حين نتأمل دوافع و تبريرات الاطراف "المتحاورة" على التعديل الوزاري القادم نتوقف عند ما يلي : 1)النهضة كلاعب رئيسي مشغولة دون ريب بتأمين اغلبية مريحة في التصويت على الدستور بعد تآكل كتلتي شريكيها مما لا يضمن التصويت بالثلثين و تجنب الاستفتاء .ومن هذا المنطلق تبدو مستعدة لتغيير وزاري تكون أرضيته "تأليف " القلوب .بمعنى "المنصب مقابل الصوت ".ويعتبر ذلك معقولا بالمنطق "الحزبي" غير أن الانطباع الذي سيعطيه تحوير بلا تبرير "ثوري" لدى الرأي العام المنتصر للثورة سيكون انطباعا سلبيا مادامت "المنحة" الحكومية قد تم عرضها على "جميع" الراغبين بقطع النظر عن "الموقف" السياسي ماضيا وراهنا من استحقاقات الثورة و من الوحدة الوطنية على قاعدة الثورة ومن "الشرعية" التي أثخن جسدها العديد ممن قد نراهم في مقاعد الحكومة "الشرعية" . 2) المؤتمر من اجل الجمهورية برر مطلبه بالتعديل الوزاري بضرورة الترفيع في نسق الاصلاح و المحاسبة وهو في ذلك قد التقى مرة اخرى مع سليلته "حركة وفاء" ومع كتلة السيد نجيب حسني و سوف يكون أي تعديل لا يسير في هذا الاتجاه أو توحي فيه اسماء الداخلين الجدد الى الحكومة بتخفيض في السقف الثوري احراجا للحركة و المؤتمر و كتلة نجيب حسني لأنه لن يسمح لها بتبرير القبول بالتعديل وفق ما اشترطته سابقا (المؤتمر اساسا). 3) التحالف الديمقراطي (محمد الحامدي) بخلطته العجيبة و امزجة اعضائه المتنافرة و مواقفهم السابقة "الاقرب" الى المعارضة الطاعنة في الشرعية و المخفضة لسقوف الثورة الى حدود الالتقاء مع دعاة التسوية الباهتة ...هذا التحالف سيكون المستفيد الأكبر في صورة احرازه على موقع في الحكومة لأنه سيؤكد أمرين اولهما فرض نفسه كرقم مهم بفضل كتلته النيابية المعروضة للمقايضة في سياق "ثأر" تاريخي من حزبه الام الذي أصبح "جمهوريا" . و ثانيا منح الامل للقوى المقابلة للترويكا بامكانية تخفيض السقف الثوري و التسوية معها عبر استثمار وجود التحالف بين "المقعدين" .و لكن التحالف سيكون مضطرا الى تبرير الدخول الى الحكومة "الآن" وهل هناك تغييرات مهمة قد حصلت في الائتلاف الثلاثي الحاكم و رؤاه أم أن الامر لا يعدو نيل "الحصة" اعدادا للاستحقاقات القادمة بتوظيف ريع "الاصوات" التي يملكها في المجلس . 4) التكتل يبقى متحفظا في التعبير عن مبرراته في التغيير باعتبار منهجه المعروف في التموقع داخل مشهد سياسي متحول .مما يجعل موقفه من التحوير مهما كان سيكون محايدا . أخيرا لا يبدو أن التعديل الوزاري سيحقق "الخضة" المطلوبة التي ينتظرها أنصار الحكومة الضاغطين في اتجاه التحويل "الثوري" للاداء الحكومي .وعلى العكس من ذلك قد يؤدي هذا التعديل الى احساس الرأي العام بأن شأن التغيير الثوري قد اصبح "حوار" و "تسويات" نخبة حزبية بعيدا عن جوهر "الصراع الوطني الحقيقي" بين الثورة و خصومها في صياغة مفردات المشروع الوطني القادم . ليست الترويكا فقط هي التي تتحمل انحراف مسار الجدل عن عمقه الشعبي بل ان القوى الثورية الاخرى التي اختارت لعبة الاستقطاب الايديولوجي بعيدا عن منطق الفرز ستتحمل هي الاخرى صياغة مشهد سياسي تقليدي ما قبل ثوري . و لكن للتاريخ الراهن حتميات أخرى قد يترجمها "الشارع" بعيدا عن حسابات النخبة .