقت الطويل، لأن الزمن قد تطور وثقافة الديمقراطية قد انتشرت والنماذج الديمقراطية موجودة في العالم فلسنا نؤسس اليوم شيئا بلا نظير وبلا مثال كما كان الفرنسيون والامريكيون والانجليز يفعلون، كلهم كانوا يؤسسون على غير مثال بينما نحن نؤسس على امثلة قائمة ومستقرة ومنتجة ، ونتوقع ان هذه المرحلة الانتقالية وتوصف هذه المرحلة بأنها انتقالية ونأمل الا تطول ، وألا تزيد عن سنة ، ونتوقع ان تجري في مارس القادم انتخابات او بين مارس الى نهاية صيف سنة 2013 في الربيع او الصيف ستجري انتخابات برلمانية تؤسس لنظام مستقر، ومن هنا الى هناك أحسب ان الأوضاع تتجه الى الهدوء باعتبار انه اصبح هنالك جدول عمل سياسي واضح ، والحكومة قدمت برنامجا اقتصاديا واجتماعيا معقولا، وبدأ الاقتصاد يشهد انتعاشة سواء على مستوى السياحة أو على مستوى الاستثمار الداخلي والخارجي او على مستوى نمو الصادرات التونسية، ولكن هناك مخلفات ثقيلة من العهد الماضي ، والسنة الاولى للثورة ضاعفت حجم الأعباء وضاعفت حجم البطالة من وراء الاضرابات والاعتصامات ، نأمل ان تتجه الحياة الى قدر من الهدوء يسمح باستئناف التنمية واعطاء الحكومة الفرصة كي تحقق برنامجها .
الديمقراطية تتحمل الاحتجاجات
- أفهم من كلامك أنك متفائل من مسيرة الثورة على الرغم من ظهور بعض المنغصات في الشارع والعراقيل التي تضع العصا في الدولاب حتى ربما قبل ان تتحرك ، ألا تشكل هذه المنغصات نوعا من العرقلة لذلك التفاؤل؟
-الأطراف التي لم تحقق ما كانت ترجو أمام صناديق الاقتراع أولم تحقق شيئا فوجئت بحجمها الطبيعي الذي كانت تضخمه رغم أنها أعلنت عن قبولها بالنتائج ولكنها ظلت مصرة على سحب العجلة إلى الوراء ، والقوى التي قامت عليها الثورة ، قوى النظام القديم هي الأخرى تحاول ان تعرقل المسار وتنشر الفوضى في البلد ، ولكن هؤلاء ينسون أن في تونس ثورة وان الحكومة المنتخبة جاءت بها ثورة ، صحيح أن الأطراف المتحالفة في الحكومة من مصلحتها تهدئة الوضع ولكنها ليست ضعيفة لأن الحكومات المنتخبة حكومات قوية ولذلك تتحمل المسيرات في الشارع والإضرابات على حين ان الأنظمة الديكتاتورية لا تتحمل ذلك ، فمظاهرة من المظاهرات التي شهدها شارع بورقيبة في الأيام الأخيرة رغم قرار وزير الداخلية بمنع التظاهر كان يمكن في زمن بن علي أن تسقط مئات الأرواح وان تملأ السجون دون ان تتراجع الحكومة عن قرارها ، ولكن حصلت هذه المظاهرات وانتهت دون ان تجري اعتقالات او تسقط قطرة دم واحدة رغم كل التهويل الإعلامي لكن لا أحد سجن ولا أحد ذكر انه جرح ، فما يحصل في البلد من اضطرابات هو أمر طبيعي لأن البلد يبحث عن مستقر بعد ان سقط نظام ،والنظام الجديد في سبيله إلى ان يبحث عن شكله ولما يصل الى شكله النهائي، فضلا عن ان رصيد تجاربنا من الديمقراطية وحكم المعارضة هو رصيد محدود ، فنحن في سنة ثانية ديمقراطية .
