محمد على النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية لدى مناقشة مهمة وزارة الشؤون الخارجية    وفاة سائق قطار الفسفاط وإصابة زميله.. توضيحات الشركة التونسية للسكك الحديدية    خالد السهيلي: "الطائرات المسيرة تشكل تحديا متصاعدا على "المستوى الوطني والعالمي    عاجل: امكانية وقوع أزمة في القهوة في تونس..هذه الأسباب    عاجل/ قتلى في سقوط طائرة شحن عسكرية بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..    بعدما خدعت 128 ألف شخص.. القضاء يقرر عقوبة "ملكة الكريبتو"    مجموعة السبع تبحث في كندا ملفات عدة أبرزها "اتفاق غزة"    سلوفاكيا.. سخرية من قانون يحدد سرعة المشاة على الأرصفة    تصرف صادم لفتاة في المتحف المصري الكبير... ووزارة الآثار تتحرك!    فريق تونسي آخر يحتج رسميًا على التحكيم ويطالب بفتح تحقيق عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طقس الاربعاء كيفاش باش يكون؟    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    اخبار كرة اليد .. قرعة ال«كان» يوم 14 نوفمبر    كريستيانو رونالدو: أنا سعودي...    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    أزمة جديدة تهزّ المشهد الثقافي ... اتحاد الناشرين التونسيين يقاطع معرض الكتاب    هيئة السجون والإصلاح تنفي "مجددا" تدهور الحالة الصحية لبعض المضربين عن الطعام    عاجل/ قيمة ميزانية وزارة الخارجية لسنة 2026    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    وزير الدفاع الوطني: الوضع الأمني مستقر نسبياً مع تحسن ملموس في ظل واقع جيوسياسي معقد    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    3 آلاف قضية    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    عاجل/ عدد التذاكر المخصصة لمباراة تونس وموريتانيا..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي وفوزي البنزرتي يواصلان المشوار    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    وزير الداخلية: حجز أكثر من 4 كلغ من الكوكايين و"حرب شاملة" ضد شبكات التهريب    ترامب: أنا على وفاق مع الرئيس السوري وسنفعل كل ما بوسعنا لجعل سوريا ناجحة    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة و الدين و المال في تونس:حمادي الغربي
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 05 - 2009


تداخلات :
اكتسب الموقع الجغرافي للارض التونسية ميزة خاصة من حيث انها تتبوأ همزة وصل بين الشمال الاروبي و الجنوب الصحراوي والشرق الاوسطي و الغرب المغاربي و بوابة الحضارات و النكسات في نفس الوقت ،سُميت فيما مضى بإفريقية ،و مطمور روما ،و قرطاج، و تونس الخضراء ،و بلاد القيروان ،و الزيتونة،و كلها أسماء ذات دلالات ثقافية و تاريخية و كما لعبت تونس في السابق دورا حضاريا و فعالا في الحرب و السلم والاشعاع العلمي،و الفتوحات و الازدهار الاقتصادي حيث كانت روما و من ورائها الدول المجاورة تعيش على خيراتها و مدخراتها و الاستفادة من صناعاتها و انتاجاتها المتنوعة .
و اليوم بنفس المقدار التي كانت تمتاز به سابقا من موقع مرموق و مكانة محترمة بين الدول و الشعوب فإن تونس تبقى و للابد محل اهتمام و احترام للزائرين و الباحثين و ذوي المصالح المختلفة و التي لا تنسلخ عن مطامعها الاستعمارية كجعل أراضيها أو بحرها مواقع عسكرية استراتجية او منشات صناعية او حتى حقول تجارب لشتى البحوث العلمية او البيولوجية او حتى مزبلة للنفايات الاروبية .
احتضنت تونس عبر التاريخ كل الحضارات الاغريقية و الرومانية و الفينيقية و العربية الاسلامية بكل طوائفها و مذاهبها فضلا عن الغث و السمين الذي استصحبه معه الاستعمار الفرنسي .
التحدي :
ففي كل هذه الحضارات الزائرة او الغارات المعتدية لعب فيها الدين دورا فعالا و اساسيا سواء في البناء و التعمير و البحث العلمي او في شحن النفوس للقتال و الحروب و الغزوات ، و منذ أن استقلت تونس لم تتوقف معركة الدين و السياسة و إن سميت فيما بعد بمعركة الهوية حتى تتفادى الوقع الغير المستصاغ في أذن المواطن التونسي المسلم و استهجانه للاعتداء الغاشم على حرمات الله و أحكامه، فشن الرئيس السابق هجوما منظما و مخططا له سلفا لإزاحة الاسلام من الحياة العامة والحياة القانونية و العقائدية الى درجة الطعن في المقدسات و ذلك لحسابات يعرفها هو و إن كانت لا تخفى أيضا على الشعب التونسي من خلال إفراغ ضمير الامة من مقومات الممانعة و المقاومة الذي يُخطط لها بدقة و حرفية لتسقط في فخ التبعية و الانحلال و ليكون المواطن التونسي عجينة طرية يُقلبها المستعمر و أذنابه كيفما شاؤوا .
