لم يكن يوم 17 ديسمبر 2010 ، يوم انطلاق شرارة الثورة المباركة من ربوع سيدي بوزيد المناضلة يوما عاديا في تاريخ بلادنا ، بل كان يوما تاريخيا أعطى إشارة الانطلاق لمجموعة من الثورات التي غيرت وجه المنطقة وجعلت الشعوب العربية تعترف لبلادنا بحيازة قصب السبق في التأسيس لعقلية خالها الناس مفقودة في منطقتنا وهي عقلية القدرة على تغيير الواقع والوقوف في وجه الدكتاتورية وكنسها إلى مزابل التاريخ ورفع أصواتنا أمام دول العالم بقولنا (نحن نستطيع أيضا ) إيمان منا وتجسيما لمقولة : أن إرادة الشعوب من إرادة الله وإرادة الله لاتقهر .. وبعد مرور سنتين على انطلاق اول شرارة للثورة في سيدي بوزيد وردت علينا أخبار تقول ان الجبهة الشعبية ونداء السبسي يعدان للاحتفال بهذه الذكرى بعمل عدائي لم نكن نعتقد انه سيكون بمثل حجم الحقد الذي كشفت عنه أحداث اليوم . فبعد هزيمة نكراء في الانتخابات وفشل كل المكائد التي استنجدت فيها بكل أذرعها الأخطبوطية المتنفّذة في أجهزة الدولة ووسائل الإعلام والمنظمات وفشلها في الدفع نحو الإضراب العام الذي كانوا يرومون من خلاله تدمير مقدرات البلاد وإدخالها في دوامة من العنف هاهم اليوم يرتكبون أبشع جريمة تتمثل في الاعتداء على رموز الدولة بشكل بربري وهمجي يذكرنا بمقولات العنف الثوري التي يؤمنون بها بحضور وسائل إعلام دعوها لحضور مأتم الديمقراطية ووأد مؤسسات الدولة ورموزها وهو وضع لايمكن التغاضي عنه . لقد أشرفت المكونات التي انضمت مؤخرا للجبهة الشعبية خلال السنة الفارطة على مهرجان 17 ديسمبر واستولت على فقراته وأساءت التصرف في ميزانيته وأشرفت هذه السنة بالتنسيق مع حليف الأمس ( التجمع القديم المتجدد) على التجييش والتحريض وجعل هذا اليوم يوما للغضب ترفع فيه الأعلام السود . كما نظموا عبر وسائل متعددة حملة إعلامية ضد زيارة كل مسؤولي الدولة ودعوا عبر مواقعهم المشبوهة على الفايسبوك إلى الاعتداء على زوارهم أثناء إلقاء الخطب الاحتفالية . إن الذين أشرفوا على غزوة المنصة ، قيادات الثورة المضادة هم أنفسهم وحلفاؤهم من كانوا بالأمس القريب يعلقون صور المخلوع ويكتبون التقارير البوليسية ضد من لايحتفلون بذكرى ( التحول المبارك ) وهم اليوم يجرمون في حق الدولة التي تعمل فئة مخلصة من أبناء الوطن على إرساء دعائمها عبر مؤسسات منتخبة شرعية . إن الواجب يقتضي فتح تحقيق سريع وتتبع المجرمين عدليا وكشف الجهات التي تقف وراء هذه الجريمة النكراء حتى تتضح الرِؤية امام شعبنا وكفانا تحملا لمغامرات من لايخافون الله في هذا الوطن وفي هذه الثورة المباركة . كما أنه من واجب أهالي سيدي بوزيد الأبية أن يتبرؤوا من هؤلاء الذين لايريدون بجهتهم خيرا والذين يجعلون منها بمناسبة وبغير مناسبة وقودا لمعركة ليست لها أية مصلحة فيها .