الثورة لم توقف الحياة
- أليس في قلة الممارسة خوف وانتم تنتقلون من الثورة إلى الدولة ومن رجال ثائرين إلى السلطة أليست الخبرة القليلة احد الإشكالات التي تواجه حركة النهضة ؟
- الإدارة التونسية مستمرة، والحكومة الجديدة لم تلغ الإدارة فنصف مليون اداري في تونس يمارسون عملهم وهؤلاء يمثلون الدولة ، ومن حسنات الثورة التونسية أنها استبقت على هذه الإدارة فغيرت النظام ولم تغير الدولة فالدولة مستمرة وطوال أيام الثورة وحتى الآن فإن التونسيين يديرون زر الكهرباء فتأتي الكهرباء، يديرون الحنفية فيأتي الماء ، مرتبات الموظفين لم تتخلف يوما والسلع في السوق لم تفتقد سلعة واحدة وحركة المرور مستمرة، رغم كل هذه الاضطرابات ، مما يدل على أن هناك إدارة في الجمهورية بقطع النظر عن أن نظاما ذهب ونظاما أتى لكن هناك إدارة ظلت تمسك بالبلد ، خلافا لبعض البلدان الأخرى حيث انهارت الدولة وأصبح هناك عجز حتى عن إيصال المرتبات او توفير الخدمات الأساسية ، فالخدمات الأساسية في تونس لم تنقطع يوما مما يجعل المهمة في تونس أيسر من المهمة في غيرها، صحيح إن هذه الإدارة فيها مفاسد كثيرة وان النظام البائد اخترقها وسيّسها وهي اليوم تمثل عقبة في طريق التحول هذا من الجانب السلبي فهي وفرت تواصل الخدمات وتواصل الدولة ، ولكن لأن هذه الإدارة تم تسييسها الى حد كبير من طرف النظام البائد ، إذ كان اي توظيف في الحكومة يشترط الحصول على حسن السيرة والبحث الأمني فلا بد ان يمر كل واحد على البحث الامني سواء كان قاضيا او مهندسا فلا بد من موافقة أمنية ، وهذا جعل الإدارة عقبة في طريق التغيير ولكنها من جهة أخرى ظلت تحقق الاستمرارية والخدمات الأساسية والحكومة الجديدة تعتمد على الإدارة بما في ذلك من ايجابي وسلبي ، فالذين يخططون للاقتصاد ويبرمجون وينفذون هم مختصون في مختلف المجالات حتى وان تسيس بعضهم لكن هناك خبرة تعتمد عليها الحكومة الجديدة والخبرة تكتسب ايضا فهؤلاء الحاكمون الجدد لديهم مؤهلات علمية عالية وكلهم أصحاب شهادات عليا وأهل اختصاص فوزير العدل محام ووزير الصحة طبيب ووزير التعليم العالي أستاذ جامعي دولي وهكذا ولم يتسلم أحد وظيفة لا علاقة له بها ، ثم هناك ثورة قامت على نظام سياسي ووزراء بن علي لديهم خبرة نعم ولكنها خبرة في النهب والفساد بينما نحن فريقنا مشهود له لأنه فريق مناضل وعلى خلق ونظافة يد وهذا ما قامت من اجله الثورة وليس من المعقول ان نبقي مفسدين لأنهم خبراء .
