حالة الطقس ليوم الأحد 12 ماي 2024    عاجل : برهان بسيس ومراد الزغيدي بصدد البحث حاليا    يوم تاريخي في الأمم المتحدة :فلسطين تنتصر... العالم يتحرّر    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    سوسة: أيّام تكوينية لفائدة شباب الادماج ببادرة من الجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس أو أس"    تطاوين: إجماع على أهمية إحداث مركز أعلى للطاقة المتجددة بتطاوين خلال فعاليات ندوة الجنوب العلمية    سليانة: الأمطار الأخيرة ضعيفة ومتوسطة وأثرها على السدود ضعيف وغير ملاحظ (رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي)    مقرر لجنة الحقوق والحريات البرلمانية " رئاسة المجلس مازالت مترددة بخصوص تمرير مبادرة تنقيح المرسوم 54"    مصادر إسرائيلية تؤكد عدم وجود السنوار في رفح وتكشف مكانه المحتمل    انضمام ليبيا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل    النادي الافريقي: فك الارتباط مع المدرب منذر الكبير و تكليف كمال القلصي للاشراف مؤقتا على الفريق    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    بطولة الاردن المفتوحة للقولف - التونسي الياس البرهومي يحرز اللقب    شيبوب: وزارة الصناعة بصدد التفاوض مع مصالح النقل لإعداد اتفاقية لتنفيذ الالتزامات التعاقدية لنقل الفسفاط    6 سنوات سجنا لقابض ببنك عمومي استولى على اكثر من نصف مليون د !!....    كيف قاومت بعض الدول الغش في الامتحانات وأين تونس من كل هذا ...؟؟!!.    سوسة: بطاقات إيداع بالسجن في حق عشرات المهاجرين غير النظاميين    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    تنظيم الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية من 14 إلى 21 ديسمبر 2024    مهرجان الطفولة بجرجيس عرس للطفولة واحياء للتراث    41 % هي نسبة شعور الشباب بالظلم    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    اقتحام دار المحامي وايقاف سنية الدهماني    عاجل/ الاحتفاظ بسائق تاكسي "حوّل وجهة طفل ال12 سنة "..    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    المهدية.. إفتتاح "الدورة المغاربية للرياضة العمالية والسياحة العائلية"    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    لويس إنريكي.. وجهة مبابي واضحة    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    القيادي في حركة "فتح" عباس زكي: " الكيان الصهيوني يتخبط لا قيادة له.. والعالم على مشارف تحول جديد"    وزير الخارجية يعقد جلسة عمل مع نظيره العراقي    منذ بداية سنة 2024.. إعادة قرابة 2500 مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    هذه المناطق دون تيار الكهربائي غدا الأحد..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    من الأعماق..الفنان الخالد بلقاسم بوقنة: عاش عزيزا متعففا ... ورحل في صمت !    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    البطولة العربية لألعاب القوى تحت 20 عاما : تونس ترفع رصيدها الى 5 ميداليات    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عجائبُ المشهدِ السّياسي المصريِّ الرَّاهِن ! محمد الحبيب مصطفى الشايبي

كما لا تخلُو الدُّنيا من عجائبِها السّبعة، لا يخلُو المشهد السّياسيّ المصريّ الرّاهن من عجائبه، بين مدِّ الثّورةِ المصريّة بمختلف أطيافها و محاولةِ إخراج البلاد من براثن الاستبداد و الإذلال، و جذب أصولِ و فُلُولِ النِّظام السّاقط لإعادة مصر لسيرتها الأولى...
إذا ما سلّمْنَا بأنّ المحكمة الدّستوريّة بمصر تُعتبرُ أصلاً من أصولِ نظام مبارك السّاقط، حيث سهِر الرّئيس المصريُّ المخلُوع على تعيين رئيسِها بأمرٍ رئاسيّ، فلم تُنكِر المحكمة الدّستُوريّة و لم يُنكِرْ رئيسُها جَمِيلهُ، فأعادتْ نذرًا منهُ في الأيّام القليلة الماضيّة، بحلِّ البرلمان المصريّ المُنتخب ديمقراطيًّا من الشّعب المصري، لِتعارُضِ الأجندة الوطنيّة مع المصالح " الصهيوأمريكيّة " إذا صحَّ التّعبير.
