بعد حجز 21 قطعة مسروقة ... ملاحقة شبكات تهريب الآثار في تونس    الساحة الإعلامية تفقد المخرج التلفزيوني الكبير محمد الحاج سليمان    في دورة مخصّصة لروح الفنّان الراحل عبد الرزاق الساحلي .. نابل تحتفي بالفنّ التشكيلي    حوار الأسبوع...الممثل صالح الجدي ل«الشروق» .. عقلية «البوز» غيّبت جيلا كاملا من المُمثلين    مهرجان قليبية الدولي نادي السينمائيين الهواة بقفصة ينال جائزة أفضل صورة    قفصة...35 وليّا صالحا .. أشهرهم سيدي منصور الإدريسي المغربي    مع الشروق : تآكل مكانة الكيان الصهيوني في السياسة الأمريكية    العميد توفيق ديدي: لا صحّة لاختراق طائرات تجسّس إسرائيلية للأجواء التونسية    حجز ملف قضية القاضي المعفي مراد المسعودي للمفاوضة والتصريح بالحكم    الجزائر: وزير التجارة يفتتح فعاليات المشاركة التونسية في معرض التجارة البينية الافريقية    عاجل/ نتنياهو يهاجم مصر بعد رفضها تهجير سكان غزّة    عاجل/ إقرار هذه الإجراءات للحدّ من العنف في الملاعب    عاجل/ ارتفاع احتياطي العملة الصعبة    عاجل/ أسطول الصمود يوجّه نداء الى الجماهير الرياضية ومجموعات "الالتراس"    الليلة: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    التوانسة على موعد مع برد محلي وأجواء صحو في الليل بعد يوم حار    تراجع طفيف في نسبة التضخّم خلال شهر أوت.. #خبر_عاجل    بيانات "بي هاش للتأمين" تظهر ربحا صافيا بنحو 1ر3 مليون دينار خلال النصف الأول من 2025    مقتل تونسي في فرنسا: الخارجية التونسية تستقبل عائلته وتسهّل إجراءات نقل الجثمان    حظوظ تونس قوية: فوز واحد يكفي للتأهل المباشر    هذا ما تم الاتفاق عليه بين نقابة الصيدليات الخاصة ووزارة الصحة    جلّ الأظافر ممنوع؟ تعرفي على البديل اللي يحمي صحتك    بطولة افريقيا للكرة الحديدية المقيدة بالموريس: المنتخب التونسي يتوج بميداليتين ذهبيتين    زغوان: 93 زيارة تفقد صحي تسفر عن حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك واصدار تنابيه كتابية    بهذه الولاية: بينها أسماك مُتعفّنة..حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك    ميلوني تتعهد بحماية الإيطاليين المشاركين في "أسطول الصمود"    ملتقى دولي تحت شعار "ايجى تعلم" لخلق ديناميكية وطنية قوية حول التعلم وتعليم الكبار    ياسين القايدي يمثل نقابة الصحفيين التونسيين في "أسطول الصمود المغاربي"    حركة القيمين وانتداب المديرين والنظار: جامعة القيمين ترفض "تفرّد" وزارة التربية    المرصد التونسي للمياه: تسجيل 267 انقطاعا غير معلن واضطرابا في توزيع المياه على مستوى الجمهورية خلال شهر أوت 2025    تعرف على المنتخبات ال16 المتأهلة إلى كأس العالم 2026    تصفيات كأس العالم 2026 : المنتخب التونسي يعمّق الفارق في الصدارة بعد فوز مالاوي على ناميبيا 2-1    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات الجولة الرابعة ذهابا    عاجل/ تقلّص الإصابات بفيروس إلتهاب القصيبات الهوائية لدى الرضع بصفاقس    عاجل/ الصحة العالمية: هذا الفيروس لم يعد يمثل حالة طوارئ صحية    الجامعة التونسية للحرفيين تدعو رئيس الدولة إلى التدخل للكف عن مقاضاة أصحاب المؤسسات جزائيا    تنبيه هام..