الصحفي محمد بوغلاّب يمثل مجدّدًا أمام القضاء    السجن لنائب سابق بالبرلمان المنحل وشقيقه في قضية عقود نقل الفسفاط    بوتين خلال استقباله عراقجي: العدوان المستفز ضد إيران لا يستند إلى أي مبررات أو أعذار    عاجل/ مفاوضات الزيادة في أجور القطاع الخاص: سامي الطاهري يكشف آخر المستجدات..    عاجل/ بشرى سارة للعاطلين عن العمل..    مول 35 مشروعا/ ناجي غندري: بنك الأمان يعمل على تشجيع الشركات للانخراط في مجال الإنتقال الطاقي..    عاجل/ فوضى في الأجواء الخليجية…وشركات الطيران تلغي رحلاتها..!!    الحرب الإيرانية الإسرائيلية: قصف صاروخي إيراني واسع وإسرائيل تهاجم 6 مطارات    عاجل/ أمريكا تصدر تحذيرا "عالميا" لمواطنيها…التفاصيل..    خبير يكشف ما سيحدث لو أغلقت إيران مضيق هرمز..#خبر_عاجل    إيران تهاجم إسرائيل بصواريخ ومسيرات خارقة للتحصينات    معين الشعباني بقود نهضة بركان المغربي الى نهائي كأس العرش    محمد الطبوبي : الحصول على المرتبة الخامسة يعتبر "نتيجة متميزة"    رحاب الظاهري تتوّج بذهبية 3000 متر موانع في الجولة القارية البرونزية لألعاب القوى    بطولة إفريقيا للرقبي: المنتخب الوطني ينهي مشاركته في المرتبة العاشرة    7 سنوات سجنا لوالد عنّف ابنه الرضيع وتسبّب له في إصابة خطيرة    الوكالة التونسية للتكوين المهني تفتح باب التسجيل عن بعد لدورة خريف 2025    جبال الظاهر: وجهة سياحية أصيلة تنبض بالسكينة والتراث    كأس العالم للأندية : الهلال السعودي يتعادل سلبيا مع سالزبورغ النمساوي    تونس: نحو مراجعة برنامج شعبة الرياضيات    اعتبر أن "هذا الأسلوب لا يليق برئيس دولة"/ محمد عبو يفتح النار على قيس سعيد..#خبر_عاجل    في سابقة في إفريقيا: 733 عملية مجانية في مجال صحة العيون في يوم واحد بتونس    كاس العالم للاندية : مانشستر سيتي يتأهل للدور السادس عشر مع يوفنتوس بعد فوز ساحق 6-صفر على العين الاماراتي    بعد ما نجحت في ''باكالوريا ''2025 ...احسب سكورك بهذه الخطوات    عاجل - تونس : صدمة بالأرقام: الإناث يتصدرن حالات الغش في البكالوريا!    تونس تدين الاعتداءات الصهيونية على ايران ، وتدعو الى ايقاف العدوان    مهرجان تيميمون الدولي للفيلم القصير بالجزائر يفتح باب الترشح للمشاركة في دورته الأولى    فرضيات تأهّل الترجي و تشلسي إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية    سيدي بوزيد: لأول مرة عملية إزالة كيس من الكبد تحت مراقبة المفراس بالمستشفى الجهوي    طقس اليوم: قليل السحب والحرارة تتراوح بين 30 و39 درجة    كورياالشمالية تدين الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية    في أول تعليق له على الضربة الأمريكية لبلاده .. خامنئى: عقابنا لإسرائيل مستمرّ    النجم الساحلي: موعد استئناف التمارين    تحصّل على 80 ميدالية في جينيف ... زيت الزيتون التونسي يؤكد تفوّقه عالميا    بعد دفع الفلاحين والمصنعين 120 مليارا في 12 سنة: لماذا غاب دعم صندوق النهوض بالصادرات؟    في مهرجان الفيلم العربي بالدار البيضاء: محمد مراد يُتوّج عن دوره في فيلم «جاد»    عانت من ضعف التمويل وسوء التسيير .. هل تتجاوز المهرجانات الصيفية مشاكلها؟    الممثلة المسرحية نورس العباسي ل«الشروق»: يستهويني عالم التدريس    مدٌّ أحمر في المنستير: تحذير من نفوق الأسماك وتوصيات للمواطنين    تونس صدرت منتوجات بيولوجية بنحو 420 مليون دينار الى موفى ماي 2025    ضخ كميات إضافية من مادة الفارينة المدعمة لمجابهة الطلب في الصيف (وزارة التجارة)    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تدعو سكان المناطق الساحلية الى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    صفاقس تتصدر الطليعة وطنيا في نسبة النجاح في الدورة الرئيسية للباكالوريا    دعوة سُكّان المناطق الساحلية إلى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    صدور دليل التوجيه الجامعي لسنة 2025..#خبر_عاجل    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جاء "ميتشل" ذهب "ميتشل" : راسم عبيدات
