انقلاب قطار لنقل الفسفاط بالمتلوي.. تسجيل حالة وفاة    تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تركيا: مقتل 20 جنديا في سقوط طائرة عسكرية    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    محمد علي النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية: دبلوماسية اقتصادية وانفتاح متعدد المحاور    المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    اخبار كرة اليد .. قرعة ال«كان» يوم 14 نوفمبر    كريستيانو رونالدو: أنا سعودي...    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    أزمة جديدة تهزّ المشهد الثقافي ... اتحاد الناشرين التونسيين يقاطع معرض الكتاب    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    بنزرت الجنوبية ... 5 جثث آدمية لفظتها الأمواج في عدد من الشواطئ    3 آلاف قضية    وزير الدفاع الوطني: الوضع الأمني مستقر نسبياً مع تحسن ملموس في ظل واقع جيوسياسي معقد    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    عاجل/ قيمة ميزانية وزارة الخارجية لسنة 2026    عاجل/ سياسي جديد يدخل في إضراب جوع    الدعارة في "إسرائيل" تتفشى على الإنترنت    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    كونكت: تنظيم جديد لمحمّصي القهوة في تونس    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي وفوزي البنزرتي يواصلان المشوار    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جميعهم صقور إلا أنت يا مورو ماجد البرهومي
نشر في الفجر نيوز يوم 05 - 07 - 2013

درج الرأي العام في تونس على تصنيف النهضويين إلى حمائم وصقور وتم تقسيمهم إلى معسكرين، واحد متشدد يضم أسماء على غرار رئيس الحركة راشد الغنوشي والحبيب اللوز وشورو وزيتون وعامر العريض وغيرهم، وآخر معتدل يضم حمادي الجبالي وسمير ديلو وطبعا الشيخ الوقور عبد الفتاح مورو. وذهب البعض إلى حد وصف المعسكر الأول ب"النجديين" - نسبة إلى نجد التي نشأ فيها الفكر السلفي الوهابي والتي تنحدر منها أغلب قبائل الجنوب التونسي من الهلاليين والسليميين- ووصف المعسكر الثاني ب"الأندلسيين" أي أصحاب الفكر التقدمي المنفتح الذي عرف به سكان حواضر الأندلس المسلمة منذ قرون، أي قبل سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام في شبه الجزيرة الإيبيرية، خاصة وأن بعض من ينعتون ب"الحمائم" ينسبهم البعض إلى الموريسكيين القادمين من تلك البلاد.
ولعل هذا التقسيم الذي درج عليه البعض يجانب الصواب إلى حد كبير، وذلك بالنظر إلى مواقف أبناء الحركة الحاكمة في تونس من عديد الأحداث والقضايا الوطنية، التي طبع فيها التشدد مواقف من يطلق عليهم البعض تسمية حمائم، فإذا بنا أمام صقور جارحة، وحشيتها لا تبقي ولا تذر. فلا تميز وأنت تسمع التصريحات بين هذا وذاك، وتعتقد اعتقادا يقينيا راسخا بأنك إزاء أشخاص نهلوا من ذات الفكر وتشبعوا به، وبات يقينا راسخا لديهم يصعب، بل يستحيل اقناعهم بخلافه. فلا خلاف ولا اختلاف بين هذا وذاك فجميعهم صقور مع استثناء وحيد.
حمامة خارج السرب
ويبقى الشيخ عبد الفتاح مورو "الحمامة" المغردة خارج السرب والإستثناء مقارنة بالآخرين. ناهيك وأنه أثبت قولا على غرار الآخرين، وفعلا أيضا -بخلاف الآخرين- أنه ضد العنف. فاعتزل الحركة احتجاجا على حرق الأبرياء أحياء بعد توثيقهم في حادثة باب سويقة الشهيرة التي شهدتها العاصمة التونسية مطلع تسعينيات القرن الماضي. ودفع الثمن غاليا نتيجة لذلك فإذا به منبوذ من صقور حركة النهضة الذين لم يغفروا له موقفه "الرجولي" رغم مرور أكثر من عقدين من الزمان على تلك الحادثة الأليمة التي قضت المضاجع واعتقدنا في حينها، من منطلق نظرية المؤامرة، أن الأمر يتعلق بإحدى فبركات بن علي فتبين لاحقا أن الأمر بخلاف ذلك.
وواصل الشيخ مورو في ذات المنهج المتميز عن صقور النهضة، فصدح بكثير من المواقف التي أغضبت منه القواعد كما القيادة، وجعلته يعاني الأمرين من أبناء حركة هو من أهم مؤسسيها أو لعله أهمهم على الإطلاق. ولعل حادثة قصر الرياضة بالمنزه التي منع فيها "رجل تونس الأصيل" من إلقاء كلمته خير دليل على التنافر بين "الخط الأردوغاني" الذي يمثله مورو وخط "بشير السودان" الذي يمثله صقور النهضة سواء في القواعد أو على مستوى القيادة. فالحديث عن حمائم داخل حركة النهضة وإذا استثنينا الشيخ مورو أمر لا يستقيم، إذ لا وجود لهذا الجناح على الإطلاق.