و ما تأجيل التّصريح بنتائج الدّورة النّهائيّة للإنتخابات الرِّئَاسيّة، بين ممثلّ النّظام المخلُوع " " شفيق " و ممثّل التّيار الإسلاميّ الذي يُعتبرُ جناحًا من أجنحة ثورة 25 يوليو، لما يحضاهُ من شعبيّة لدى الأوساط المصريّة على اختلاف أطيافِها، و بالتّالي هو ممثّل حقيقي للثّورة المصريّة، لما عاشه هذا الطّيف السّياسي من الإقصاء و التّكميم و تجفيفٍ لمنابعه بالمُتابعة الأمنيّة و السِّجن و التّنكيل على مرِّ أُمّةٍ من الزّمن، إلاّ بصمة تنمُّ عن أصابِع احترفت النّهبّ و التَّدليس و التّزييف، فبدأت المحكمة الدّستُوريّة بِخَلْطِ الأوراق من جديد لإعادة مصر لسيرتِها الأولى و ما كانت عليه قبل الثورة، بلدًا محتلاًّ سياسيًّا، إحتلالا " صُهيُوأمريكيًّا "، بإصدارها لقرار حلّ البرلمان المصريّ المُنتخب ديمقراطيًّا و بصورة لا تخلُو من الشّفافيّة من لَدُنِ صاحب السّيادة الحقيقة، ألا و هو الشّعب المصري الذي اغتُصِبَ منه الحُكم منذ عشرات العقود إن لم نقل منذ قرون ...
كما للدُّنيَا عجائبُها السّبعة، فإنّ المشهد السّياسيّ المصريّ اليوم لا يخلُو من عجائب، كانت بالأمسِ القريب تُسبِّحُ بحمدِ النِّظام المخلوع، فانقلبت اليوم تريد أن تمسح من ذاكرتنا شنيع صنائعها بالشّعب المصري، أوّلُ هذه العجائب، أحمد شفيق الذي كان بالأمس القريب آخر رئيس لوزراء حكومة مُبارك، رفيق دربه في مسيرة استضعاف المصريين و استنزاف موارده قصد تعبئة جيوب الفساد و الفاسدين من الموالين لهذا النّظام، و إذلال الأُمّة و تنفيذ مشاريع أعدائها بالحرف و الكلمة، بين عشيّةٍ و ضُحاها أصبح يُدافِعُ عن الثّورة التي ساهم في إخمادها قسرًا و إهراق دماء الشّهداء و محاولة وإجهاضها ! ها هو اليوم يُنافِحُ عن أهدافها حتّى ينقلِب عليها و يُعيدَ مصر إلى سيرتها الأولى، و أمّا العجب الثّاني: يتمثّلُ في المجلس العسكريّ الذي يستأثِرُ بثلثِ ثروة مصر التي نهبوها على مرّ حكم مبارك، مع أنّهُ بضعة أفراد أو يزيدُون نفرًا أو نفران، كان بالأمس القريب يُسبِّحُ بحمد النّظام المخلوع، رئيسه المُشير الطّنطاوي، أبرز وجوه الفساد، رفيق درب المخلوع، أصبح اليوم له اليدُ الطُّولى يأمرُ و ينهى و يعقِدُ و يحُلّ إلى أجل غير مُسمّى، محاولة منه لإجهاض الثورة و الانقضاض عليها و إعادة البلاد إلى براثن النّظام السّابق...يُقِرُّ حلّ البرلمان الذي انتخبه الشّعب المصريّ و ارتضاه ليدافع عنه، حتّى لا تُنتهَكُ مصالحه غِيلةً، من هذه الزُّمرةِ الفاسدة، التي لطالما تربّت على استنزاف ثروات المصريين و امتصاص دمائهم، على مدى ثلاثة عقود بل و أكثر من ذلك، فمن شبَّ على شيءٍ شاب عليه !