تطل علينا الشهور القليلة القادمة معركة الانتخابات إذا أردتنا نحن دعاة التغيير و الحرية أن تكون معركة باسلة و ليس عرسا استعراضيا كما يتمناه النظام و إن كانت كل المعطيات الموضوعية و الانية توحي عكس ذلك و لكن نحن، الانسان المسلم الرسالي ذا نفخة الروح الالاهية و المتشبثة بقيم السماء و المتعطشة لمبادئ الحرية والكرامة يمكن أن نجعلها معركة حقيقية نلقن فيها لرمز الفساد و الاستبداد درسا لا ينساه ابدا ونرسل له رسائل مفادها أن الاسلام لايُهزم و رجاله هم رجال الله الذين لا يعرفون للانتكاسة طعما وللخيانة رائحة، اما إذا رفضنا هذا الخيارالمشروع حتما سيدوس على كرامتنا و يمضي في طريقه ولا يلتفت ورائه ليتفقد ما داسه بحذائه العسكري و إني أيها القارئ الكريم أدرك ما أدعيه تمام الادراك و إني أرى الفرج قريبا بإذن الله إذا انتفض الرجال و حضرت الارادة .
الهاجس الاسلامي :
منذ استقلال البلاد و مايزال الاسلام هو الهاجس الاكبر للسلطة التونسية و الخطر الذي يُعمل له ألف حساب و كأننا في دار كفر،أو نحن المسلمون الاقلية و هم العائلة الحاكمة و بطانتها الفاجرة الاغلبية او هم الاسياد و نحن العبيد، تُخصص ميزانية مفتوحة في الاعلام و الثقافة و الامن و التعليم و بدون محاسب أو رقيب إلى درجة أن يتم استغلال مبالغ ضخمة تحت مسميات عديدة و لكن لا تخرج معظمها عن البند المفتوح وهو بالطبع محاربة الارهاب و استئصال التطرف الديني لان هذا البند لا يُسأل عنه صارفه بل يُكرّم و يعزّز،و عليه كان مدخلا سهلا لسرقة مال الشعب و مدخرات الدولة، و لكن الله يُمهل ولا يُهمل ،فاليوم و بالتلفزيون الوطني تجري مراجعات و محاسبات لارقام مالية ضخمة مفقودة في خزينة التلفزيون فتحولت الاموال من محاربة دين الله إلى مال حرام يتداول بين المسؤولين ليكون حسرة و نقمة فيما بينهم و فضيحة على الجرائد اليومية وسجال تحت قبة البرلمان .
الاسلام إذا هو محور الخلاف بين الاخوة الاعداء أبناء الوطن الواحد،فالشق السلطوي دائما يختار موقع المعتدي و يلعب دور أبا لهب و يستغل في معركته الغير عادلة و لا المتساوية اموال الشعب التي يقلعها عنوة باسم ضريبة الحياة و السكن و الامن و الحداثة و النفايات و الطرقات و مياه الشرب و نور الظلمة ليقوي بها سلطانه و بطشه.