توقّف جولان الخط ت.ح.م بين محطتي "خير الدين" و "المرسى الشاطئ"    بوتين: إذا كان زيلينسكي جاداً فليأتِ إلى موسكو    عاجل/ هذه الدولة تعلن الانضمام إلى إعلان نيويورك بشأن الاعتراف بدولة فلسطين..    مأساة فلسطينية صادمة: القصة الحقيقية وراء فيلم ''صوت هند رجب''    ٍسبالينكا تتغلب على بيغولا وتبلغ نهائي بطولة أمريكا المفتوحة    عاجل/ الاحتفاظ بشخص انتحل صفة والي سابق..وهذه التفاصيل..    مباراة ودية: التعادل يحسم مواجهة الملعب الافريقي بمنزل بورقيبة وهلال الرديف    وزارة المرأة: انطلاق التسجيل برياض الأطفال العمومية الدامجة للسنة التربوية 2026-2025    أسنان الأطفال تتغيّر! مهمة صعبة؟...إليك الطريقة الصحيحة للتعامل معها    تونس تشارك في مهرجان"بهولنج" الدولي للمسرح بالهند    المنستير: وفاة طفلين وإصابة والدهما في حادث مرور أليم بسيدي بنور    وزارة التجهيز تحذرك: كل مخالفة قداش قيمتها ووقتاش تتضاعف    كتل هوائية باردة تطرق أبواب تونس والمغرب العربي...وداعا للأجواء الصيفية    الجبابلي ينفي تصريحات منسوبة إليه بخصوص أخطر عملية حجز مخدّرات    الكواكب تدعو للحذر والجرأة... ماذا يخبّئ لك برجك اليوم؟    عاجل: دولة عربية تعيش خسوفا للقمر لأكثر من 5 ساعات...التفاصيل    عاجل: انفراج أزمة الأدوية بداية من الأسبوع القادم    فتح باب التسجيل في قسم "قرطاج السينما الواعدة ضمن أيام قرطاج السينمائية"    أحبّ الأفعال إلى الرسول الكريم    تحسين الخدمات للوافدين الصينيين    خطبة الجمعة..في ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام.. كيف نحب هذا النبي؟    مهرجان البندقية: 24 دقيقة من التصفيق لفيلم "صوت هند رجَب" لكوثر بن هنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جاء "ميتشل" ذهب "ميتشل" : راسم عبيدات
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 10 - 2009

تتعاقب الإدارات الأمريكية وتتعاقب الزيارات المكوكية لمبعوثيها الى المنطقة،وكل ذلك من باب إدارات الأزمات لا العمل على حلها،وتتكثف تلك الزيارات عندما تحتاج الإدارات الأمريكية إلى دعم وتوحيد للموقف العربي الرسمي،حول قضايا لها علاقة بتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة،حيث تبدأ بنثر الوعود "والضحك على ذقون" القيادات العربية والفلسطينية،بأن هذه الإدارة جادة وستعمل على إيجاد حل للصراع العربي- الإسرائيلي وفي القلب منه القضية الفلسطينية،فالإدارة الأمريكية السابقة – إدارة المحافظين الجدد- بقيادة بوش الابن،وعدت بالعمل على إقامة دولة فلسطينية خلال خمس سنوات،والوعود تبخرت ولم تنجز لا في خمس ولا ست سنوات،وختمها بوش بخطاب وداعي له في الكنيست الإسرائيلية شن فيه هجوم قاسي على قوى المقاومة