بعد الثورة تحول البلد الى دولة مؤقتة, جاء الغنوشي وفي باله حكم مؤقت الى حين عودة سيّده الهارب, ولم يخرج الشيخ القادم من بعيد عن الوضع الجديد ليقول بانه هو ايضا مؤقت الى حين انتخاب حكومة شرعية. وتحت نفس المسمى, المؤقت, تأسست الهيئة "العاشورية" لحماية الثورة, والهيئة العليا للأنتخابات, وهيئة الأعلام. وجاءت نتائج الأنتخابات تحت عنوان كبير المصداقية والنزاهة بشهادة كيانات عالمية, لتسفر عن مجلس تأسيسي ثم حكومة ورؤساء ثلاثة. المجلس التأسيسي هو ايضا مؤقت, تنتهي صلوحيته الى حين كتابة الدستور, وسرعان ما علت الأصوات بان الحكومة وقتية ولا يحق لها العمل الا في اطار ما هو مؤقت. فلا السيد الرئيس المرزوقي رئيسا كاملا, ولا رئيس الحكومة او رئيس التاسيسي, انهم مؤقتون, زائلون راحلون, بمعنى انهم غير مكتملي الأهلية لأدارة شؤون البلد. حتى الأحزاب الحاكمة هي مجرد أحزاب تحكم لفترة مؤقتة, وقد تكون في ذهن البعض من الأستئصاليين, احزاب مؤقتة حتى في وجودها. حتى لمّا أكلتنا المزابل, وتقاعصت البلديات عن عملها, اعلمونا بان النيابات الخصوصية لهذه البلديات هي مؤقتة جاءت بفعل مرسوم رئاسي, ومنها من انتهت مدّة صلوحيته ولكنه لا يزال يرغب في الحكم والقيادة. الأنفلات الأمني الذي يحصل هنا وهناك, اقنعونا ايضا بانه فعل فوضوي مؤقت يفرضه واقع الثورات. حتى حرارة الشمس التي تعصف بها, لا يفتأ مقدمي برنامج الأحوال الجوية من الظهور علينا بابتسامة طويلة عريضة, ليقولوا لنا, انها مجرد موجة حرارة مؤقتة. كل شئ صار مؤقتا, حتى الأحلام بتشغيل العاطلين, وبانتصاب المصانع في الجهات, وبعودة الأمن لأعادة هيبة الدولة, حتى تنظيم سير السيارات في الطرقات صار حلما مؤقتا.. و..و...و...و كل الأحلام مؤقتة, ولكن الى متى؟ الجميع ينتظر الأنتخابات القادمة, للخروج من مأزق المؤقت, ولكن الوعي السياسي للنخب يفيد حتما بان اللعب على وتيرة "المؤقت" هو عقلية وقناعة... لأن الكل يريد ان يحكم.. واذا ما لم يحكم فانه سيلعب على احلام المؤقت.. مع انه كان من الأجدى بعد ثورة هزت الطاغوت وأحدثت تغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية هامة, ان يضع الجميع اليد في اليد, والعمل على من اختارهم الشعب لمرحلة هامة, للخروج بهذا البلد من مأزق الرغبات, رغبات الحالمين بحكم الغد. 04/08/2012