البعض رأى أن تمتع مرسي بمواهب خطابية واستخدامه عبارات دينية زاد من شعبيته، وخاصة بعد قراراته بإقالة قيادات الجيش، إلا أن آخرين حذروا من أن يغلب دور الواعظ على القائد السياسي وأن يثير مخاوف غير المسلمين. القاهرة:بلهجة حماسية لافتة، خرج خطاب الرئيس المصري، محمد مرسي، في احتفالية ليلة القدر الأحد الماضي، فيما عكس ثقته في تزايد شعبيته بعد قراراته بإقالة قيادات أمنية وعسكرية رفيعة محسوبة على النظام السابق؛ ما دفع خبراء إلى توقع أن يكون مرسي "مشروع رئيس" ذي جاذبية وشعبية عريضة، أو ما يطلق عليه الرئيس "الكاريزما". فبجانب القرارات التي وصفها البعض بالثورية، وخاصة الإطاحة بأبرز قيادات المجلس العسكري الذي كان يشاركه الحكم، مثل رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، ورئيس الأركان الفريق سامي عنان، هناك زيارات مكوكية للمحافظات، ولقاءات مكثفة يوميًا وخطب حماسية ولغة بسيطة جعلته قريبًا من رجل الشارع، وزادت من قاعدته الشعبية، بحسب ما قاله الخبراء لمراسلة وكالة "الأناضول" للأنباء. فخلال الأسبوع المنصرم، قام مرسي بزيارة مدينة رفح المصرية بشمال سيناء مرتين بعد مقتل 16 جنديًا في هجوم مسلح، ثم أقال عددًا كبيرًا من المحسوبين على النظام السابق، ومن أبرزهم مدير المخابرات ومحافظ شمال سيناء ثم إقالة كبار قادة المجلس العسكري. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، رأى أن خطاب مرسي في العموم "يحمل سمتًا دينيًا واضحًا من خلال استرشاده بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وهذا الحديث يروق لعامة الشعب المصري، إلا أن ملامحه الشكلية وتحديدًا الذقن تعطي سمتًا إسلاميًا ربما تحول دون التجاوب السريع معه من بعض الفئات، وخاصة المسيحيين وقسم من النخبة". وأضاف صادق أن مرسي "يحاول طيلة الوقت إبراز مهاراته الخطابية؛ فهو يخطب بدون ورقة، وتظهر خطبته ارتجالية وموجهة لعامة الشعب مثل التي ألقاها في ليلة القدر، وكذلك خطبه في المساجد عقب أدائه الصلاة، وذلك على عكس خطبه الأولى التي كانت تبدو جافة وخاوية من الروح والحماسة". وقوبلت قرارات مرسي الأخيرة بترحاب قطاع كبير من الشارع المصري، خاصة من جانب أولئك الذين كانوا يطالبون بإنهاء الحكم العسكري للبلاد وعدم التدخل في الشئون السياسية وعودتهم لثكناتهم. في المقابل، انتقد أستاذ علم الاجتماع أداء المتحدث باسم الرئاسة، ياسر علي، خلال إلقائه بيان إحالة كل من المشير ورئيس الأركان للتقاعد، حيث رأى أنه كان أداءً "مهزوزًا، كشف عن حالة الترقب والتوتر والقلق داخل مؤسسة الرئاسة، إلا أن مرسي صحح هذا الأداء بخطابه في ليلة القدر؛ حيث ظهر أكثر قوة، وانعكس هذا في إشاراته وأدائه الجسدي الذي أظهر نوعًا من التصميم على المضي فيما بدأه". وفي تقدير أحمد شوقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فإن أداء مرسي "يتطور بشكل كبير، وهذا ينعكس من خلال أدائه الخطابي؛ وهو ما يجعله في الطريق لصناعة كاريزما خاصة به مختلفة عن تلك التي جذبت الشارع المصري في الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، بينما كان الرئيس المخلوع (حسني مبارك) لا يتحلى بأي كاريزما". وأوضح شوقي ل"الأناضول" أن تحركات مرسي التي لا تتوقف علي مستوى المحافظات، وأدائه لصلاة الجمعة وسط الشعب، وخروجه في موكب لا يشعر به المواطن ولا يعطل المرور، بجانب القرارات الحاسمة التي اتخذها "صعدت من شعبيته بنسبة تزيد على 50%، على الرغم من قصر مدة تواجده في الرئاسة". حسن نافعة، الخبير السياسي وأستاذ علوم السياسة بجامعة القاهرة، قال إن تمتع مرسي بمواهب خطابية واستخدامه عبارات دينية يروق للكثيرين، إلا أنه حذّر من أن هذا قد يجعله "في ثوب الواعظ أو الشيخ أكثر منه زعيمًا سياسيًا". وأضاف ل"الأناضول" أن الخطابات الأخيرة للرئيس "حملت نوعًا من الحماسة.. وقدرته علي ارتجال الخطب خاصة بعد أدائه لصلاة الجمعة يضفى نوعًا من الحميمية علي الخطاب، ويكسبه شعبية أوسع، علي عكس من سبقه (مبارك) والذي كانت خطبه جافة خاوية من الحميمية". ( الأناضول) إيمان عبد المنعم