- لكن يقال ان هناك سياسة التطهير والاجتثاث لبعض العناصر من المؤسسات أليس هناك توجه لهذا الاجتثاث لبعض العناصر الموجودة في الإدارة بالدولة؟
- لم يستخدم احد من الموجودين في الحكم كلمة الاجتثاث ، فالثورة التونسية لم تكن بهذا العنف وتعلم كم عدد المسجونين الآن من النظام القديم ؟ هم حوالي 15 او 16 معتقلا حيث لم تقم المجازر في تونس ولم يقتل احد من النظام القديم ، نظام حكم 50 سنة كل عدد المسجونين الآن 15 او 16 شخصا فقط ، وهؤلاء محالون أمام المحاكم العادية وليست محاكم عسكرية واستثنائية فالثورة التونسية كانت أهدأ ثورة عرفتها المنطقة على الإطلاق ، ولذلك لم يتحدث احد هذه اللغة لغة العراق فلغة الاجتثاث ليست لغة تونسية . أما كون الحكم فكل حكم من حقه أن يأتي برجال يضعهم في المناصب السياسية ، لأن كل حكم ينفذ سياساته عن طريق رجاله المباشرين فالولايات المتحدة مثلا وهي من اعرق الديمقراطيات عندما يأتي حاكم جديد له الحق في ان يغير3 آلاف وظيفة والباقي هي الدولة لكن المناصب السياسية والسفراء ورؤساء الأركان ومديري المخابرات وغيرها من الوظائف السياسية من حقه تغييرها ، فنحن في تونس دولة فيها وظائف إدارية وهذه هي الدولة ووظائف سياسية وهذه هي الحكومة ومن الوظائف السياسية مثلا الولاة أو المحافظون كما تسمونهم انتم فمن حق الدولة ان تعين المحافظين وتعين من يخدم سياساتها ويحمل إيديولوجيتها ، والحكومة عندما جاءت لم تبدأ بتغيير هؤلاء واستبقتهم ولكن تبين لها أن كثيرا منهم يعرقلون السير ولا ينفذون السياسات وإنما يعرقلونها وولاؤهم للعهد القديم فكان يجب تغييرهم ولا أحد منصفا يناقش حق الحكومة في أن تغير في المناصب السياسية وأقصى ما يمكن ان تفعله الحكومة في المناصب الإدارية أن تغير واحدا من مكان إلى مكان آخر ولكن ليس من حقها أن تجتثه لأن هذا له حقوق ثابتة في الإدارة وتدرج في السلم الإداري إلى أن حصل على وظيفته تلك فله حق مكتسب وثابت إلى أن يثبت انه ارتكب مخالفة قانونية فيحاسب محاسبة قانونية .
-لكن هناك من يتهمكم بأنكم بعد وصولكم إلى الحكم بدأتم تتراجعون عن الأفكار التي كنتم تنادون بها على خلفية التنازل عن مصدر التشريع ؟
- هذا اتهام باطل لأن من ينظر في برنامج النهضة الذي دخلت به الانتخابات لا يجد اي إضافة لما ورد في البند الأول من دستور 1959 من أن تونس دولة حرة مستقلة لغتها العربية ودينها الإسلام ونحن رأينا أن هذا النص كاف فتحديد هوية هذه الدولة ليست علمانية ولكن اسلامية بنص الدستور القديم وإذا اتفق كل الفرقاء على ذلك وبعضهم توجس خيفة من موضوع الشريعة فرأينا أن نكتفي بما هو مشترك لأن الدساتير ينبغي أن تبنى على الإجماع او ما يقارب الإجماع ويمكن ان حصل للشريعة على 51 % ولكن ماذا نفعل بال49% الآخرين سنعتبرهم أعداء للشريعة بينما هم يقرون الإسلام ؟ سنجعل المقابلة بين الإسلام والشريعة فهل الشريعة معنى زائد عن الإسلام ؟ ام هي جزء منه ؟ فإذا قبل الناس الكل فلماذا ندخل في مشاكسات من مثل ما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع نصارى بني تغلب الذين ارتضوا أن يدفعوا الزكاة ورفضوا ان يدفعوا الجزية ورأوا في الجزية شيئا ينقص من قدرهم ومسا بكرامتهم فقال عمر : « ارتضوا المعنى ورفضوا الاسم « فنحن قومنا رضوا الإسلام ورفضوا الشريعة ونحن نقول أنها ليست معنى زائدا عن الإسلام وهم توجسوا خيفة من الشريعة بسبب التطبيقات السيئة للشريعة في أفغانستان وغيرها والتي أساءت للشريعة فاصبح قسم من مواطنينا قابلين بالإسلام رافضين للشريعة فلهم أن يقبلوا الإسلام وربنا قال « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا « وقال « ان الدين عند الله الإسلام « فما دامت هذه المظلة مقبولة عند الجميع فليكن ولماذا نرهق قسما من مواطنينا بالخضوع لمفهوم لم يستقم عندهم ولم