أجزم أن الكثير من الناس يجهلون فهم كلمة "زنديق" مثلما هو الشأن من قبل حينما ذكر رئيس الجمهورية السيد المنصف المرزوقي وهو يلقي خطابا للتونسيين كلمة "سفور". أسالت أودية من الحبر من قبل وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية حول هذه اللفظة التي استنكرها بعضهم. كما أن التلفزة الوطنية وغيرها من القنوات الفضائية اعتبرتها تندرج ضمن خانة التهكّم على المرأة، إذ العديد من المثقفين رأوا في ذلك إساءة لها حين نعتها السيد الرئيس بكلمة «سفور» ومن يبحث في لسان العرب لابن منظور يجد أن كلمة «سفور» تعني تعرية الوجه. فنظامي بورقيبة وبن علي قد نجحا في سياستهما التغريبية إلى درجة أن مثقفي هذا البلد يتقنون اللغتين الفرنسية والأنقليزية، وما نأسف له كثيرا أنهم لا يأبهون للغة الضاد، اللغة الأم للمجتمع التونسي. فالدستور التونسي نصّ في البند الأول أن تونس دولة مدنية دينها الإسلام ولغتها العربية ولكننا لم نلمس ذلك على أرض الواقع، إذ الأمر مغاير تماما فأهل العلم والمعرفة يجهلون الكثير عن لغتي القرآن وأهل الجنة كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم. أما لغة "زنديق" فهي لفظة فارسية معرّبة تعني الشخص الذي يرى الحياة المادية ولا يؤمن بالروحانيات والغيبيات. وكذلك الشأن ليوسف الزنديق، فالإذاعة والتلفزة وجميع وسائل الإعلام لا تتوانى عن ذكر اسمه وخصاله حتى أنه أصبح أشهر من نار على علم. لا تظنون أيها السادة والسيدات أن كلمة زنديق كلمة قبيحة؟ صحيح أنها كانت بالأمس غير محمودة بالمرّة ولكن في يوم الناس هذا لها مدلول مغاير ومختلف، ففي ما مضى كان هنالك نبي اسمه يوسف الصديق عرف بالطهر والعفة وحسن الخلق، أما اليوم فنجد في تونس شخص اسمه يوسف الزنديق. فالزندقة لم تعد حكرا على أحد إذ الجميع بإمكانهم أن يتزندقوا، يكفي أنهم يقولون آراء مخالفة لما جاء به الدين الإسلامي ليجدوا الشهرة والأضواء أمامهم. فمن أراد أن يدخل عالم الشهرة وتنشر صوره داخل الصحف والمجلات فعليه أن يجد له مكانا مع الزنادقة الذين عرفوا من أين تؤكل الكتف ودخلوا عالم الزندقة من بابه الواسع العريض. والدخول في هذا العالم سهل وليس مكلفا فيكفي أن تمسّ أو تهزأ برمز من رموز الإسلام ومقدّساته وتعاليمه لتجد نفسك من بين العظماء. ففي هؤلاء الزنادقة قال الشاعر : قل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء فيصل البوكاري تونس