إذا ،كيف يستغل النظام التونسي الحالي ورقة الاسلام كأداة لتصفية خصومه مرة و كأداة للمراوغة مرة أخرى ،و كيف تتعامل النخب المثقفة و أحزاب المعارضة مع الظاهرة الاسلامية ؟ و هل تعاملها نابع من قناعة فكرية أو مصلحة آنية ؟
و كيف تتجاوب الحركة الاسلامية مع مجريات الاحداث و هل هي حقيقة على قدر التحدي أو أصبحت ماضيا و تاريخا يُحكى للاحفاد و سقطت رايتها للابد ؟ و مدى قدرتها على الصمود و البقاء ؟
الخيار الامني :
يعتمد النظام التونسي في سياسته تجاه خصومه من الاسلاميين على أساليب خبيثة ورثها من البطانة الفاسدة من اليسار الملحد و العلماني المتطرف و كما أحسب أنه استفاد من تجربة الامن المصري الذي جعل حركة الاخوان في دوامة لا تتوقف أبدا من اعتقال و فك ثم اعتقال ثان و اطلاق سراح آخر و هكذا تبقى الحركة الاسلامية المصرية في حل و ترحال لا تستقر أبدا لكي تبني الوطن و تُناطح النظام فهي مشغولة طيلة السنة و السنة التي تليها بقضايا ثانوية و عناصرها في حالة فرار و رعب و كر و فر دائمين لا يفكرون إلا في الاختفاء من عيون البوليس و الهروب من سياط الجلاد و بهذه الطريقة لن يجدوا الوقت الكافي للدعوة للاسلام و لا التبشير بالحل الاسلامي الموعود و لا حتى توفير لقمة العيش لافراد اسرتهم ،فهم على مدار الساعة يبحثون عن الامن و الامان ،و لهذا السبب تجد البوليس التونسي و هو في حالة استنفار يومية بعد أن استوعب التجربة المصرية بالكمال و التمام والعمل على مطاردة الاسلاميين و السلفيين و مراقبة منابع القلق كالمساجد و الهواتف و الانترنت و الصحف و الكتب و حتى لعب الاطفال كدمية فلة لم تسلم من قمعهم التي في عقلهم الباطني ترمز للفكر الارهابي و الزي الطائفي، و حتى الذين تم إطلاق سراحهم بعد قضاء زمن المحكومية ،فهم ممنوعون من الشغل و التنقل و الصلاة إلا بإذن بوليسي مكتوب يُحدد لهم اسم الفريضة و عدد الركعات و توقيت الزمن و الصف الذين يقفون عنده بالمسجد و السور التي تُقرأ أثناء التلاوة و عدد التسبيحات دبر كل صلاة، و الدعاء هنا ممنوع لانهم يدركون أن دعاء المظلوم مُستجاب و هو بمثابة السلاح الفتاك الذين لا يعرفون له علاج .{ وصف نقدي لاحد المساجين الذي تم اطلاق سراحهم}
ثمن البقاء في السلطة :
بما أن الرئيس الحالي لم يأت للسلطة بالطريقة الشرعية ،فلقد قام بانقلاب عسكري على رئيس ما انفك يُؤكد اعتزازه بتبني الثقافة الفركوفونية فكرا و قانونا إلى درجة أن أصبح فيها الزائر لا يُفرق بين مرسيليا عاصمة الجنوب الفرنسي و تونس عاصمة شمال البلاد مما أزعج الدول الغربية و الشعور بالغضب الشديد حيال ما جرى من قبل ضابط مغمور لا يعرف له سجل سياسي ولا شهادات علمية أكاديمية عليا.
و بما أن الرئيس الجديد الفاقد للشرعية و كعقلية استخباراتية يُحسن اللعب بالمعلومات و تركيب الاسماء و طبخ الملفات، عرف كيف يُقنع الغرب و بالتحديد فرنسا التي مبادؤها ترفض جملة و تفصيلا الانقلابات العسكرية و الدخول لقصر الرئاسة على ظهر دبابة مدججة بالسلاح و العسكر للاطاحة برئيس عجوز لايقدر على الحركة و لا الصراخ لطلب نجدة حراسه الشخصيين ،عرف بن علي كيف يهدؤ من روع الغرب لما عزف على الوتر الحساس و الذي لا يقبله الغرب باي حال من الاحوال و هو الغول الاسلامي الظلامي ، أي طالبان تونس و العمائم الحمراء الملطخة بالدماء و تسونامي الارهاب الديني ، الذي كاد أن يفتك السلطة و يُحوّل تونس الجميلة من قبلة للسياح إلى مصنع للمتفجرات و الانتحاريين كما صورها في تقريره البوليسي و الذي يُجيد صياغته بحكم الخبرة و المهنة على النحو الذي لا يترك فيه خيارا لقارئه للتكهن او الاجتهاد لاحتمال الخطأ أو الصواب بل التسليم بالنتيجة النهائية و يبقى رهينة الاستنتاج النهائي الذي أوصله إليه محرر التقرير .
