وزير الصحة يبحث مع عدد من الخبراء سبل إحداث مركز إقليمي للتكوين في قطاع البوتكنولوجيا    قابس: تكوين لجنة متابعة لرصد عمليات سكب المياه الصناعية المستعملة في مجاري الأودية وفي السباخ والبحر    وزيرة الصناعة تطلع خلال زيارة عمل للمركز الوطني لقيادة النظام الكهربائي على كيفية مجابهة الطلب على الطاقة خلال الذروة الصيفية    عاجل/ بينها مثلجات وأجبان وبيض: حجز كميات كبيرة من المنتجات الغذائية في 3 ولايات    عاجل/ "حماس": مغامرة اسرائيل باحتلال غزة لن تكون نزهة    عاجل: سوسة: الاحتفاظ بشخص اعتدى على كلب بآلة حادّة    ليلة الجمعة: حالة الطقس ودرجات الحرارة    افتتاح المهرجان الصيفي بأريانة في دورته 19 بعرض " الربوخ"    عاجل/ الرائد الرسمي: صدور شروط واجراءات التمتّع بمنحة الغذاء لمرضى حساسية الغلوتين    فظيع: سوسة: اعتداء وحشي يُصيب كلبًا بالشلل الكامل    عاجل/ مصر: "المنطقة لن تنعم بالأمن"..    الدكتور محجوب العوني يكشف: فيروس شيكونغونيا لا يؤدي للوفاة وهذه أعراضه    في الندوة الصحفية للجامعة التونسية لكرة القدم: تنقيح مجلة العقوبات وثلاثة اندية تغادر الرابطة الاولى في نهاية الموسم    وزيرالصحة يشرف بولاية منوبة على ملتقى تقييمي وتكريمي لأفراد البعثة الصحية المرافقة للحجيج    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    مؤسس المهرجان السويسري للأبل: وجدنا الدعم من وزارة السياحة ....والمهرجان دعاية للسياحة الصحراوية في تونس    فساد مالي واداري: هذا ما تقرّر ضد إطار بمنشأة عمومية ووكيل شركة خاصة..#خبر_عاجل    سيدي بوسعيد تتربع على المرتبة الثالثة كأحلى مدينة صغيرة في العالم    خبر محزن: وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    عاجل: الVAR حاضر رسميًا في الرابطة المحترفة بداية من هذه الجولة    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    عاجل: فتح باب التسجيل في حركة النقل الوطنية للمديرين والنظار حتى هذا التاريخ    مصر: حملة أمنية ضد صناع محتوى تيك توك... 10 متهمين على ذمة التحقيقات...التفاصيل    عادات يومية بسيطة تنجم تقصّر عمرك ما غير ما تحس..شنيا هي؟    المهرجان الصيفي بدوار هيشر من 13 إلى 18 أوت 2025    أحزاب سياسية ومنظمات تدين "الاعتداء" على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    الحماية المدنية: 601 تدخلا منها 140 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    سليانة: تجميع مليون و570 ألف قنطار من الحبوب خلال موسم الحصاد    عاجل/ ردود أفعال دولية على قرار إسرائيل احتلال غزة..    عاجل/ آخر مستجدات البحث عن الشاب المفقود في شاطئ الهوارية..    قطاع الاتصالات في تونس يحقق 339.9 مليون دينار في جوان 2025 رغم تراجع اشتراكات الهاتف الجوال    محكمة رابعة تمنع أمر ترامب حظر منح الجنسية بالولادة    الكورة ترجع الويكاند هذا: مواعيد ونقل مباشر لماتشوات الجولة الأولى    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    بطولة أمم إفريقيا للمحليين 2024: تعادل كينيا مع أنغولا وفوز الكونغو الديمقراطية على زامبيا    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    خطر من ارتفاع سوم كيلو العلوش الي ينجم يوصل حتى 80 دينار..شنيا الأسباب؟    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام في المباراة الإفتتاحية    باش تمشي للبحر الويكاند؟ هذا هو حالة البحر السبت والأحد    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    إقبال محتشم والعودة المدرسية توجه الشراءات... ال «صولد» الصيفي... «بارد»!    