تكلّس بل تحجّرالفكر اليساري العربي عند زمن إنتاجه وعجز عن القفز على التاريخ وتحيين نفسه فلا عقلانية اليوم في محاربة الدين فلا مسيحية تسوس العالم ولا يهودية تمثل مطلاقية إجرام الصهيونية بل هو الإسلام في تصحيحه لمنظومات فكرية إنسانية ناقصة وقاصرة أصلا عن الإلمام بكل ما يؤطر حياة الفرد ذاتا وضمن المجموعة، الإسلام بمثله الإخلاقية يفرز تطبيقا دنيويا سليما : أفضل وأحكم ما في السياسة وأعدل ما في الإجتماع وأرقى ما في الثقافة وأصلح ما في التربية ... ويتفرد بحفظ المسؤولين في كل المستويات والمواقع مما يزيد على الأخطاء الإنسانية التي لا تِؤثر سلبا على روح المهمة ولا تلحق ضررا بالمجموعة ... يتميز بمراعاة إنسانية البرامج : أو لا يكون الثوب حسب مقاسات صاحبه؟ فلا واقعية للشيوعية ولا جبر على الإشتراكية ولا طمس للأنانية بل تجب عقلنتها بضوابط تكفل حق المجموعة ، كما يحارب الرذيلة ما ظهر منها وما خفي. وأسال اليساريّين : الزواج المثلي حداثة ؟ أتَقَدَّمَ علينا الغرب بالشذوذ ؟ أتعيبون على الإسلام حفظ النفس والعرض والممتلكات ومحاربة الخيانة العظمى والإضرار بالمصلحة العليا وإهدار المال والوقت الوطنيين وتحريم وتجريم السّرقة والرّشوة ؟ ألا تريدون ضوابط أخلاقية لكل ما يسوس حياة الفرد اجتماعيا ويحفظ له حقوقه الشخصية الذاتية على أن لا تَنْتَهِكَ حريّة الآخرين؟ ألا تريدون موظفين يخافون الله فيكون العمل بإقصى طاقات الإنتاج إنسانيا وآليا ؟ ألا تريدون اقتصادا ينأى أقصى المستطاع عن الرّبا الذي أثبت أنه الدّاء المتسبّب في الأزمات العالمية ؟ أتريدونه مبنيّا على السّياحة رهينة الأوضاع الدّيبلوماسيّة؟أيمكنكم التّصريح برغبتكم الدّفينة في أن تكون أياديكم مطلقة للفساد بتفاصيله ؟ إن الإشكال جزما هو : - متى آمن المفكر يقينا بأن الإسلام إلاهي أدرك كماله وبديهية عجز المنظومات الذهنيّة عن سبر كل أبعاده إلا بقدر الإرتقاء التعبُّدي والتّقوى فيصير الأمر وجدانيا لمحدودية ما يمكن بلوغه مبحثيا عقليا ولا يدرك هذه الدرجات إلا من حَسُنَ إسلامهم وجاهدوا النفس والهوى وثابروا في رحلة ارتقاء وجودية وكانت لهم ثقة في استجابة الحق الكريم فيذوقون حلاوة التقرب منه سبحانه من مجيب... - متى فشل الباحث في التخلص من مادّيته ليرتقي إلى الماورائيات قصر عن فهم أن الإسلام يساوي رياضيا محاسن الأخلاق ومنها ينبع كل ما يسوس حياة ابن آدم ذاتا وفردا ومجموعة و تمسك بأطروحات قد تلبي وتستجيب لرغبة وحاجة نفسية خاصة أو أَمِلَ أن يكتسب لها مناصرين لبثّ مشروع ما... صار اليساريون العرب والتّونسيون خاصّة بمنظّريهم ومفكريهم وعامتهم عاجزين عن تحليل واقعهم في علاقته بالمجتمع بروحه الإسلامية المحددة الأساسية لعموم المنظومة وبنعامتية يسفسطون بما ليس في الإسلام وبحداثة أخذوا منها سلبيّاتها وتغافلوا عن جوانبها الإيجابية فأين: - حبّ الوطن ومراعاة مصلحته العليا ؟ أين مؤشره التامّ كما عند كل الغربيين ويفتقده كثيرون من الحاصلين على أعلى الشهائد الجامعية في تونس؟ - ما يجب أن يكون بعد ثورة من البناء والعمل وعدم استبلاه الناس بلفظ المعارضة المبطّنة لخدمة المصالح الشخصية والحزبية الخاصة والمضرة بالبلاد حدّ الخيانة أحيانا؟ - الأطروحات المجتمعية المتكاملة الممنهجة العلمية إنسانيا وماديا ؟ أتحسبون إتهام الحكومة بموالاة قطر حكمة سياسية تنمّ عن عبقرية فذّة لا تضاهى في التاريخ ؟ أتحسبون موالاة بشار والمحمودي ومنتهكي المقدسات الإسلامية حنكة تدرس في الجامعات ؟ أتعتقدون أن إغلاق المؤسسات الإقتصادية والتسبب في آلاف العاطلين الجدد عن العمل وملحقات ذلك على العائلات إنجازات تحبّب فيكم المواطنين وتجنون من ورائها أصواتهم الإنتخابية؟ - أتعتقدون أن المواطن التونسي يسايركم في حربكم على النقاب ؟ أقترح عليكم بحثا مباشرا في مختلف الأوساط الإجتماعية وستفاجؤون بأن الناس يحترمون المنقبة المتعففة ولا يحترمون من تتعرى بل يحتقرونها ومن يواليها في هيأتها ومجتمعنا التونسي تأصّل بالسّفساري. - أين مساهماتكم في حملات المواطنة أيام الثلوج والأمطار والنظافة؟ تعلموا من "السّلفيين" مظاهر العمل الجاد ولو بملاليم ، تعلموا منهم أنّ العمل عبادة وليس فيهم عاطل إلا بعذر شرعي ، وأنّ التكافل الإجتماعي في المسرات والمضرات من تعاليم الإسلام وأنهم السباقون إلى حملات التنظيف والتطهير وأنهم الأكثر انضباطا توقيتا وإجادة ورعاية للآلات والمؤسسات والمال الخاص والعام وأنهم لا يسرقون ولا يرتشون ولا يستعملون السيارات الإدارية لقضاء الشؤون الخاصة قال صلّى الله عليه وسلّم "أعط الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه" في سبق لا يرتقي إليه إلاّ من حَسُنَ إسلامهم وضمّنوه في سياقات سياسية واجتماعية تكفل له حقيقة التلذذ بأجره والتمتع به...وأين إنسانية الإسلام من منظومات بشرية تنافق العامل برعاية مصالحه وتستعمله بيدقا لبلوغ غايات نقابية وسياسية بخيانات للوطن أحيانا ؟ ظهرت في الآونة الأخيرة محاولات لاستبلاه الناس باسم الإسلام كمن عرض منهجا ثالثا يجمع الإسلام باليسار واقترح أن يوجد يساريون مؤمنون فإذا كان المقصود هو الإيمان بالله فهو غير كاف لحفظ المجتمع وطنا وأنفسا وأعراضا ودينا وممتلكات ...وإذا كان المقصود أن يقتبس اليساريون بعض ما في الإسلام من محاسن الأخلاق فما الداعي عندها للحديث عن الإيمان ؟ فالمواطن جرّب وعلى يقين أن لا ائتمان في مطلاقية تفاصيله و لا انتخاب إلا لمن يخاف الله فلا يكفي الحاكم التصريح بالإيمان أو حتى بالإسلام ليأمن الناس بطشه وبكل سلطته ونفوذه فيكون الأمر عندها بالنسبة للناخب كمن ألقى بنفسه إلى التهلكة... يقول الدكتورأوسكارليفي"نحن اليهود لسنا إلاّسادة العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه وجلاّديه" ، فألّفوا "بروتوكولات حكماء صهيون" وضمنوه خططهم ويقولون: "إن من بين مواهبنا الادارية التي نعدها لأنفسنا موهبة حكم الجماهير والأفراد بالنظريات المؤلفة بدهاء، وبالعبارات الطنانة ، وبسنن الحياة وبكل أنواع الخديعة الأخرى : إننا نقصد أن نظهر كما لو كنا المحرّرين للعمال ، جئنا لنحررهم من هذا الظلم ، حينما ننصحهم بأن يلتحقوا بطبقات جيوشنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين ، ونحن على الدّوام نتبنى الشيوعية ونحتضنها متظاهرين بأننا نساعد العمال طوعًا لمبدأ الأخوة والمصلحة العامة للانسانية ، وهذا ما تبشر بها الماسونية الاجتماعية " فلا عجب أن يتسبب يساريون تونسيون في إغلاق المصانع والمعامل ومؤسسات اقتصادية أخرى فعشرات الآلاف من المعطلين بما يحقق نفاقيّة الماركسية اليهودية الصهيونية الماسونية في استعمالها الكادحين بيادق لتقويض الحكومات الشرعية وخاصة إذا كانت بمرجعية محاسن الأخلاق الإسلامية عدوّه الوجودي اللّدود إلى يوم الحساب ...الماركسية بمراحلها ظاهرا كلمة حق وباطنا رذيلة مطلقة وخراب للذوات وللأفراد والمجموعات ومن الأدلة روسيا اليهودية الشيوعية التي قتل فيها ستالين ما يناهز الخمس وعشرين مليون من مواطنيه والتي يساند حكامها الحاليون مع صينيّي ماو أحد رواد القراءات الرئيسية الثلاثة للماركسية بشارفي ما يرتكبه من أبشع الجرائم في حق رعيته... فلا حلّ أمام اليساريين العرب والتونسيين إذا راموا أن يكونوا وطنيين حقيقيين إلا التخلص من الصهيونية فالعمل الحقيقي لفائدة الشغالين تحت سقف المصلحة العليا واحترام الإسلام وأصحابه ومقدساتهم ومعايشته كمكوّن رئيسي للمجتمع يتّفقون معه ويلتقون عند المصلحة العليا فيكون الوطن قاسما مشتركا بين الجميع دون الحديث عن الدّين وليتبصر اليساريون وطنيّة كل الغربيين وحتى أدناهم دراسة وعلما وذكاء والذين يتخذونهم هم في كلّ موقف مثالا... وأما من فاق غيره إدراكا فالإسلام سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة ولو كفر بذلك أو استهتر الكثيرون .