انطلاق محاكمة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة 2"    سيدي بوزيد: انطلاق أشغال المستشفى الجهوي بمعتمدية جلمة في موفى ماي الجاري    بعد نقصها وارتفاع أسعارها: بشرى سارة بخصوص مادة البطاطا..    استشهاد 11 فلسطينيا في قصف للاحتلال الصهيوني على مناطق متفرقة بقطاع غزة..#خبر_عاجل    وزارة الرياضة تعلن عن مشروع إصلاحي في علاقة بخطة المديرين الفنيين الوطنيين للجامعات الرياضية    الرابطة الثانية: قطيعة بالتراضي بين كوكب عقارب والمدرب كريم بن عمر (رئيس كوكب عقارب)    حملات أمنية تسفر عن حجز كميات من المخدرات والقبض على 26 مفتشا عنهم..    عاجل/ حادث مرور مروع بقابس..وهذه حصيلة الضحايا..    منزل بوزلفة: الاحتفاظ بتلميذ من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية    بريطانيا تستعد "سرا" لهجوم عسكري مباشر من روسيا    العائلة التُونسيّة تحتاج إلى أكثر من "5 ملاين" شهريًا..!!    عرض خاص من الخطوط التونسية لأعضاء fidelys    نواب الشعب يشرعون في مناقشة مشروع قانون يتعلق بمساهمة البنك الإفريقي للتنمية في تمويل تطوير البنية التحتية للطرقات    مخزون السدود في تونس يُسجّل أعلى مستوى منذ 2019    "بلومبرغ": الصادرات الصينية تتحدى الرسوم الأمريكية وتسجّل نمواً    الدورة الثامنة لتظاهرة 'الايام الرومانية بالجم - تيتدروس' يومي 10 و11 ماي بمدينة الجم    وفاة المدافع الأرجنتيني لويس غالفان بطل مونديال 1978    نصف نهائي دوري الأبطال: موقعة إنتر وبرشلونة الليلة    بطولة انقلترا : فورست الساعي للعب في رابطة أبطال أوروبا يتعادل مع كريستال بالاس    عاجل | تشديد شروط التجنيس في فرنسا يُقلق التونسيين المقيمين بالخارج    الدورة الخامسة للصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المائية يومي 7 و8 ماي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية    تونس الكبرى دون "تاكسيات"..ما القصة..؟    عاجل/ بشبهة حيازة مخدرات..الاحتفاظ بلاعب دولي معروف..    اليوم: تواصل مؤشّرات الأمطار    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    ترامب: نعرف من المسؤول عن تفجير "نورد ستريم"    قليبية: ايقاف المعتدي على النساء بشفرة حلاقة    لاعب النجم الساحلي يتعرض للعنف الشديد    المدير العام للسدود: تحسن غير مسبوق في منسوب المياه ... وبوادر إيجابية لموسم فلاحي واعد في تونس    بطولة مصر : هدف سيف الدين الجزيري غير كاف للزمالك لتخطي البنك الاهلي    التضخم السنوي ينخفض في تونس    سعيد: تونس تحملت الكثير من الأعباء ولا مجال ان تكون معبرا أو مقرّا للمهاجرين غير النّظاميّين    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    وزير الخارجية يؤكد استعداد تونس لضمان عودة سلسة للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية    طقس الثلاثاء: أمطار غزيرة بهذه المناطق    أورنج تونس تدشّن مركز البيانات الجديد بولاية سوسة لمواكبة التحديات الرقميّة المستقبلية    عاجل : بريطانيا تلوّح بتقليص التأشيرات لهذه الجنسيات    رئيس الجمهورية يوصي بفتح باب الانتدابات وإعداد مشروع قانون المالية للسنة القادمة    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    هبة يابانية    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    بهذه الولاية سعر ''علوش العيد'' يصل الى مليون و800    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنون التعصب الحزبي (2 من 3):أ.د. محمد اسحق الريفي
نشر في الفجر نيوز يوم 14 - 09 - 2009


طالع ايضا :جنون التعصب الحزبي (1 من 3)
الظروف الصعبة التي تمر بها أمتنا تحتم علينا العمل الجاد والمخلص من أجل حماية أجيالنا الصاعدة من التجهيل الثقافي ومن الثقافات الهدامة، ولهذا لا بد من بذل جهود واعية كبيرة لتربية النشء تربية واعية وتحصينهم من الأفكار المنحرفة، عبر دعوتهم بحكمة وبطرق ذكية تتناسب مع ظروف العصر. ومن أهم ما يمكن أن نقدمه لكسب أجيالنا الناشئة إلى صف أمتنا هو الوصول إلى وجدان تلك الشريحة الواسعة من أبناء أمتنا غير المؤطرين سياسياً، ومخاطبة أذهانهم بطريقة مقنعة وغير منفرة، بهدف كسبهم وتحصينهم بالوعي والإيمان، وإنقاذهم من تضليل الأمريكيين والغربيين، الذين يسعون إلى تكوين جيل عربي متأمرك مستسلم.