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الدين القيّم:علم عظيم عن «الرحمان الرحيم»    أخبار النادي الصفاقسي: معلول جاهز و المهذبي و«موتيابا» يُمضيان    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    في عرض بمهرجان سوسة الدولي: «عشاق الطرب»جرعة إبداعية ضدّ التلوث السمعي    شجار بين مغنيي راب يثير الجدل : حين يتحوّل الراب من صوت المهمشين إلى عنف الشارع    هزة أرضية ثانية تضرب الإمارات    بعد الهجوم على مقر الاتحاد... متظاهرون يطالبون بالتجميد وقياديون يدعون النيابة للتحرّك    الفنانة أحلام: سأغني في قرطاج ولا أريد أجرا ولن أستلم مقابلا من تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة الاستجداء عند بعض العملاء - طارق الهاشمي نموذجاً!: محمد العماري
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 09 - 2009

لم يكفّ ساسة عراق العجائب والغرائب عن إثارة الدهشة والفضول من تصرّفاتهم لدى من يتابع شأن هذا البلد المنكوب بهم وبسادتهم الأمريكان. ولم يعد التناقض والتضارب في الأقوال والأفعال هو الميزة الوحيدة التي تجمع بين من أصبحوا بغفلة من الزمن حكّاما أو مسؤولين كبارا في عراق اليوم. بل صارت المبادرات الشخصية, التي غالبا ما تأتي كردّة فعل عاطفية, سياسة ثابتة للدولة لدى البعض منهم. وبكل تأكيد إن دولة كارتونية كالعراق الجديد لا تملك من أمرها شيئا وحكومة لا سلطة لها حتى على منتسبيها لا بمكنها أن تقدّم شيئا لمواطنيها المتضرّرين من الارهاب وسواه غير إستجداء عواطف ودولارات الآخرين, حتى وإن كانت ملطّخة بدماء الشعب العراقي.
في هذا السياق تدخل "مبادرة" ما يُسمى بنائب رئيس الجمهورية, طارق الهاشمي. وإعترف أنني ما زلت أجهل, رغم التطبيل والتزمير والظهور المكثّف عبر الفضائيات, مهام ووظائف وسلطات وصلاحيات رئيس جمهورية العراق الجديد ونائبيه الأثنين. وما إذا كان وجودهم هو فقط من أجل شغل فراغ على مقاعد رئاسية طائفية أو عنصرية أم أن لديهم عملا حقيقيا يُمارسونه كل يوم كما هو حاصل في بقية دول العالم. على كل حال, لقد تفتّق ذهن نائب "رئيس" جمهورية عراق الاحتلال فقام بفتح صندوق خيري لصالح المتصرّرين من الأعمال الارهابية التي حصلت يوم الأربعاء الدامي. فارسل رسالة إستجداء, تصوّرا حجم الخزي والعار, الى من؟ الى شيوخ وأمراء الخليج متناسيا أن هؤلاء بالذات هم أول من فتح أرضه وسماءه وماءه وخزائنه المليئة بالمال الحرام لتسهيل غزو وتدمير العراق.
يقول"فخامة" نائب العميل جلال الطلباني في رساته الى الشركاء في جريمة إحتلال العراق ونهب ثرواته وتشريد أبنائه: "نتيجة الى ما أصاب أهلنا من فاجعة كبيرة يوم الأربعاء الدامي ترقى الى الكارثة الانسانية وبعد الاتكال على الله وبركته قمنا بفتح صندوق خاص بالتعويضات باسم )صندوق إغاثة أهالي الصالحية( مع لجنة خاصة بتقدير الأضرار وأخرى خاصة بالصرف والتعويضات للعوائل المتضررة جراء الهجمات الارهابية". ويُزيد نائب "رئيس" الجمهورية العراقية عارا على عار مبادرته المخجلة فيضيف قائلا:" أناشد فيكم الغيرة العربية آملا أن تقفوا مع شعبكم الصابر في العراق في هذه المحنة الكبيرة والمصاب الجلل, فقد بدأت بالتبرع وفتحه بما مكّنني ربي به - طبعا لم يقل لنا كيف مكّنه ربه وإن كان بالدولارات أو بالدنانير - متمنّيا عليكم مشاركة إخوانكم في العراق بما يخفّف هذا الألم ويشفي الجراح ويغيث الملهوف خاصة ونحن في شهر الله شهر الخيرات والطاعات".