يستوعبوا حقيقته وإنما نظروا إليه من خلال الصور الشائنة التي وزعها بعض الإسلاميين حولهم . نحن حركة اسلامية نشأنا لخدمة الإسلام وسنظل كذلك . والاختلاف ليس في الإسلام وإنما حول تنزيله في الواقع وتطبيقاته وهذا تحكمه حسابات سياسية وقراءة للواقع المحلي والدولي وما يطيقه الناس ولكن ليس عندنا خلافات حول حلال الإسلام وحرامه فلا تراجع عن الثوابت وإنما نشأنا بالإسلام ولخدمة الإسلام وسيد قطب -رحمه الله - يقول خذوا الإسلام جملة او دعوه جملة وهذه العبارة تصح من وجه ولا تصح من وجه آخر ، تصح في الاعتقاد اما تطبيقه فبقدر ما تطيقون وتستطيعون : « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع الخ « والحركة الإسلامية في تونس دخلت الحياة السياسية من باب المطالبة بالحرية تقديرا من أن مجتمعنا مسلم ولا ينقصه من اجل ان يطبق اسلامه كاملا الا الحرية ولا ينقصه من اجل ان يفهم اسلامه الفهم الصحيح الا الحرية، نحن معتقدون ان الاسلام دين الفطرة واذا قدم للناس من وجه صحيح سيقبلونه وان شعبنا ظل مسلما رغم انحرافات حصلت ولا ينقصه حتى يصحح تصوراته ويعمل بإسلامه الى ان يستعيد حريته .
شيخنا دعنا نتوقف معك أمام تظاهرة 9 افريل لتعلق عليها من عدة نواحٍِ قيل ان هذا العدد الذي تظاهر يشكك في عدد من انتخبوا النهضة وغمزت الصحف من باب ان التظاهر « حرام « وقيل كلام كثير ساخر من الحركة والحكومة وقيل ان النهضة عندما تقمع بالغاز كما كان يقمع بن علي كيف تعلق على ذلك ؟
- واضح ان الإعلام في عمومه معاد للنهضة .
- النهضة مظلومة إعلاميا اذن ؟
- قطعا ، ولذلك هنالك تفكير في إجراءات راديكالية في حق الإعلام من مثل خصخصته ، فالإعلام العمومي الذي تملكه الدولة والذي يعارض الحكم الآن تأثرا لأن نفس العناصر التي كانت في زمن المخلوع هي لا تزال تمسك بالإعلام وتثار من الحاكمين الجدد انتصارا للحاكمين الذين قامت عليهم الثورة إضافة إلى بعض العناصر التي خسرت في الانتخابات تثار أيضا من الحاكمين الجدد وتحاول ان تعطي صورة عن تونس انها فوضى مطلقة وتجتهد ليل نهار بأن ترسخ انطباعا ان لم يقع تغيير في تونس وان الحاكمين الجدد أسوأ من السابقين بما يعيد الاعتبار للنظام القديم وان البلد كان في وضع افضل بما يعرقل الانتعاش الاقتصادي ، لأنهم يرون أن النهضة التي تقود الحكم مع غيرها اذا نجحت في تحقيق انتعاشة اقتصادية فستكون رحلة البلد معها طويلة جدا ولذلك ينبغي قطع الطريق عنها اليوم قبل ان تترسخ اقدامها وتتمكن . وهم يعتبرون اليوم وليس غدا وان هذه هي الفرصة الأخيرة لقطع طريق مستقبل البلاد مع النهضة فهناك تفكير في خصخصة هذا الإعلام، والديمقراطيات المعاصرة لماذا تبقي على الإعلام الرسمي ؟ ولماذا يمول الناس هذا الإعلام وكل مواطن يدفع للتلفزة الوطنية واليوم هناك شعور بالقهر لدى المواطنين بأنهم يمولون اعلاما يجلدهم بالليل والنهار ويتساءلون لماذا لا تغيرون كل رؤساء الأجهزة الإعلامية تلك ولماذا لا يخصص هذا الإعلام ونتركهم يمولون وسائلهم وليس من الشعب ، فهؤلاء الإعلاميون لا يدركون خطورة ما يفعلون بأنهم يتحدون ثورة وشعبا وهذه الحكومة منتخبة ولا احد شكك في هذا الانتخاب فهذا نوع من الانقلاب على إرادة الشعب ولا اقول كل الإعلام لكن قطاع واسع من الإعلام ينقلب على إرادة الشعب ، ويقول للشعب إنكم أخطأتم في انتخاب هذه الحكومة وينبغي ان تسقط الحكومة اليوم ورفعت في المظاهرات شعارات تطالب بإسقاط الحكومة ، ولكن الحكومة لأنها قوية لم تتزعزع ولم تطلق العنان للقوة رغم كل ما قيل من عنف والتونسيون يعلمون ان في مظاهرات مشابهة في ايام بورقيبة وبن علي سقطت مئات الارواح وفي يوم واحد زهقت 700 روح في مظاهرات 1984 في زمن بورقيبة وفي زمن بن علي كان كافيا اي مظاهرة لتملأ السجون بالمعتقلين المناضلين وينطلق التعذيب على نطاق واسع .
