جامعة تونس المنار تحرز تقدما ب40 مرتبة في تصنيف QS العالمي للجامعات لسنة 2026    عاجل/ الاحتلال يعلن اغتيال قائدين بارزين في الحرس الثوري الإيراني..    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    توقيع اتفاقية قرض بقيمة 6,5 مليون أورو لإطلاق مشروع "تونس المهنية"    وزير السياحة يؤكد ادماج جميع خريجي الوكالة الوطنية للتكوين في مهن السياحة    عاجل/ الداخلية الليبية تؤكد تعرض عناصرها الأمنية لهجوم مسلح داخل طرابلس..    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    عاجل/ أول تعليق من المنصف المرزوقي على الحكم السجني الصادر ضده..    اليوم: عمليات جراحية مجانية لفائدة أكثر من 800 مريض تونسي    وزير الخارجية التركي يحذر من تداعيات التصعيد المتواصل بين إسرائيل وإيران    رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق: الولايات المتحدة ستغرق إذا ضربت إيران    اكتمال النصاب القانوني وانطلاق أشغال الجلسة العامة الإنتخابية    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    كأس العالم للأندية: يوسف البلايلي أبرز المتغيبين عن مواجهة تشلسي    معركة شرسة بمحيط ترامب بين المؤيدين والمعارضين لضرب إيران    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وزير السياحة: طلب كبير على طبرقة عين دراهم...التفاصيل    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الأمينة العامة لحزب الديمقراطي التقدمي التونسي في المجلس الوطني 05-11-2010

تونس ضيوفنا الكرام، أعضاء المجلس الوطني،مناضلو ومناضلات الحزب الديمقراطي التقدمي، يشرفني عظيم الشرف حضوركم في هذه الجلسة الافتتاحية لمجلسنا الوطني:إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن يستقبل مجلسنا الوطني اليوم أعضاء من الوفد التونسي في قافلة شريان الحياة، وعلى رأسهم الأستاذ محمد النوري رئيس منظمة حرية وإنصاف.
لقد شرفتمونا وشرفتم كل التونسيين ورفعتم هاماتنا حين أبلغتم الرسالة إلى إخواننا في غزة وإلى كل فلسطين، فكنتم خير المبلغين.
كما أتوجه في البداية بالتحية الحارة لمناضلة الحزب الديمقراطي غزالة محمدي التي خاضت إضرابا قاسيا عن الطعام للمطالبة بحقها في الشغل، وأجدد لها بهذه المناسبة اعتزازنا بصمودها وبروحها النضالية العالية
إخواني أخواتي
لست في حاجة إلى التذكير بأننا سعينا إلى أن نستقبلكم في فضاء أوسع من هذا المقر ولكن، كالعادة، كانت الفضاءات العمومية، المشيدة بأموال دافعي الضرائب، وكذلك الفنادق الخاصة، موصدة في وجهنا في تعبير واضح يختزل حالة الحريات في بلادنا.
إن عقد مجلسنا الوطني في هذه الظروف يعكس الأهمية التي نوليها لأجنداتنا التنظيمية ولضرورة التواصل والتشاور معكم، ولكنه لن يكون أبدا قبولا بالأمر الواقع، فنحن وإياكم ندرك تمام الإدراك دور الفضاءات العامة في تطوير الحياة السياسية و إن نضالنا لمستمر من أجل حرية الاجتماع ومن أجل حقنا في التوجه إلى الرأي العام عبر كل الوسائل المتعارف عليها، فذلك من مقومات وظيفتنا ولن نتخلى عنها
إخواني أخواتي
بعد يومين تطوي تونس سنتها الثالثة والعشرين للتغيير الذي جاء به الرئيس بن علي واعدا بإرساء الديمقراطية فماذا بقي من الوعود التي فتحت باب الأمل عريضا أمام التونسيين؟ شيء !
جاء بيان السابع من نوفمبر مقرا بجدارة التونسيين بحياة سياسية متطورة
بعد 23 سنة من هذا الإعلان لا زال الحكم ممعنا في التقييد على نشاط الأحزاب و هيئات المجتمع المدني المستقلة و في الاستهداف المستمر لمناضليها و شبابها و لا زال حق الأحزاب في الوجود القانوني منتهكا ولا زالت قياداتها تُرغم على العمل السري ولا زال يُزج بالمعارضين في السجون لرأي صرحوا به مثلما كان الحال بالنسبة للدكتور شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة الذي وإن نستبشر بإطلاق سبيله و نُهنئه و نهنئ عائلته فإننا نذكر بأنه أعيد إلى السجن ظلما وتشفيا

وفي تونس يُسجن الصحفيون ويلاحقون و يُعتدى عليهم وتُلفق لهم القضايا العدلية
الفاهم بوكدوس الذي نكبر صموده و نعبر له عن مساندتنا الكاملة يخوض إضرابا عن الطعام بلغ يومه الثامن والعشرين مما أصبح يشكل خطرا جديا على حياته، ويفرض علينا وقفة أكثر فاعلية وتحركات أوسع كي يستعيد حريته
بوكدوس يدفع ضريبة الإستقلالية والمهنية كما دفعها بالأمس توفيق بن بريك وزهير مخلوف، واليوم نزار بن حسين والمولدي الزوابي الإعلامي المعروف الذي يمثل أمام المحكمة يوم 10 نوفمبر بصفته معتديا على من اعتدى عليه رغم كل القرائن الدامغة التي تقدم بها إلى القضاء
تونس التي عرفت ميلاد أول جريدة مكتوبة منذ ما يقارب القرن ونصف القرن تصنف اليوم وفق منظمة مراسلون بلا حدود في المرتبة 164 من جملة 178 دولة مُسجلة بذلك تقهقرا ب 10 درجات مقارنة بالسنة الماضية