وبغض النظر عن ركاكة الصياغة وسوء إختيار الكلمات وتكرارها, فان رسالة طارق الهاشمي يُفترض بها أن تصدر عن رئيس جمعية خيرية أو منظمة إنسانية لا عن نائب رئيس دولة. وأية دولة يا ترى؟ العراق العظيم! صاحب الخيرات والثروات الطبيعية والبشرية الهائلة والتاريخ الثري بالأبداع والعطاء, والذي كان, حتى يوم غزوه المشؤوم عام 2003, عونا وسندا ونصيرا لكل محتاج ومتصرّر في هذه الدنيا. ولم تتوقّف مكارمه وعطاياه حتى في سنوات الحصار الظالم الذي كان لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو, الذين يستجديهم طارق الهاشمي اليوم ويطلب مساعدتهم, دورا أساسيا في تشديد ذلك الحصار وإطالة أمده من أجل إبادة المزيد من العراقيين.
ويمكن للمرء أن يتفهّم النوايا الرمضانية لنائب "رئيس" العراق الجديد, ويدعم مبادرته"الكريمة" لو أنها صدرت في دولة مثل بنغلاديش أو الصومال أو أفغانستان أو جيبوتي. مع إحترامنا للجميع, لكنها تصدر في العراق الذ ي تصل ميزانيته الى أكثر من 60 مليار دولار, فهذا أمر في قمّة المهزلة. ومن حقّ أولئك المتضرّرين الذين يريد طارق الهاشمي المتاجرة بدمائهم ومأساتهم, لغاية في نفس حزبه الغير إسلامي, أن يسألوا فخامته أين تذهب عائدات النفط العراقي وهي بالمليارات؟ وهنا تجدر الاشارة الى أن العراق, حسب البيانات الصادرة عن وزارة النفط, حقّق أعلى نسبة صادرات هذا العام.
ثم ماذا ينتظر طارق الهاشمي من لئام الخليج, خصوصا حكام الكويت, إمارة الحقد والبغضاء والشر؟ وكم من الأموال يتوقّع الحصول عليها من أجلاف وبخلاء ينطبق على أحدهم المثل الشعبي القائل"ما يبول على أيد مجروح". ولو كان لدى نائب "رئيسنا" الغير موقّر شيء من الشرف والمصداقية والاحساس الوطني الحقيقي لتوجّه بمبادرته هذه بفتح "صندوق إغاثة أهالي الصالحية" الى الشعب العراقي نفسه لا الى أعدائه وسارقي نفطه وثرواته الأخرى. وأنّي لعلى يقين بأن العراقيين, رغم الوضع الاقتصادي المأساوي الذي أوصلهم اليه طارق الهاشمي وأمثاله, سوف لا يبخلون بما ملكت أيديهم رغم قلّته من أجل مساعدة أخوانهم المتضرّرين سواء في الصالحية أو في غيرها من مدن العراق المنكوبة.
إن الانسان ليعجب حقّا من أن طارق الهاشمي, وعصابة المنطقة الخضراء في بغداد, ما زال مقتنعا, رغم كلّ المصائب والأهوال والرزايا التي جلبها علينا أصحاب السعادة والجلالة والسمو, منذ الحصار الظالم ومن بعده الاحتلال الأمريكي وحتى يومنا هذا, أن ثمة "غيرة عربية" لدى هؤلاء اللئام الذين وظّفوا كل خزائنهم وعرضهم وأرضهم من أجل أن تصل الأمور بالعراق الى ما هي عليه اليوم. ومن أجل أن يستجدي ما يُسمى بنائب "رئيس" جمهورية العراق عواطفهم المتبلّدة ومشاعرهم الميتة لقاء حفنة من دولارات ملطّخة بدماء أكثر من مليون عراقي بريء. في الوقت الذي تستمر فيه عمليات النهب والسلب والسرقة ليل نهار وبالجملة والمفرد لأموال الشعب العراقي على أيدي وزراء ونواب وساسة العراق الجديد, دون إستثناء.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.