- لكن تم اتهامكم بأن هناك ميليشيات للنهضة جاءوا بها لتفريق وقمع المتظاهرين في المسيرات ؟
- هذا هبوط أخلاقي بالخطاب السياسي والخطاب السياسي عندما يتعرى عن الأخلاق يطلق الاتهامات جزافا بدون دليل ، وهو حالة من حالات الابتئاس والعجز عن مواجهة حقيقة الفشل في صناديق الاقتراع وان هذه الأحزاب تحاول أن تسترد بالفوضى ما فشلت في تحقيقه بالديمقراطية .
- هذا يعني إنكم تواجهون حربا إعلامية ؟
- هناك حرب إعلامية شرسة لا شك ، ووزير الداخلية نفسه ذكر بأن قسما من الشرطة لا يرتدون الزي الرسمي وهو موروث من العهد الماضي ويشاركون في تفريق المظاهرات ونحن انتقدنا هذا وقلت أن الشرطي ينبغي ان يتميز بزيه حتى لا تختلط الامور ويظن بأن هناك أطرافا اخرى غير رسمية ، والدولة ينبغي الا تتخفى ، ينبغي ان تبرز بشاراتها ورموزها لتمارس دورها لأنها تعمل في اطار القانون والنهضة ليست ميليشيا ولكنها حركة مناضلة وعندما تتظاهر تتظاهر بأعلامها ورموزها وكحزب حاكم لماذا تتخفى ؟
ليسوا عملاء
- قيل ان الثورات لم تنطلق الا بتدخلات خارجية وان الذين قاموا بالثورات عملاء مرتبطون بالخارج ؟
- هذا البوعزيزي - رحمه الله - لم يكن عضوا في السي اي ايه ، وإلا لم يكن ليشتغل على عربة خضار ، هو وأمثاله ، والسجون التي كانت مزدحمة بالأحرار ليسوا عملاء والذين خرجوا تحت الرصاص في شوارع تونس لم يكونوا عملاء لان العميل لا يقدم روحه فداء للوطن ، وهؤلاء الذين يتهمون الثورات العربية بأنها ثورات عميلة هؤلاء مصابون بعقد من النقص رهيبة ولا يتحملون ان ينسب للعرب خير ، وواضح كالشمس ان الثورة التونسية والثورة المصرية حسمتا أمرهما قبل اي تدخل اجنبي واحدة حسمت في 3 أسابيع والأخرى في اسبوعين والعالم مذهول بما فيه الغرب على حين ان بن علي كان عميلا للغرب ، وهناك شريط وثائقي قدمته التلفزة الوطنية اسمه دولة الفساد قدمت فيه 3 حلقات الأولى أبرزت شهادات على ان بن علي لم يكن متعاونا مع الموساد فقط وانما كان عضوا في الموساد ومبارك لم يكن بعيدا عن ذلك في علاقته باسرائيل ثم يأتي من يقول بان الثورات عميلة اي ضد العملاء ، ووزيرة خارجية فرنسا في الأسبوع الثالث من الثورة خطبت في الجمعية الوطنية الفرنسية لتؤكد ان فرنسا تضع كل خبرتها الأمنية لصالح بن علي فكيف تكون الثورة عميلة
- لكن الغرب يبدي حرصا على التعاون مع الحكومات المنبثقة عن الثورات ؟
- الأمر واضح فالغرب له مصالح بهذه البلدان ويدرك ان عملاءه قد سقطوا ويبحث عن مصالحه مع الحكام الجدد وهذا امر طبيعي ويكشف ان الغرب يتبع مصالحه وكل عميل سقط لا يذرف عليه الدموع ولا يعطيه حتى المأوى .فالغرب هو الذي اتى للاسلاميين وليسوا هم من ذهب للغرب والغرب جاء ليضمن مصالحه بعد سقوط من كانوا يضمنون له مصالحه.