الشريك الفرنسي :
ضحت فرنسا بمبادئها على حساب أمنها و لكن اشترطت على الرئيس الجديد الفاقد للشرعية بالالتزام المطلق بسياسة الانفتاح على الفرنكونية والحفاظ على مكتسابات مجلة الاحوال الشخصية و تنظيم انتخابات شكلية حتى تنال الصيغة الشرعية و الاعتراف الدولي .و لكي نفهم ذلك أكثر، نسأل كيف فرنسا أم الحريات و صانعة المساواة و حقوق الانسان تُغظ الطرف عن الانتهاكات الفظيعة و الجرائم الكبرى التي تُرتكب في حق شعب أعزل و مسالم لم يشهد في تاريخه القريب ولا البعيد حروب أهلية و لا عصابات مسلحة و لا الاخذ بالثأر من نظام مستبد يحكم بالحديد و الناروعدد سجونه يفوق عدد المستشفيات و الجامعات . فنجد أن فرنسا مقابل ذلك استلمت رشوتها عبر بوابة الاستثمار الكبيرة إذ بلغ عدد الشركات الفرنسية بتونس إلى 1200 شركة فضلا على توقيع عقود على مستوى الرئاسة الفرنسية و التونسية بإنشاء مفاعل طاقة نووية على أرض تونس تُقدر ببلايين الدولارات .و بالمقابل تم منحه الحصانة في زمن الرئاسة و بعدها و حماية أمواله من المسائلة و الملاحقة القانونية .
إذا استلمت فرنسا نصيبها من الكعكة و لا تلقي اهتماما للشروط المستحقة للرئاسة كعامل السن مثلا الذي يفتقده رئيسنا العجوز،و هو الان على أعتاب الثمانينات و الذي تجاوز بموجبه سن التقاعد المعمول به في تونس و الذي سيادته هو شخصيا صادق عليه و هو سن 60 سنة ثم السماح له بتولي منصب الرئاسة ثانية و ثالثة و رابعة و ربما خامسة إذا بقي له من العمر بقية و هو بالتأكيد يُخالف بنود الديمقراطية و المبادئ الفرنسية التي ملئت الدنيا ضجيجا و بريقا .
و في هذا السياق تُفهم سياسة الالحاد و محاربة الاسلام و سياسة تجفيف المنابع لانه في حالة الانحراف على سياسة سابقه سوف تُنزع منه فورا الشرعية و يفقد كرسي الرئاسة و لكنه في نفس الوقت مسك ببعض خيوط اللعبة و دفع فاتورة عالية القيمة من خزينة الدولة ومن عرق الشعب الكادح و ضرائب الفقراء للسيد ساركوزي كقيمة مصاريف خلاعة و نزهة و سياحة سيدة فرنسا الاولى عارضة الازياء الايطالية الاصل بشواطئ السيشال و الكاريبي و التمتع بشمسهما الساطعة بالعطل الصيفية .
النفاق السياسي و الاسلامي :
لم تشهد الخريطة السياسية العربية بلادا أشد نفاقا من البلاد التونسية ،فهي في الان الواحد تمارس النقيضين و لا تستحي من ذلك ابدا و كانه شئ لم يكن و لا تبالي من الانتقادات الموجهة إليها من الشرق و الغرب و نقدم لكم فيما يلي بعض الامثلة :
على المستوى السياسي تصدر الحكومة التونسية بيانات خجولة لا ترتقي إلى مستوى الحدث استنكارا للمجازر الصهيونية التي نفذتها ضد الشعب الفلسطيني و في الغد تُفتح الابواب على مصراعيها لليهود الحجاج بالالاف لزيارة معبد صغير بجزيرة جربة بالجنوب التونسي و تتحول الجزيرة بأكملها إلى ثكنة عسكرية لحماية اليهود من ناحية و تأكيد قوته و قبضته الحديدية من ناحية أخرى .
تنظم الحكومة التونسية مؤتمرا دوليا للمعلوماتية و تستقبل على أراضيها شخصيات عالمية معروفة بمواقفها الانسانية و الديمقراطية و دعمها للحريات و في نفس الوقت تونس من الدول العشر الاوائل عالميا في انتهاك حقوق النشر و المعلوماتية فضلا عن سجنها لميئات الشباب و الشابات بمجرد ابحارهم في الانترنت .و الامثلة كثيرة في الصحافة و الاحزاب و غيرها . أماعلى المستوى الاسلامي فهي أقبح دولة عربية بل أكثرها انحرافا في السلوك و الاعتقاد في التعدي على حرمات الله و عباده المؤمنين ،و بدون خجل تنظم مهرجانا للثقافة الاسلامية بالقيروان و تستقبل فيه ممثلي الدول الاسلامية و وزراء الشعائرالدينية بالدول العربية و في نفس الوقت و لا ابالغ فحملات الاعتقال للمحجبات و الملتحيين على قدم و ساق و في القيروان نفسها بالشوارع الخلفية لموقع المهرجان ، قوانين الردة بمجلة الاحوال الشخصية و سياسة تجفيف المنابع البغيضة تُطبق بحذافيرها و في نفس الوقت يدعو النظام علماء الخليج لزيارة تونس و يتوسل إليهم في لباقة للحصول على شهادة الولاء والبراءة و السجون مكتظة بالدعاة و المصلين و الملتزمين دينيا ،إنهم يدّعون ما لا يفعلون و يرجون من الاخرين ما لا يستحقون .
