لاحظ التونسيون اول امس وبمناسبة الذكرى الثانية لاندلاع احداث سيدي بوزيد بمناسبة الاحتفال بذكرى 17 ديسمبر الحضور المحتشم لقيادة الحكومة واقتصارها على شخص وزير الفلاحة محمد بن سالم دون سواه من وزراء حكومة الجبالي.
وقد اعاد هذا التفويض الذي شمل محمد بن سالم دون سواه من تركيبة الحكومة التساؤل مرة اخرى عن حقيقة التناسق داخل الحكومة ومسألة الصراع على المواقع. وقد لاحظ التونسيون ايضا الحضور المكثف لوزير الفلاحة سواء في المشهد الاعلامي حيث انيطت في عهدته مهمة الدفاع عن مواقف الحركة والحديث باسم الحكومة في كثير من الاحيان ومشاركته في المفاوضات الاخيرة التي جمعت بين الحكومة المؤقتة والاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية احداث بطحاء محمد علي والاضراب العام وقد تحدثت بعض الاوساط السياسية القريبة من الحكومة عن رئاسة بن سالم للوفد الحكومي المفاوض. ولئن ترشح الكثير من المواقف ان الوزير بن سالم بات اقرب لرئيس الحركة راشد الغنوشي منه الى الامين العام للحركة حمادي الجبالي واكثر تمثيلا للشق المحافظ المحسوب على ما بات يعرف "بجماعة الخارج" فان كل ما يقال بشان تزعمه وحضوره اللافت طرحه البعض في اطار الحفاظ على التوازن في العلاقات بين الجبالي والغنوشي. وقد اعتبر ايضا بعض المراقبين السياسيين في قراءتهم لصعود "نجم" محمد بن سالم والاعتماد عليه قد يندرج في اطار "تحجيم" دور الشباب داخل الحركة ممثلا اساسا في عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ورياض الشعيبي وفيصل الناصر وغيرهم وهو تاكيد اخر على ان "يد رئيس الحكومة غير مطلوقة بالقدر الكافي". كما ان البعض الاخر يرى في حضور بن سالم "تغليبا لخيارات التشدد داخل القرار الحكومي بعد أن تجلى بوضوح فشل الاعتماد على لطفي زيتون في هذا الجانب" وقد خلص اصحاب هذه الرؤيا الى نتيجتهم هذه من خلال تزامن ظهور بن سالم و"الاختفاء الفجئي" للطفي زيتون على مستوى واجهة الفعل السياسي الحكومي. وقد اعتبر عضو مكتب الإعلام و الإتصال لحركة النهضة فيصل الناصر في مداخلة اذاعية مساء الجمعة 14 ديسبر 2012 على موجات الإذاعة الوطنية حول موضوع "صراع جناحي الصقور والحمائم داخل الحركة النهضة" ان الحديث عن صراع أجنحة داخل حركة النهضة" فبركة إعلامية و نحن حزب ديمقراطي والصراع داخلنا هو صراع أفكار وبرامج و تنوع وليس صراع أشخاص". وهو ذات الموقف الذي اقره الغنوشي في حوار جمعه بجريدة "الصباح" بتاريخ 12 ديسمبر حيث قال "حركة النهضة كبيرة وواسعة، لا يمكن أن تستمر الا بأمرين، أولا أن يكون فيها مجال للرأي واسع جدا تتحمل وجود أمزجة متعددة، ورؤى كثيرة تتحاور وتتناقش حتى تتصارع داخلها. وثانيا وجود أرضية فكرية مشتركة تتمثل في ان الاسلام هو سقف الجميع. ماذا نطبق وما لا نطبق هذه مسائل فقهية متعلقة بالواقع وما يطيق هذا الواقع.. الجانب الآخر هو أن منتسبي الحركة يلتقون على النظام الديمقراطي وتأصيل فكرة التوافق بين الديمقراطية والإسلام والتعددية التي لا تقصي حتى الشيوعي. لا أحد في النهضة يقر العنف سبيلا للوصول إلى السلطة او للبقاء فيها. بحيث تجد من هو قريب لليبرالية ومن هو قريب للسلفية. ويجمع النهضة أيضا أن الجميع يخضع لقرار المؤسسات. وهذا ما يفسر أن تجد في النهضة الحبيب اللوز والشيخ مورو." ويتبين من خلال هذين الموقفين اقرار الرجلين بحقيقة الصراع الداخلي بالحزب وكذلك قدرة الحركة ايضا على امتصاص كل اختلاف قد يؤجج الاختلافات ويصدرها الى القواعد النهضاوية.