العربية والفلسطينية ووصفها"بالإرهاب"،وأسهب في الحديث عن معانيات اليهود وذرف الدموع على سكان مغتصبة سديروت "ضحايا الإرهاب" الفلسطيني،أما الشعب الفلسطيني الذي يذبح كل يوم ويحرم من أبسط شروط ومقومات الحياة ويحاصر حتى الموت ويقصف بالأسلحة المحرمة دولياً،فلم يحظى حتى بكلمة تعاطف من هذا الرئيس،بل وأكد على التزام أمريكا بأمن وحماية إسرائيل،وبعد رحيل بوش جاءت إدارة"أوباما" لكي تسوق نفس البضاعة ولكن بمفردات ولغة جديدة تلعب على وتر العواطف والمشاعر،وعلق النظام الرسمي العربي وبالذات ما يسمى بقوى الاعتدال منه الكثير من الآمال على هذه الإدارة،وكل من كان يستمع الى الخطاب الذي ألقاه "أوباما" في حزيران الماضي في جامعة القاهرة،وما أحدثه من ضجة وضجيج وصخب واهتمام عربي غير مسبوق،بل وانبهار الكثير من القيادات العربية وجوقاتها المطبلة والمزمرة والمسبحة بحمد فلوس قياداتها من رجال فكر وسياسة وأعلام وكتاب ومثقفين"بأوباما" وخطابه،وبدئوا ينظرون له على أساس،أن هناك سياسة أمريكية جديدة،وأن الوقت الذي كانت فيه إسرائيل فوق القانون الدولي قد ولى إلى غير رجعة،وأن هذه الإدارة جادة في إيجاد حل للصراع العربي- الإسرائيلي وجوهرة القضية الفلسطينية،وان "أوباما" سيأتي لهم "بالزير من البير"،والدولة الفلسطينية ستقوم على أساس وعد "أوباما" خلال فترة أربع سنوات.
وتمر الشهور بانتظار أن يعلن "أوباما" ملامح خطته أو مبادرته للشرق الأوسط،ولتظهر هذه الملامح واضحة من خلال خطة تقوم على أساس التطبيع مقابل وقف الأنشطة الاستيطانية في القدس والضفة الغربية،ويأتي الرد الإسرائيلي سريعاً وحازماً من خلال الخطاب الذي ألقاه"نتنياهو" في جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية إحدى أهم معاقل اليمين الإسرائيلي والتطرف،وكذلك من خلال الكلمة التي ألقاها من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي،بأنه لا وقف للأنشطة الاستيطانية في القدس أو حتى تجميد لها،باعتبارها على حد زعمه العاصمة الأبدية لإسرائيل،وأكثر ما يقبل به هو تجميد مؤقت للاستيطان بسقف أعلى لا يزيد عن ستة شهور،وبما لا يشمل الكتل الإستيطانية الكبرى في الجنوب مغتصبات "غوش عتصيون" وفي الوسط مغتصبة "معالية أدوميم" وفي الشمال مغتصبات"تجمع أرئيل" ،ناهيك عن ما يسمى بالزيادة الطبيعية في المغتصبات الأخرى،مقابل عمليات تطبيع واسعة مع العالم العربي.
واستناداً إلى هذه المواقف الإسرائيلية،والتي تعني الرفض لخطة"أوباما" والعمل على تفريغها من مضمونها ومحتواها،وجدنا أن الموقف الأمريكي بدأ بالتراجع نحو التكيف والتطابق مع الموقف الإسرائيلي،بالتخلي عن وقف الأنشطة الإستيطانية في الضفة والقدس نحو التجميد الجزئي لها،وعلى أن يترافق ذلك مع خطوات تطبيعية مع العالم العربي،تشمل فتح الحدود والأسواق العربية أمام التجارة والبضائع الإسرائيلية،وكذلك استخدام أجوائها وموانئها من أجل الطيران والرسو والمرور والهبوط وفتح الممثليات والقنصليات الإسرائيلية في العواصم العربية.
