مصر(القاهرة:باقتراب الانتخابات الرئاسية المصرية تتطلع أعين المراقبين إلى من سيعتلي كرسي رئاسة الجمهورية لأول مرة عن طريق انتخابات ديمقراطية مباشرة و نزيهة , و تتفاوت التوقعات بين المرشحين العشرة غير انه و من الواضح بروز عدد من المرشحين اكثر من غيرهم , على الاقل اعلاميا , لكن يتبادر هنا سؤال ما هي الفرص الحقيقية لهؤلاء المرشحين بعيدا عن التسليط الاعلامي الذي يحظى به بعضهم و بعيدا عن مؤشرات استفتاءات الصحف التي كثيرا ما تكون بعيد عن الواقع بل و احيانا مسيسة لابراز مرشحين بعينهم. معظم المراقبين و الاعلاميين يصنفون المرشحين الى 3 شرائح رئيسية : الاسلاميين , الليبراليين ( و معهم في نفس الشريحة التيار اليساري ) , و الشريحة الثالثة ما يسمى مرشحي النظام أو الفلول بالنسبة للتيار الاسلامي فله 3 مرشحين كما هو معروف , محمد مرسي , محمد سليم العوا , و عبدالمنعم ابو الفتوح أما ما يوصف بالتيار الليبرالي فأبرز مرشحيه هو حمدين صباحي و هو في الواقع محسوب على التيار القومي الاشتراكي اكثر منه ليبرالي كما يوجد مرشح رئيسي اخر لكن يتفاوت تصنيفه حسب المراقبين و هو عمرو موسى , فالبعض يراه من ضمن الشريحة الثانية و في نظرهم انه ابرز المرشحين ضد التيار الاسلامي , بينما يصر اخرون انه في الواقع جزء من شريحة الفلول و ان جزء لا يتجزأ من النظام السابق و هنا لابد من التوقف و التمحص جيدا في واقع هذه المنافسة , فالناظر لخارطة الشارع الانتخابي في مصر يرى جيدا ان هذا الشارع ثلاثة ارباعه ينتمي و يصوت للتيار الاسلامي عموما بافكاره المختلفة , و قد تجلى هذا بوضوح في الانتخابات المصرية حيث حصد الاسلاميون باحزابمهم المختلفة و على رأسها حزب الحرية و العدالة و حزب النور , حصدوا اكثر من 70% من مقاعد البرلمان , و هذه النسبة هي تقريبا نفسها التي صوتت بنعم في استفتاء التعديل الدستوري و الذي من المعروف ان التيار الاسلامي كان من ابرز الدافعين بهذا الاتجاه وقتها. اذا لتوقع نتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية لابد للناظر ان يأخد في الاعتبار هذه الرؤية اولا فهي بلا شك ستكون مؤشر مهم لتوجهات الناخبين يوم 23 مايو , في الانتخابات الرئاسية لابد لاحد المرشحين من ان يكسب اكثر من 50% من الاصوات ليكون الفائز الرسمي , و بتواجد هذا العدد الكبير من المرشحين يستبعد جدا ان ينال احدهم هذه النسبة من أول الجولة , اذا فالأرجح الانتقال الى الجولة الثانية حيث ينتقل المرشحين الاثنين الحاصلين على اكبر نسب الى المرحلة الثانية حيث يصوت الناخبون من جديد على احد هاذين المرشحين. و بالنظر الى الشارع الانتخابي المصري كما اشرنا سابقا فان بعض المرشحين الذي يبرزون من ناحية اعلامية او يظهرون بقوة نسبية في الوسط النخبوي , و بالتحديد نتكلم هنا عن عمرو موسى و حمدين صباحي , تبدو فرص ان يحرزو نسبة عالية تؤهلهم الى الجولة الثانية امرا ممستبعدا جدا , و لا يتوقع ان يحرزوا فوق 15 % , و من جديد وفق قراءة الشارع الانتخابي فإن المرشحين الراجح حصولهما على اعلى نسب هما عبدالمنعم ابو الفتوح و محمد مرسي و من المتوقع ان يحصد كلاهما على الاقل نسبة 30% في الجولة الاولى و ذلك للاسباب الاتية : كما وضحنا فان الغالبية العظمى من الشارع المصري تنتخب التيار الاسلامي و هاذين المرشحين مدعومان من الكتل الاسلامية الرئيسية , فمحمد مرسي اولا هو مرشح الاخوان و عليه فانه سيحظى بدعم الجماعة و الوزن الانتخابي النسبي للجماعة قياسا باخر انتخابات يتراوح في حدود ال40% فمن المتوقع ان تصوت نفس النسبة تقريبا او اقل قليلا لصالح محمد مرسي , و اما عبد المنعم ابو الفتوح و هو القيادي السابق في الاخوان و يترشح حاليا كمستقل فانه اصبح الان يحظى رسميا بدعم الكتلة السلفية و الذي يمكن تقدير وزنها الانتخابي بما يزيد عن 25 % على الاقل, كما انه لا تزال شريحة لا بأس بها من الاخوان متعاطفة معه و قد تصوت له , اضف الى ذلك طيف كبير من المجتمع العادي الغير مسيس حيث يحظى ابو الفتوح بشعبية كبيرة كشخصية وطنية عموما حتى في فترة تواجدع مع جماعة الاخوان , و من ضمن هذا الطيف ايضا كثير من تيارات الليبرالية حتى اذا ان ابو الفتوح حظي دوما بصورة الشخصية الوطنية المناضلة و المعتدلة ذات الفكر المتنور و هذا بلا شك سيكون من ابرز نقاط قوته في المنافسة الانتخابية , و من هنا فمن الوارد جدا ان يحظى هو الاخر على الاقل بتأييد ما يقارب ثلث الناخبين في الجولة الاولى . و اذا انتقل فعلا هاذين المرشحين الى الجولة الثانية في مواجهة مباشرة فان فرص عبدالمنعم ابو الفتوح في احراز الاغلبية ضد مرسي تبدو اقوى , اذا أن المصوتين لمرسي في الجولة الثانية سيكونوا هم نفسهم تقريبا الذين سيصوتوا له في الجولة الاولى و هم في الواقع الاخوان او القريبون منهم جدا , اما ابو الفتوح فكما اشرنا سيصوت له شرائح متعددة بالاضافة الى معظم الذين صوتوا لمرشحين اخرين محاولة منهم في منع فوز الاخوان بالسلطة التنفيذية الى جانب التشريعية , بل من الوارد جدا ان حتى بعض القريبين من الاخوان سيصوتون لابو الفتوح من باب معرفتهم به و تعاطفهم مع رؤيته الوسطية خصوصا في عدم ظهور صورة كارزمية قوية لمحمد مرسي المرشح الرسمي للاخوان. يظل طبعا امر الحسم في توقع اي فائز في اي انتخابات امرا صعبا خصوصا في حالات مثل بلداننا العربية الانتخابات النزيهة فيها امر جديد , و لكن تبدو هذه هي القراءة الاولية قياسا على واقع الانتخابات و الاستفتاء الاخيرين في مصر خلال العام الماضي و يبقى الخيار الاخير للشعب المصري و الذي لا نشك انه وصل لدرجة من النضج يستطيع فيها ان يختار الرجل المناسب في المكان المناسب امليين من الله ان يولي على كل بلاد المسلمين خيارهم و لا يولي شرارهم.