إن الخيار الامني و الاستقواء بالخارج ثم اعتماد الخديعة و النفاق هي الكبائر الثلاث الكبرى التي يستند عليها نظام الخطيئة في التشبث بالسلطة و النيل من المعارضة و استحمار شعبه.
المال المشبوه :
من حق أي رئيس دولة في العالم أن يتقاضى راتبا شهريا مقابل الخدمات التي يقدمها لدولته وشعبه كما تُخصص له امتيازات أخرى بدل الرحالات خارج الوطن و التنقلات الرسمية ذات الطابع المهني فعلى سبيل المثال يتقاضى الرئيس الامريكي أوباما 45 ألف دولار أمريكي شهريا و يمكن لكل مواطن أمريكي التعرف من مصلحة الضرائب على راتب رئيس بلده و الرئيس الجزائري مثلا للدولة المجاورة يتقاضى 252 ألف يورو سنويا و هو راتب معقول و قريب مما يتقضاه الرئيس الامريكي ، و لكن يبقى راتب الرئيس التونسي واحد من أكبر أسرارالدولة , وإليكم فيما يلي مقتطفات من بيان منظمة مراسلون بلا حدود :
قالت منظمة مراسلون بلا حدود في بيان لها بتاريخ 19 جانفي 2009 أن السلطات التونسية كانت قد منعت توزيع العدد37 من المجلة الشهرية { شباب 20 } بسبب احتوائه مقالا تعرض لراتب الرئيس التونسي و التي قدرته المجلة ب 551 دينار تونسيا في الدقيقة ،و ذكرت أيضا أن ميزانية مؤسسة الرئاسة عموما حيث قُدرت نفقات رئاسة الجمهورية المدرجة بميزانية الدولة لسنة 2008 في حدود 61.395 مليون دينار تونسي .
أما عن ثروة الرئيس و على حسب مجلة فوربس الامريكية تقدر ثروته انطلاقا من الحسابات الواضحة و الممتلكات العينية و العلنية بنحو 5 مليارات دولار لسنة 2007 .
و السؤال الذي يطرح نفسه و بإلحاح ،لماذا رواتب كل رؤساء الدنيا معلومة غير رئيس تونس و إذا كان ما جاء في صحيفة نواة غير صحيح فدلونا عن الحقيقة ؟ و لا تكذبوا علينا بقولكم :أنه يخدمنا لله مجانا .
ثم نريد أن نعرف بنود صرف نفقات الرئاسة و أين تذهب أموال التونسيين المساكين ،مبلغ 61 مليون دينار ليس بالمبلغ القليل ،يمكن 10% من المبلغ المذكور أن يوقف قوارب الموت بالبحر المتوسط و يحفظ صمعة تونس من الحرج و الاساءة .
هذا بخصوص الرئاسة و الرئيس أما على مستوى العائلة حدث و لاحرج و الكل على المكشوف ،مقروء و مسموع و لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا و هو سؤال شرعي و بديهي
من أين لك هذا ؟ من أين كل هذه الاموال و المشاريع الكبيرة و الكل يعرف تاريخ المستجدين و حالتهم الاجتماعية قبل الالتحاق بقصر الرئاسي ،إنه الثراء الفاحش و لا غير . هنالك تنافس على أشده بين الانساب و الاخوات غير الشقيقات : الماطري و الطرابلسي من جهة و بنات الزوجة الاولى و بنات الزوجة الثانية للرئيس من جهة أخرى، فدخلتا البنتان على الخط الرأسمالي و بقوة و قد لعبت الغيرة و الحسد هنا دورهما و لما لا ؟ و بنات الزوجة الثانية كان لهن نصيب الاسد في حين أن بنات الاولى زهدن في الدنيا والتزمن بالتعليمات الامنية و الرئاسية.
يأتي هذا التحرك المالي السريع و في هذا الوقت بالذات و ذلك لضمان مستقبلهن و مستقبل من يأتي من بعدهن خاصة وأن سيادته قد بلغ من الكبر عتيا و قبل أن يُدركه الموت و لعلها فرصته الاخيرة في الحكم ،و من يدري ؟ . إنها علامات السقوط و أبناء العائلة الواحدة يتنافسون على التركة و يفكرون بجدية فيما بعد الرئيس العجوز الذي بدأ نظامه يتآكل و يغرق في ذنوبه التي من صنع يديه .
نواصل في الحلقة القادمة بإذن الله
حمادي الغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.