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 10 - 2009

تتعاقب الإدارات الأمريكية وتتعاقب الزيارات المكوكية لمبعوثيها الى المنطقة،وكل ذلك من باب إدارات الأزمات لا العمل على حلها،وتتكثف تلك الزيارات عندما تحتاج الإدارات الأمريكية إلى دعم وتوحيد للموقف العربي الرسمي،حول قضايا لها علاقة بتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة،حيث تبدأ بنثر الوعود "والضحك على ذقون" القيادات العربية والفلسطينية،بأن هذه الإدارة جادة وستعمل على إيجاد حل للصراع العربي- الإسرائيلي وفي القلب منه القضية الفلسطينية،فالإدارة الأمريكية السابقة – إدارة المحافظين الجدد- بقيادة بوش الابن،وعدت بالعمل على إقامة دولة فلسطينية خلال خمس سنوات،والوعود تبخرت ولم تنجز لا في خمس ولا ست سنوات،وختمها بوش بخطاب وداعي له في الكنيست الإسرائيلية شن فيه هجوم قاسي على قوى المقاومة العربية والفلسطينية ووصفها"بالإرهاب"،وأسهب في الحديث عن معانيات اليهود وذرف الدموع على سكان مغتصبة سديروت "ضحايا الإرهاب" الفلسطيني،أما الشعب الفلسطيني الذي يذبح كل يوم ويحرم من أبسط شروط ومقومات الحياة ويحاصر حتى الموت ويقصف بالأسلحة المحرمة دولياً،فلم يحظى حتى بكلمة تعاطف من هذا الرئيس،بل وأكد على التزام أمريكا بأمن وحماية إسرائيل،وبعد رحيل بوش جاءت إدارة"أوباما" لكي تسوق نفس البضاعة ولكن بمفردات ولغة جديدة تلعب على وتر العواطف والمشاعر،وعلق النظام الرسمي العربي وبالذات ما يسمى بقوى الاعتدال منه الكثير من الآمال على هذه الإدارة،وكل من كان يستمع الى الخطاب الذي ألقاه "أوباما" في حزيران الماضي في جامعة القاهرة،وما أحدثه من ضجة وضجيج وصخب واهتمام عربي غير مسبوق،بل وانبهار الكثير من القيادات العربية وجوقاتها المطبلة والمزمرة والمسبحة بحمد فلوس قياداتها من رجال فكر وسياسة وأعلام وكتاب ومثقفين"بأوباما" وخطابه،وبدئوا ينظرون له على أساس،أن هناك سياسة أمريكية جديدة،وأن الوقت الذي كانت فيه إسرائيل فوق القانون الدولي قد ولى إلى غير رجعة،وأن هذه الإدارة جادة في إيجاد حل للصراع العربي- الإسرائيلي وجوهرة القضية الفلسطينية،وان "أوباما" سيأتي لهم "بالزير من البير"،والدولة الفلسطينية ستقوم على أساس وعد "أوباما" خلال فترة أربع سنوات.
وتمر الشهور بانتظار أن يعلن "أوباما" ملامح خطته أو مبادرته للشرق الأوسط،ولتظهر هذه الملامح واضحة من خلال خطة تقوم على أساس التطبيع مقابل وقف الأنشطة الاستيطانية في القدس والضفة الغربية،ويأتي الرد الإسرائيلي سريعاً وحازماً من خلال الخطاب الذي ألقاه"نتنياهو" في جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية إحدى أهم معاقل اليمين الإسرائيلي والتطرف،وكذلك من خلال الكلمة التي ألقاها من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي،بأنه لا وقف للأنشطة الاستيطانية في القدس أو حتى تجميد لها،باعتبارها على حد زعمه العاصمة الأبدية لإسرائيل،وأكثر ما يقبل به هو تجميد مؤقت للاستيطان بسقف أعلى لا يزيد عن ستة شهور،وبما لا يشمل الكتل الإستيطانية الكبرى في الجنوب مغتصبات "غوش عتصيون" وفي الوسط مغتصبة "معالية أدوميم" وفي الشمال مغتصبات"تجمع أرئيل" ،ناهيك عن ما يسمى بالزيادة الطبيعية في المغتصبات الأخرى،مقابل عمليات تطبيع واسعة مع العالم العربي.
واستناداً إلى هذه المواقف الإسرائيلية،والتي تعني الرفض لخطة"أوباما" والعمل على تفريغها من مضمونها ومحتواها،وجدنا أن الموقف الأمريكي بدأ بالتراجع نحو التكيف والتطابق مع الموقف الإسرائيلي،بالتخلي عن وقف الأنشطة الإستيطانية في الضفة والقدس نحو التجميد الجزئي لها،وعلى أن يترافق ذلك مع خطوات تطبيعية مع العالم العربي،تشمل فتح الحدود والأسواق العربية أمام التجارة والبضائع الإسرائيلية،وكذلك استخدام أجوائها وموانئها من أجل الطيران والرسو والمرور والهبوط وفتح الممثليات والقنصليات الإسرائيلية في العواصم العربية.
