الرباط: اتهمت منظمة امريكية في مجال حقوق الانسان في تقرير قدم بالرباط الاربعاء السلطات المركزية المغربية بغض النظر عن انتهاكات ومحاولات تقويض بناء مجتمع مدني بالمغرب، وقالت ان ما عرفه المغرب من تطور ايجابي في ميدان الحريات لا يزال هشا وقابلا للانتكاسة فيما وصفت السلطات المغربية التقرير بانه بعيد عن الموضوعية.وقالت منظمة (هيومان رايتس ووتش) في تقرير أصدرته الأربعاء ان القوانين المغربية فضفاضة وتدعو الى القمع بدوافع سياسية ودعت السلطات إلى وقف 'المناورات البيروقراطية المتفشية'، والتي قالت إنها تقوّض حرية تكوين الجمعيات بما في ذلك الامتناع عن تسجيل المنظمات المدنية في انتهاك للقوانين المغربية. وانتقدت المنظمة الأمريكية للدفاع عن حقوق الإنسان غير الحكومية الأسس الواسعة التي يمنحها القانون للسلطات لمعارضة تكوين جمعية جديدة أو السعي للحصول على حل واحدة موجودة من خلال المحاكم وقالت إن القانون ينص 'على أنه لا يجوز تكوين الجمعيات التي تتبنى أهدافا أو غايات تعتبر متنافية مع الأخلاق الحميدة، أو تمس بالإسلام أو النظام الملكي، أو بوحدة التراب الوطني للبلاد، أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز'. واضافت أن هذه القيود 'تتجاوز بكثير الحدود التي تسمح بها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في ما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير، وتوفر للسلطات أساساً في القانون المحلي لحل المنظمات التي لا تروق لها أجندتها السياسية'. وطالبت المنظمة في تقريرها الحكومة المغربية 'الطلب من المسؤولين المحليين الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون المغربي المتعلق بتسجيل الجمعيات وإخضاع المسؤولين للمساءلة إذا لم يفعلوا، ومراجعة قانون تأسيس الجمعيات لتضييق المعايير التي بها يمكن أن تكون جمعية محظورة، لأن الصيغة التي تسمح للمسؤولين برفض المجموعات التي تمس بالإسلام، أو بالنظام الملكي، أو بوحدة التراب الوطني للمغرب، أو تدعو للتمييز، فضفاضة للغاية، وتدعو إلى القمع بدوافع سياسية'. كما دعتها إلى 'تنقيح قانون تأسيس الجمعيات بشكل يطلب من السلطات الحكومية تقديم سبب واضح عندما تعارض الاعتراف القانوني بجمعية، وتنفيذ الأحكام التي تصدرها المحاكم الإدارية لصالح الجمعيات التي واجهت عقبات إدارية تعسفية لتقديم تصريحها، ووقف الملاحقات القضائية بتهمة الانتماء إلى جمعية غير معترف بها لأن هذه التهمة ليس لها أساس قانوني واضح، وإصدار لائحة الجمعيات التي رفض المسؤولون الحكوميون قبول وثائقها أو التي رفض المسؤولون الحكوميون على المستويين الوطني والمحلي إصدار وصل الإيداع لها، أو التي عارضت الحكومة تأسيسها مع بيان الأسباب'. وقال اريك غولدستين عضو المنظمة الامريكية خلال تقديمه التقرير ان العديد من الجمعيات والمنظمات تواجه عقبات تعسفية لتصرح بنفسها وفقا للقانون'، وذكر كلا من جماعة العدل والاحسان الاصولية المتشددة شبه المحظورة وجمعيات المعطلين وهيئات تهتم بجباية المال العام. وقال ان ناشطي جماعة العدل والاحسان يواجهون طيفا واسعا من انتهاك لحقهم في تأسيس جمعيات كما ان افرادها يخضعون لنظام المراقبة والمضايقات بالاضافة الى محاصرة ومتابعة منظمات المجتمع المدني التي يكون من بين قياداتها وناشطيها ناشطون بجماعة العدل والاحسان. واكد غولدستين ان المغرب عرف خلال العقود الماضية خطوات ايجابية واسعة في ميدان حقوق الانسان بالافراج عن معتقلين سياسيين وتوسيع هامش حرية التعبير الا ان هذه الخطوات لا زالت هشة وقابلة للانتكاسة لانه لم تتم مأسستها. وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 'هيومان رايتس ووتش 'إن نسبة تكرار رفض إصدار وصول الإيداع من طرف المسؤولين المحليين في جميع أنحاء البلاد يدل على أن هؤلاء المسؤولين على المستوى الوطني يتغاضون عن هذه الممارسة، وبحاجة إلى تجسيد الإرادة السياسية على المستوى الوطني، ومطالبة المسؤولين المحليين بالانصياع للقانون'. الداخلية: رؤية ضيقة واستنكرت وزارة الداخلية المغربية ما جاء في تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش وقالت أنه بعيد عن الموضوعية. وقال محمد أوزكان مدير التقنين والحريات العامة بالوزارة أن 'هذا التقرير بعيد عن الموضوعية وبالتالي لا يسعنا سوى استنكاره' وأن 'معدي هذا التقرير أظهروا بحق أنهم إلى جانب عدد من الأشخاص الذين يريدون النيل من الوحدة الترابية للمغرب'. وأشار إلى أن 'الحركة الجمعوية هامة في أقاليمنا الجنوبية' اشارة الى الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البويزاريو، مضيفا أن 'هناك الآلاف من الجمعيات التي تنشط في كافة المجالات بما فيها حقوق الإنسان'. وبعد تأكيده أن 'لدى أصحاب هذا التقرير رؤية ضيقة للأمور'، ذكر أوزكان أن التشريع المغربي 'واضح'، وأنه 'ليس هناك في العالم أي تشريع يسمح بتشكيل جمعيات على أساس انفصالي'. وذكر أوزكان أن المغرب يتوفر منذ 1958 على مسطرة شفافة وتشريع رائد بشأن إحداث الجمعيات والذي تم تحيينه سنة 2002. وتابع 'لدينا اليوم نسيج جمعوي وطني يقدر بحوالي 45 ألف جمعية تعمل في الكثير من المجالات بشكل شفاف'، و'لا أعتقد أن تقرير (هيومان رايتس ووتش) يستطيع أن يدحض واقعا حيا في المجتمع المغربي'. القدس العربي محمود معروف