نابلس:لم تغب سطوة السجان وقسوته عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يوما ما، حتى في شهر رمضان الذي كان يظن فيه الأسرى أن معاملة إدارة السجون ستختلف نوعا ما، وستسمح لهم ببعض المزايا التي تضفي جوا رمضانيا عليهم.إلا أن هذا لم يكن، فالأسير عبد الله أبو عثمان (25 عاما) من مدينة نابلس كغيره من الأسرى الفلسطينيين يواجه سلسلة من الإجراءات من قبل إدارة السجون تقضي جلها بحرمانهم من أبسط حقوقهم أهمها الطعام والشراب وحتى وقت الراحة.
ولا تزال إدارة السجون -حسب أبو عثمان- تصر على عدم إشراك الأسرى بإعداد الطعام، وتلزمهم بتناول وجبات معينة يعدها معتقلون جنائيون إسرائيليون.
كما رفضت التعامل مع التقاليد المرعية في هذا الشهر خلال عشرات السنين داخل المعتقلات كالسماح للأسرى بأداء الطقوس والتقاليد الدينية.
ويضيف أبو عثمان للجزيرة نت أن إدارة السجون بدلا أن تقوم بالتخفيف عن الأسرى، استمرت بأعمالها القمعية الاعتيادية تجاههم، من حيث العزل والتحقيق القاسي، والعرض على المحاكم والنقل والتفتيش المهين وعدم تقديم العلاج وغير ذلك.
هذه الإجراءات أكدها قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني بقوله إن الاحتلال رفض مع بداية رمضان السماح بزيادة مصروف الأسرى في مقاصف السجون، وأجبرهم على تناول الطعام الذي يعده المعتقلون الجنائيون "الشواذ والمنحرفون"، حيث يذهب أكثر من 70% منه للقمامة. نوايا مبيتة وقال فارس للجزيرة نت إن إدارة السجون رفضت التعاطي مع التقاليد المعمول بها بهذا الشهر من كل عام، حيث رفضت التنسيق مع الأسرى بالعديد من القضايا كتحسين نوعية الطعام المقدم وتقديمه بموعده وقت الإفطار والسحور، والحق في العبادات، "وهو ما يدل على نوايا مبيتة للاحتلال بمعاقبة الأسرى".
وأكد أنه عندما حاول الأسرى الاستعاضة عن طعام السجن بشراء آخر من مقاصف السجن رفض السجانون السماح بزيادة كمية المقصف الذي أقرته السلطة الفلسطينية للأسرى برمضان، وقلصوا كذلك من البضائع المباعة لهم، علاوة أصلا عن رفع أسعارها بشكل خيالي "ثمانية أضعاف السوق".
وأضاف أن الأسير أصبح يحتاج ما معدله ثلاثمائة دولار شهريا لتلبية حاجياته، مناشدا المعنيين بحقوق الإنسان من المؤسسات المختلفة المحلية والدولية ممارسة أكبر ضغط ممكن على إسرائيل للحد من مضايقاتها الأسرى ولا سيما في شهر رمضان.
ولم تكتف إسرائيل بتقليص حاجيات الأسرى وحرمانهم من حقوهم، حيث عمدت -حسب فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحدة "نحشون" الإسرائيلية والمسؤولة عن تنقلات الأسرى بين السجون- لإجبار عدد منهم أثناء نقلهم لإحدى المحاكم على تناول طعام الإفطار وهم مكبلو الأيدي. وأكد الخفش أن مصلحة السجون الإسرائيلية تعمدت التنكيل بالأسرى خلال شهر رمضان، خاصة عند نقلهم من سجن لآخر أو حتى نقلهم للمستشفى للعلاج.
سياسة ثابتة ومن جانبه قال أحمد البيتاوي من مؤسسة التضامن الدولية بنابلس -والتي تعنى بالأسرى وحقوق الإنسان- إن ما تقوم به سلطات السجون هو سياسة ثابتة بالتضييق على الأسرى باستمرار وتحديدا في شهر رمضان "لما لهذا الشهر من خصوصية دينية وتعبدية".
وقال إن الاحتلال نفذ إجراءات ومضايقات للأسرى برمضان كالحرمان من أداء الصلوات بشكل جماعي وصلاة التروايح على وجه الخصوص، وعدم تقديم الطعام بموعده، حيث يضطرون لتأخير وجبة الغداء المقدمة ظهرا للإفطار عليها مساء، ووجبة العشاء يؤخرونها للسحور "ما يعني تناول طعام بارد معرض للتلف".
وشدد البيتاوي على أن المعاناة الأكبر هي للأسرى المعزولين، حيث لا يمكنهم معرفة النهار من الليل، ولا يقدرون على تحديد أوقات الأذان.