لا نحمل لواء الحرب
- لكن ما حدود الضمانات هل ستمنحون الغرب نفس ضمانات العملاء ؟
- هناك مصالح متبادلة ولا احد اليوم من الاسلاميين الذين يحكمون يحملون لواء الحرب على الغرب والتيار الوسطي المعتدل لم يقل انه يريد ان يحارب العالم ، بعض التيارات المتشددة اعلنت الحرب على اليهود والنصارى أما الحركة الاسلامية فلا ترى ذلك لأنها تؤمن ان الاسلام اعترف بالتعدد الديني والسياسي في العالم ودعا الناس الى ان يتعاونوا على الخير « وتعاونوا على البر والتقوى « « إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا « اي لتتبادلوا المعرفة والمصالح ونحن نحرص على استقلال امتنا وحرص على استمرار تبادل المصالح ، لاننا نعيش في عالم تتقارب اجزاؤه وتتشابك اوضاعه حتى البيئة لا يمكن لدولة ان تحل مشكلة بيئية بمعزل عن دولة اخرى نعيش في قرية واحدة وليس في ديننا مايمنعنا من الحوار وتبادل المنافع والمصالح مع كل من يقبل ان يبادلنا ذلك على اساس المصالح المتبادلة واستقلال اوطاننا .
- تواجهون تحديا آخر يكمن في التيار السلفي ويقال ان الصدام قادم بين النهضة وبين السلفيين ؟
- هناك من يروج لهذا والاعلام اليوم اعلام الحرب مثل تجار الحرب فاعلاميو الحرب يبشرون بصدام النهضة والنقابة وبين النهضة والسلفيين وتلك امانيهم ويتمنون ان يخلصوا من الاسلاميين بضرب بعضهم بعضا . والسلفيون هم ابناء وبنات تونس لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات اخواننا واخواتنا نأمل لهم ما نأمل لأنفسنا وللمواطنين من الخير وهم في عمومهم مسالمون لهم آراء يصفها البعض بالتشدد ومن لا يرتضي تلك الاراء مثلنا فسبيل التعامل هو الحوار « قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين « ونحن نتحاور معهم والذين تجاوزوا حدود العمل السلمي الى استخدام السلاح او التدرب عليه فهؤلاء شأن الدولة معهم فهي التي تتعامل معهم والحكومة بعض الشبان الذين هربوا الاسلحة الى تونس منتسبون لهذا التيار فالدولة تعاملت معهم بما يجب مع من يهدد باستعمال السلاح وكانوا ثلاثة قتلت منهم اثنين واسرت الثالث اما الاخرون الذين بضاعتهم افكار فهذا شأن المجتمع المدني معهم وليس شأن الدولة ومن رغب منهم في ان يدرس في المساجد يدرس ومنهم من انشأ جريدة او جمعية ومن اراد ان يعمل منهم في السياسة ليكون حزبا نرحب به فله الحق مثل غيره واذا ارتضاه الشعب حاكما فليحكم وهذه حقوق انسانية ووطنية لهم ما لغيرهم من العلمانيين ففيهم معتدلون ومتشددون . ومن خالفهم الرأي لايفتح لهم السجون وانما يفتح لهم ابواب الحوار والعمل الفكري والثقافي والسياسي والنقابي في اطار القانون . الغنوشي في حديث صحفي : نفكر في إجراءات راديكالية في حق الإعلام من مثل خصخصته ....ومن حق الحكومة تعين الولاة يخدمون سياساتها ويحملون إيديولوجيتها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.