استطاع الشعب المصري أخيرا أن ينجح ثورته بعد استبساله في الذود عن إرادته وتطلعاته. فقد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الدكتور محمد المرسي هو أول رئيس إسلامي منتخب يصل إلى الحكم في الدول العربية. لقد لمسنا إصرار الشعب المصري على التغيير – بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك الذي حكم عليه بالسجن المؤبد – من خلال إدلاء صوته داخل صناديق الاقتراع. ولم يكتف بذلك بل تابع عملية فرز الأصوات. ولما أحسّ وأوجس خيفة من حدوث تزوير أو تزييف لإرادته احتشد مئات الآلاف من المصريين في ميدان التحرير للضغط على اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المصرية حتى تقوم بعملية الفرز في كنف الشفافية والوضوح. وفي ذلك إشارة إلى أن الشعب المصري بمختلف مكوناته وأطيافه لن يهنأ له بال ويهدئ ما دام المجتمع الغربي يتدخل في نتيجة الانتخابات المصرية. فلا الولاياتالمتحدةالأمريكية ولا إسرائيل ولا المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية يرغبون أن يعتلي الدكتور محمد المرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان المسلمين أعلى هرم السلطة في بلد الفراعنة. فالدكتور سبق وأن حكم عليه بالسجن إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك. أما جماعة الإخوان المسلمين فقد ظلت لسنوات طويلة محظورة ومحرومة من ممارسة حقها داخل الساحة السياسية في مصر وفي غيرها من الدول. إنّ بلوغ الإسلاميين سدة الحكم في الدول العربية سوف يمثل صدمة كبيرة للدول الغربية التي كانت كثيرا ما تدعم الأنظمة العلمانية في المنطقة. كما أنها تجاهلت التيارات الإسلامية للاختلاف الإيديولوجي بينها. وعلى المجتمع الدولي تغيير مواقفه وحساباته تجاه هذه الأحزاب والتعامل معها بواقعية لأنها أحزاب منبثقة عن إرادة شعبية. فقد قال الشاعر أبو القاسم الشابي في نظمه : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر فمعنى البيتان واضح وصحيح. إلا أنني أرى أن "لا بد أن يستجيب القدر" هو سوء أدب مع الله عز وجل. فكلمة لا بد هي كلمة تقال للتأكيد. واستجابت الأقدار بمعنى أنه يجب على الله أن يستجيب ويغيّّر الواقع وفق إرادة الشعوب. وهذا غير صحيح بالمرّّّة فالله عز وجلّ علمنا في كتابه العزيز أن مشيئته فوق مشيئة العباد حتى أنبياءه وأصفياءه. فقال : "وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً" وما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وقد ذكرت صحيفة "التليغراف" البريطانية أن الرئيس المصري محمد المرسي قد تعهّد باحتواء جميع المصريين سواء الذين انتخبوه أو لم ينتخبوه وكذلك الشأن للمسيحيين الأقباط. وتعهّد أن يعمل على تحقيق أهداف الثورة خصوصا في ما يتعلق بالقضاء على الفقر وتأكيد الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي من أجلها ضحّى الشهداء المصريون بأرواحهم. وأشارت أيضا أن الصلاحيات التي سيحكم بموجبها مرسي في الوقت الحالي لن تكون صلاحيات مطلقة وسيكون تحت رقابة متشددة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لحين وضع دستور جديد للبلاد يحدّد صلاحيات رئيس الجمهورية ويتم انتخاب مجلس شعب جديد. فيصل البوكاري - تونس