نصّبَ المجلسُ العسكريُّ نفسهُ سلطة مُطلقةَ العنَان، استأثرَ بكلّ السّلطات، نصّبَ الحكُومة فاستأثر بالسّلطة التّنفيذيّة و حلّ البرلمان حتّى ينقضّ على التّشريع، فأصدر الوثيقة الدّستُوريّة المُكمِّلة حتى يُفرِغَ مؤسّسة الرِّئاسةِ من كلّ صلاحيّاتها، أشرف على الإنتخابات و ما حوته من تزييف و خاصّة في فتح باب الإنتخاب إلى من لم يخوِّله القانون المصريّ بالإنتخاب كرجال الشّرطة و الجيش، حتّى يُعدِّلُوا الكفّة أمام أحد مُمثّلي الثّورة الدّكتور محمّد مُرسيّ الذي سينالُ حتمًا الأغلبيّة، أمام رمز النّظام السّاقط " أحمد شفيق "، الذي استنجد بما تربّى عليه في أحضان نظام الفساد و تدليس الإنتخابات بإحداث قوائم أسماء ينتخبُون فوق الشّرعيّة، كما هو الشّأن للعسكر و الشُّرطة، و تبقى هذه القوائم أُعجوبةٌ ثالثة مُحْدثة من المجلس العسكريّ لا يحيطُ بفحواها علمًا إلاَّ هُو !
و أمّا انقضاضه على سلطة البتِّ و الكلمة الفصل أي القضاء، فيتبيّنُ لنا جَلِيًّا في أمرين:
الأمرُ الأوّل: قرارات المحكمة الدّستُوريّة بحلّ البرلمان المصريّ المنتخب بصورة لا تخلُو البتَّة من الشّفافيّة، بقرار إنشائي، يزيد في تعقيد المشهد السّياسيّ المصريّ و يُهيِّئُ البلد لسيناريُو معدًّا مُسبقًا بين ثنايا الأجندة "الصهيوأمريكيّة".
و الأمرُ الثّاني: تشكيلة اللّجنة العُليا التي تبتُّ في الإنتخابات الرّئاسيّة لا تخلُو هي أيضًا من وجوه لطالما عُرِفت بمنافحتها عن النّظام السّابق، فكيف يكُون الفصلُ عادِلاً إذا ما كان الحكم هو الخصمُ و الحكمُ في الوقت ذاته ؟
كما أنّ تأجيلها عن موعد إعلان النّتيجة النّهائيّة عِوَض الخميس الحادي و العشرون من جوان 2012، و ذلك بدعوى النّظر في الطّعون التي قدّمها المرشّحان، بالرّغم من إعلان حملة الدّكتور محمد مرسي فوزها و ساندتها في ذلك حركة القضاة المستقلّين استقلالاً بيِّنًا عن المُرشحين، صرّحت هي أيضًا بفوز الدكتور محمد مرسي إعتمادًا لا على تخمينات و لكن على قرائن و وثائق قانُونية لا تقبل الدّحض!
فلا نستغرب إذًا نتيجة هذه اللُّعبة القذرة التي تدور قطب رحاها في كواليس المجلس العسكريّ و هي مجرّد طبخة " صهيوأمريكيّة " جاهزة، بقرار اللّجنة العُليّا التي تبتُّ في النتائج النّهائيّة للانتخابات الرِّئاسيّة و التي نصّبها طبعًا المجلس العسكري ذو السّلطات المطلقة التي لم يشهد التّاريخ سلطة تتمتّعُ بصلاحياته مذ عهد الفراعنة!