ديلو والجبالي
فحتى الحقوقي الوزير سمير ديلو والذي يصنفه البعض في خانة الحمائم فإنه لا يبدو كذلك. هو محاور لبق ما في ذلك شك، اكتسب قدرة على الخطابة ومقارعة الحجة بالحجة من خلال سنوات نضاله ونشاطه الجمعياتي في مجال حقوق الإنسان، ومن خلال علاقاته المتميزة مع كبرى المنظمات في العالم، و أيضا من خلال الدورات التكوينية التي خضع لها، ما في ذلك شك أيضا. و من المسلمات أن الرجل أقل حدة من الآخرين في رده على انتقادات معارضي حركته. لكن المناضل الحقوقي السابق يتبنى ذات أفكار الصقور ويستقتل في الدفاع عنها ب"شراسة ناعمة" يفتقدها أمثال الحبيب اللوز وعامر العريض ولطفي زيتون وغيرهم، ولم تعرف عنه معارضته الصريحة لمواقف رئيس حركته من أهم القضايا المثيرة للجدل، بخلاف الشيخ مورو الذي لا يتردد في انتقاد راشد الغنوشي كلما كان ذلك ضروريا.
أما السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق فلديه من المواقف والأفعال ما قد يجعل المرء يصنفه في خانة الحمائم، ومن ذلك مبادرته إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية بعيد اغتيال الشهيد شكري بلعيد، في تمايز تام مع ما ذهب إليه صقور حركته. لكن لديه أيضا وفي المقابل من التصريحات و"السلوكيات السياسية" ما يجعل الحليم حيرانا بشأن تصنيف هذا الرجل، ومن ذلك إقصاؤه لتيار العريضة الشعبية الفائز بثاني أكبر عدد من المقاعد في انتخابات 23 أكتوبر 2011 في تماه مع شيخه الرافض للحوار مع الهاشمي الحامدي ومع كل من انتقد خطه السياسي وحاد عنه ورغب في تصحيح المسار داخل حركة النهضة، على غرار من ينعتون في تونس ب"اليسار الإسلامي" من أمثال خالد شوكات وعبد الوهاب الهاني وصلاح الجورشي وغيرهم.
وهم
إن الحديث عن وجود "معسكر" للحمائم داخل حركة النهضة هو وهم بكل ما للكلمة من معنى. ذلك أن وجود تيار معتدل داخل حزب سياسي يقتضي توفر عدد معتبر من الأشخاص، لا فردا معزولا على غرار الشيخ مورو. كما يقتضي أيضا تبني هذه المجموعة لأفكار مخالفة لتلك التي يتبناها من ينعتون بالصقور، وهذا أيضا غير متوفر في حركة النهضة إذا استثنينا الشيخ مورو. كما يقتضي أيضا أن يكون لهذه الجماعة، التي يفترض اختلافها مع التيار المتشدد، القدرة على التأثير في القرار أو الإنسحاب من الحركة إذا اقتضى الأمر ذلك، وهذا أيضا غير متوفر وعبر عنه الأستاذ سمير ديلو صراحة حين صرح بما معناه أن حركة النهضة لا تتصدع وواهم من يراهن على تصدع داخل حركة النهضة، وفي كلامه الكثير من الصحة باعتباره "سيد العارفين" بخبايا حركته. فالكل في مونبليزير (المقر المركزي للحركة) داخل ثكنة عسكرية يأتمر بأوامر قائدها ولا يمكنه بأي حال من الأحوال عصيان الشيخ أو التمرد على قراراته حتى وإن كانت مساندة لمن تحوم حولهم شبهة العنف والقتل العمد مع سابقية الإضمار على غرار رابطات حماية الثورة.
وحقيقة الحال أن حمائم النهضة هم ذلك التيار الذي انسلخ مبكرا عن حركة الإتجاه الإسلامي والذي أطلقت عليه تسمية "اليسار الإسلامي" والذي كان من المفروض نعته ب"التيار الإسلامي الليبرالي". فهذه المجموعة أغلبها من مثقفي الحركة ممن حملوا فكرا نقديا ورغبوا في مراجعات لم ينصت إليها "الشيخ المبجل" "صاحب المقام العالي" راشد الغنوشي والصقور المحيطون به، وسينصفهم التاريخ يوما ما في ذلك شك. فالبعض يشبههم بليبراليي الحزب الدستوري أمثال أحمد المستيري وحسيب بن عمار وراضية الحداد والباجي قائد السبسي وغيرهم ممن رغبوا في تصحيح مسار الحزب الحاكم يومها وتمردوا على بورقيبة رغبة في التعددية السياسية وإرساء الديمقراطية، و"فعلوا في حركة التاريخ" من خلال تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بمعية مناضلين يساريين وحركة الديمقراطيين الإشتراكيين والمعهد العربي لحقوق الإنسان، كما كان لبعضهم مساهمة فاعلة في عملية البناء الديمقراطي بعد الثورة بالإضافة إلى مساهمتهم في تأسيس منابر للتعبير عن الرأي والفكر الحر. أما أغلب المنتمين إلى حركة النهضة اليوم، والذين انضم إليهم بعد الثورة بعض المتزلفين إلى الحكام، والذين رضخوا وتحجرت أفكارهم وغاب لديهم الفكر النقدي حتى باتت نظريات الشيخ ونظرته للأمور من المسلمات، فلا يمكن تصنيفهم في خانة الحمائم لأنهم جميعا صقور إلا أنت يا مورو.
المصدر:(إيلاف)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.