وبدأ المبعوث الأمريكي للجنة الرباعية"جورج ميتشل" جولات مكوكية بين العديد من العواصم العربية وتل أبيب ورام الله،من أجل أن يحدث أي اختراق من شأنه حفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية،ومعسكر الاعتدال العربي والفلسطيني من دعاة نهج التفاوض من أجل التفاوض،ولكن وجدنا "ميتشل" بدلاً من أن يوجه ضغوطه على إسرائيل،لكي تلتزم بالوقف الشامل للأنشطة الاستيطانية في القدس والضفة الغربية،شدد من ضغوطه على الطرف الضعيف،ألا وهو الطرف الفلسطيني والعربي،ذلك الطرف الذي كان يقول بأنه لا عودة الى المفاوضات أو عقد لقاءات مع القيادة الإسرائيلية إلا بالوقف الشامل للاستيطان،ولم يتلاشى صدى صوت هذه التصريحات،حتى أذعنت السلطة الفلسطينية للضغوط الأمريكية،واستجابت لعقد لقاء القمة الثلاثي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بين أوباما ونتنياهو وعباس،والذي لم تكن حصيلته سوى صفر ناقص.
وبعد ذلك وجدنا أن القيادة الإسرائيلية، لا تمعن فقط في التنكر لخطة أوباما،بل في إذلال القيادة الفلسطينية وتعريتها،وذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك،وهو إظهارها بمظهر المتآمر والمتاجر بدماء شعبها،والخائن لنضالاتها وتضحياتها.
وليس أدل على ذلك بما أقدمت عليه الحكومة الإسرائيلية،وفيما يسمى بعيد المظلة من توفير الدعم والحماية للجماعات الاستيطانية في اقتحاماتها المتكررة للمسجد الأقصى،وتعطيل الحياة في مدينة القدس وعزلها الشامل والكلي عن محيطها الفلسطيني،بل في الوقت الذي مدت فيه القيادة الفلسطينية طوق النجاة للحكومة الإسرائيلية وقادتها من منع محاكمتهم كمجرمي حرب على جرائمهم التي ارتكبوها بحق شعبنا الفلسطيني،في حربهم العدوانية على قطاع غزة في كانون أول/ 2008،بتأجيل التصويت على تقرير القاضي "غولدستون" في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة،والذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وقتل للمدنيين،عمقت إسرائيل من أزمة تلك القيادة،من خلال العمل على تكثيف الاستيطان في مدينة القدس،وأعلنت عن تدشين المرحلة الثانية من المشروع الاستيطاني المسمى "تسيون زهاف" في قلب قرية جبل المكبر المقدسية،والمتضمن إقامة (104 ) وحدات استيطانية.
وفي ظل تصاعد الأزمة ومن أجل احتواء حالة الاحتقان والغليان في الشارع الفلسطيني،والذي باتت أجواءه تنظر باندلاع انتفاضة ثالثة،سارعت أمريكا إلى إرسال مندوبيها"ميتشل" إلى المنطقة من أجل الاستمرار في إدارة الأزمة والقول بوجود حركة سياسية وعملية سلمية،وبيع الأوهام والاستمرار في طحن الماء،وبما يمكن إسرائيل من الاستمرار في سياساتها وممارساتها واستكمال عمليات التهويد والأسرلة بحق شعبنا الفلسطيني.
وسيستمر"ميتشل" وغيره من مندوبي الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي في إدارة الأزمة على هذا المنوال حتى نهاية ولاية الإدارة الأمريكية الحالية والتجديد لها أو رحيلها،مع وعد جديد من رئيس أمريكي جديد بإقامة الدولة الفلسطينية،خلال عشرة أعوام قادمة،وسيستمر دعاة نهج التفاوض من أجل التفاوض في الساحتين الفلسطينية والعربية بالقول أن الحياة مفاوضات،وسيرفعون تلك المفاوضات إلى مرتبة الأيديولوجيا،وسيستمرون بالقول أن السلام والمفاوضات هما الخيار الإستراتيجي،حتى الوصول الى أطروحات "نتنياهو" بالسلام مقابل تحسين الشروط الاقتصادية والحياتية للفلسطينيين تحت الاحتلال.
والى متى سيستمر دعاة هذا النهج في بيع الأوهام واللاهث وراء السراب والتعاطي مع الأمور على قاعدة "عنزة ولو طارت"،فالزمن من دم" وحقوق وقضية شعبنا في مهب الريح فلا مصالحة وطنية قريبة،ولا تسوية سياسية في الأفق.؟؟

القدس- فلسطين
13/10/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.