هذه اللّجنة الرئاسيّة، حينما تبتُّ في النّتيجة النّهائيّة أي عند إعلانها للرّئيس المصريّ الجديد، يكُونُ قرارُها غير قابل لأيّ طعن و هذه محضُ أُعجُوبةٍ رابعة.
و أمّا الأعجوبة الأخيرة التي حدّد أطوارها المجلس العسكريّ و نتيجة للفراغ الدّستوري الذي أنشأته المحكمة الدّستوريّة بإيعازٍ طبعًا من أصُول النّظام السّابق المُتمثّل في المجلس العسكريّ على وجه التّخصيص، هو أنّ الرّئيس الجديد سيؤدّي اليمين الدّستُوريّة أمام المحكمة الدّستُوريّة و ليس أمام البرلمان المصريّ بعدما حلّته و أقرَّ المجلس العسكريّ هذا الحلّ، فأصبح هذا المجلس هو الآمر النّاهي، ينصِّبُ رئيس الحكومة وِفقَ أهوائه ممن يواليه، و رئيس الحكومة ينصِّبُ وزير العدل و وزير العدل يُدير شئون القضاء وِفقًا لأهواءِ من ولاَّه، و هكذا أصبح المشهد السّياسيّ المصري مُفرغًا من القوى غير قوة المجلس العسكريّ الذي استأثر بكلّ السّلُطات، و دسّ مخابراته العسكريّة لترهيب المدنيين و إحلال الإستبداد حتى تُجهَضَ الثُورةُ على أيدي أعدائها، و ألدُّ أعدائها المجلس العسكريّ، فيكون المشهد الذي سنراه بإذن الله في الأيّام القادمة على وجهين:
. إمّا إعلان اللّجنة العُليا للانتخابات الرّئاسيّة بأنّ شفيق اعتلى سُدّةِ الحُكم و بذلك تعود مصر إلى براثن حكم الفساد و الفاسدين و نشهدُ انتقامًا من الثّورة و الثُّوّار بدعاوى مختلفة، بقَبُولِها جُلَّ طُعُون " أحمد شفيق " فتنقلِبُ النّتيجة رأسًا على عقب لا قدّرَ الله و هو سيناريو سيُعيدُ الشّارِع المصريّ من جديد للثّورة حتّى استئصال أصُول النّظام و الإطاحة بالمجلس العسكريّ و إعادة محاكمة رموز النّظام محاكمةً تليقُ بدماء و طموح شُهداء الثّورة... و بذلك تكُون الأجندة " الصهيوأمريكيّة " قد تحقّقت بحذافيرها... فتصيبنا الخيبة و تُعاد الأوراق لتختلط من جديد و يُعكَّرُ صفوى الأمّة و طموحها من جديد...
. و أمَّا وجهُ الاحتمال الثّاني: هو أن تُعلِنَ الهيئة عن النّتيجة الحقيقيّة التي يعلمُها الجميع و المُوثّقة رسميًّا عند الهيئات الفرعيّة و عند كلّ الدّوائر الإنتخابيّة و التي تشير إلى تقدّم الدّكتُور محمد مُرسي بكل وضُوح ودون أي لُبسٍ عن أحمد شفيق، و بإقرار حركة القُضاة المُستقلّين التي أدلت بذاتِ النّتائج يوم الإربعاء الموافق لِ 20 من جوان 2012 في مؤتمرها الصّحفي، فيكُون بذلك قد وصلَ مَنْ لا ترغبُ فيه الأجندة الصهيوأمريكيّة و أذنابها من أصُول النّظام سُدّةَ الحُكم، على رأس مؤسّسة مُفرغة من صلاحياتها، بعدما استنزف المجلس العسكريّ قواها و نخر في عظمها، فتكون المواجهةُ على أشُدِّها في هذه المرحلة و تكون الكلمة الفصل بإذن الله للشّعب الذي سيُعرِّي المجلس العسكريّ من سلطاته و يُلقي به و بأذنابه في مزابل التّاريخ إلى الأبد...
محمد الحبيب مصطفى الشايبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.