وبدأ المبعوث الأمريكي للجنة الرباعية"جورج ميتشل" جولات مكوكية بين العديد من العواصم العربية وتل أبيب ورام الله،من أجل أن يحدث أي اختراق من شأنه حفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية،ومعسكر الاعتدال العربي والفلسطيني من دعاة نهج التفاوض من أجل التفاوض،ولكن وجدنا "ميتشل" بدلاً من أن يوجه ضغوطه على إسرائيل،لكي تلتزم بالوقف الشامل للأنشطة الاستيطانية في القدس والضفة الغربية،شدد من ضغوطه على الطرف الضعيف،ألا وهو الطرف الفلسطيني والعربي،ذلك الطرف الذي كان يقول بأنه لا عودة الى المفاوضات أو عقد لقاءات مع القيادة الإسرائيلية إلا بالوقف الشامل للاستيطان،ولم يتلاشى صدى صوت هذه التصريحات،حتى أذعنت السلطة الفلسطينية للضغوط الأمريكية،واستجابت لعقد لقاء القمة الثلاثي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بين أوباما ونتنياهو وعباس،والذي لم تكن حصيلته سوى صفر ناقص.
وبعد ذلك وجدنا أن القيادة الإسرائيلية، لا تمعن فقط في التنكر لخطة أوباما،بل في إذلال القيادة الفلسطينية وتعريتها،وذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك،وهو إظهارها بمظهر المتآمر والمتاجر بدماء شعبها،والخائن لنضالاتها وتضحياتها.
وليس أدل على ذلك بما أقدمت عليه الحكومة الإسرائيلية،وفيما يسمى بعيد المظلة من توفير الدعم والحماية للجماعات الاستيطانية في اقتحاماتها المتكررة للمسجد الأقصى،وتعطيل الحياة في مدينة القدس وعزلها الشامل والكلي عن محيطها الفلسطيني،بل في الوقت الذي مدت فيه القيادة الفلسطينية طوق النجاة للحكومة الإسرائيلية وقادتها من منع محاكمتهم كمجرمي حرب على جرائمهم التي ارتكبوها بحق شعبنا الفلسطيني،في حربهم العدوانية على قطاع غزة في كانون أول/ 2008،بتأجيل التصويت على تقرير القاضي "غولدستون" في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة،والذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وقتل للمدنيين،عمقت إسرائيل من أزمة تلك القيادة،من خلال العمل على تكثيف الاستيطان في مدينة القدس،وأعلنت عن تدشين المرحلة الثانية من المشروع الاستيطاني المسمى "تسيون زهاف" في قلب قرية جبل المكبر المقدسية،والمتضمن إقامة (104 ) وحدات استيطانية.
وفي ظل تصاعد الأزمة ومن أجل احتواء حالة الاحتقان والغليان في الشارع الفلسطيني،والذي باتت أجواءه تنظر باندلاع انتفاضة ثالثة،سارعت أمريكا إلى إرسال مندوبيها"ميتشل" إلى المنطقة من أجل الاستمرار في إدارة الأزمة والقول بوجود حركة سياسية وعملية سلمية،وبيع الأوهام والاستمرار في طحن الماء،وبما يمكن إسرائيل من الاستمرار في سياساتها وممارساتها واستكمال عمليات التهويد والأسرلة بحق شعبنا الفلسطيني.
وسيستمر"ميتشل" وغيره من مندوبي الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي في إدارة الأزمة على هذا المنوال حتى نهاية ولاية الإدارة الأمريكية الحالية والتجديد لها أو رحيلها،مع وعد جديد من رئيس أمريكي جديد بإقامة الدولة الفلسطينية،خلال عشرة أعوام قادمة،وسيستمر دعاة نهج التفاوض من أجل التفاوض في الساحتين الفلسطينية والعربية بالقول أن الحياة مفاوضات،وسيرفعون تلك المفاوضات إلى مرتبة الأيديولوجيا،وسيستمرون بالقول أن السلام والمفاوضات هما الخيار الإستراتيجي،حتى الوصول الى أطروحات "نتنياهو" بالسلام مقابل تحسين الشروط الاقتصادية والحياتية للفلسطينيين تحت الاحتلال.
والى متى سيستمر دعاة هذا النهج في بيع الأوهام واللاهث وراء السراب والتعاطي مع الأمور على قاعدة "عنزة ولو طارت"،فالزمن من دم" وحقوق وقضية شعبنا في مهب الريح فلا مصالحة وطنية قريبة،ولا تسوية سياسية في الأفق.؟؟

القدس- فلسطين
13/10/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.