وبما أن الأمريكيين والغربيين والصهاينة يسعون إلى عزل الملتزمين بالإسلام عن باقي الناس في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وفي المجتمعات الغربية، فلا بد للإسلاميين من كسر هذه العزلة والتفنن في الوصول إلى كل فئات المجتمع، وأن يسوِّقوا أفكارهم ويروِّجوها بأسلوب عصري، دون إفراط أو تفريط، لخدمة أمتنا وحماية أبنائها، ولا يمكن تحقيق هذا في ظل جنون التعصب الحزبي المنتشر في مجتمعاتنا.
فالتعصب الحزبي يحد من قدرة المصاب به على فهم غيره من الناس، ويحول دون إقامة علاقات معهم مبنية على أسس من التسامح والتعاون على الخير، فالمتعصب يرى كل الأفراد الذين ينتمون إلى جماعة ما على أنهم متساوون في الأفكار والمواقف، فيتعامل معهم على أنهم نسخة طبق الأصل من صورة مشوهة لتلك الجماعة، ويصدر عليهم أحكاماً مسبقة دون تمييز، ما يؤدي إلى نشوء جدار من سوء الفهم يعزل الجماعات والأحزاب بعضها عن بعض، ويعزل المتعصب عن أبناء شعبه، فيعجز عن استيعابهم أو التعاون معهم.
ويؤكد علماء النفس أن أفكار الأشخاص ومواقفهم يمكن أن تتغير إذا توفرت ظروف مناسبة في ظل أجواء التسامح والتراحم والاحترام المتبادل، ولهذا يجب أن لا نيأس من التأثير على مواقف الناس وأفكارهم بطريقة تعزز التعاون معهم وتساعدنا على كسبهم في صفوفنا لخدمة ديننا وأمتنا، ولكن تلك الأجواء الإيجابية لا يمكن أن تتوفر في ظل التعصب الحزبي، الذي يجعل المتعصب عاجزاً عن التعامل مع الناس بموضوعية وإنصاف، فيعاملهم بطريقة منفرة تخلو من التراحم والاحترام.
والإسلام نهى عن التعصب بكل أنواعه، وقد ورد في سيرة رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) ما يدلنا على أنه كان يستوعب الناس ويحوِّل العدو اللدود منهم إلى صديق حميم، وقد دخل في الإسلام نتيجة لذلك كثير من الناس. فلم يكن نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) متعصباً، فهو القائل: "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها"، وهو الذي أمره الله تعالى بإبقاء باب الحوار مع الآخرين مفتوحاً: {... وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (سبأ، 24)، والتعاون معهم: {... وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ...} (المائدة، 2)...
والمرحلة التي نعيشها الآن تفرض علينا الارتقاء بمعاملتنا وتفكيرنا وخطابنا، لنكون جديرين باحترام الناس وحبهم، ولنتمكن من كسب قلوبهم وعقولهم، خاصة أن أعداء أمتنا يحاولون إظهار الإسلاميين على أنهم متطرفون وعدوانيون، ويتهمونهم بالإرهاب والكراهية الدينية، ما أدى إلى تكوين عقدة الخوف من الإسلام عند كثير من الناس، ولهذا علينا أن نثبت لهم العكس، وأن نريهم الصورة الحقيقية للإسلام، الذي كرم الإنسان وأعطاه حريته وحقوقه كاملة.
وفي فلسطين، نحن أحوج الناس إلى كسب الآخرين، وخاصة من مؤيدي التنظيمات غير الإسلامية، فعلينا أن نتجنب تنفيرهم وصدهم بممارساتنا الفظة والغليظة، إذ الأجدر بنا مساعدتهم على استيعاب أفكارنا وعلى حبنا، ليستطيعوا فهمنا على حقيقتنا. وقد عانى شعبنا كثيراً من سياسات الإقصاء التي مارستها بعض التنظيمات، ونحن في فلسطين، بعد حصول "حماس" على ثقة معظم شعبنا وتأييده، علينا تجنب ممارسة الإقصاء نهائياً، فنحن بحاجة ماسة إلى تعزيز قيم التسامح والتعاون والشراكة، وهذا ليس تكلفاً كما قد يظنه بعض الناس، وإنما هو من صميم ديننا الحنيف.
فلنفسح الطريق أمام الناس ليفهموا الإسلام وليحبوه، لئلا يقعوا فريسة للدعوات الهدامة المنتشرة في ربوع أوطاننا، التي تستهدف ديننا ووحدتنا، ولنبقي باب الحوار المفضي إلى التعاون بين الجميع على البر والتقوى مفتوحاً على مصراعيه.
أ.د. محمد اسحق الريفي
غزة، فلسطين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.