هل نحتاج إلى التذكير بأن الحياة السياسية المتطورة التي وُعد التونسيون بها تتلخص في مشاركة شعبية واسعة وانتخابات حقيقية؟
لكن سمة الانتخابات في تونس اليوم هي نفي التنافس ومبايعات رئاسية متكررة وتثبيت لهيمنة الحزب الحاكم، وهي أيضا أرقام تسعينية تتلو حملات كرنفالية تُهدر المال العام وتعمق الهوة بين المواطن ومنظومة الحكم

ألم يعد بيان السابع من نوفمبر بأن تكون "للقانون حرمته وأن لا مجال للظلم والقهر"وها نحن بعد 23 سنة من ذلك الإعلان، نرى رقعة الظلم تزداد اتساعا وانتهاكات حقوق الإنسان تتفاقم

فقد أطلق النار على شباب تظاهر سلميا للمطالبة بالحق في الشغل والعيش الكريم، تنامت حملات اعتقال ومحاكمات الشباب المتدين بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب اللادستوري

تعددت إضرابات الجوع ببلادنا بصفة مفزعة للمطالبة برفع المظالم والتضييقات، وبالحق في الشغل، والحق في المعالجة، والحق في التنقل داخل البلاد وخارجها ، حتى كاد اسم تونس يقترن بإضرابات الجوع
الفاهم بوكدوس، محمد العكروت، علي الحرابي، عبد اللطيف بوحجيلة، مساجين المرناقية، غزالة المحمدي، عمر بوبكري ........ القائمة تطول، في تعبير صارخ عن مدى الظلم الذي يعانيه التونسيون وفي تعبير مشرف أيضا عن تمسكهم بحقوقهم واستعدادهم للتضحية بصحتهم في سبيل ذلك
بعد 23 سنة من إعلان السابع من نوفمبر لم يُرفع الظلم عن التونسيين ولم يُسن قانون العفو العام ليطوي صفحة مؤلمة من تاريخنا

و 23 سنة بعد التعهد "بإيلاء التضامن العربي و الإسلامي المكانة الذي يستحق" تتزايد أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني في السر و العلن في استخفاف سافر بمشاعر و ثوابت الشعب التونسي
إنها حصيلة ثقيلة لم تزدها المناشدات الأخيرة إلا خطورة
جاء بيان السابع من نوفمبر معلنا إنقاذ البلاد من الرئاسة مدى الحياة الذي تردت فيه ومعلنا "أن لا مجال في عصرنا لرئاسة مدى الحياة ولا خلافة آلية لا دخل للشعب فيها"
لم يعرف التونسيون طيلة 23 سنة إلا رئيسا أوحد، فُصلت القوانين على المقاس، و انتُهك الدستور، حوصرت المجالات العمومية، سُدت المنافذ أمام كل إمكانيات التنافس الحقيقي لتتوالى الولايات الرئاسية وليتم الإجهاز على ركن أساسي من أركان برنامج الإصلاح السياسي الذي أعلن عنه صبيحة السابع من نوفمبر
و اليوم ولم يستكمل بعد الرئيس بن علي سنته الأولى في هذه الولاية الخامسة، انطلقت المناشدات، نداءات تحتمي بالتمسك بالرئيس بن علي لتمهد لآلية تضمن استمرار الحكم بعده،
لنتوقف عند هذه المناشدات

يناشدون الرئيس بن علي التقدم لولاية سادسة رغم الحاجز الدستوري "للنجاح الذي حققه وحتى يواصل قيادة المشروع الوطني لتأصيل حالة الأمان والاطمئنان للحاضر والمستقبل"

فعن أي نجاحات يتحدثون وأي مشروع يتطلع المناشدون إلى مواصلته؟

فشل مشروع السابع من نوفمبر في تحقيق الشعارات السياسية التي وعد بها،
وفقد المواطن الثقة في المؤسسة القضائية ويئس من أن يراها تُعلي كلمة الحق وتنصف المظلومين وتتعالى على الخلافات السياسية وعلى دوائر النفوذ

بعد 23 سنة من التغيير تدحرجت جامعاتنا إلى أدنى المراتب في التصنيف العالمي، تصحر البحث العلمي، بلغت بطالة الشباب من حاملي الشهادات العليا مستويات خطيرة وتخلت المؤسسة التربوية عن دورها في تربية النشء و تذكية الطموح إلى الرقي، فأصبحت رديفا لخيبة الأمل بل وتعبيرا مؤلما عن الأزمة الخطيرة التي تعيشها المنظومة القيمية في مجتمعنا بأسره
لم يستسلم الأساتذة لهذا الواقع المؤلم وخاضوا تحت لواء نقابتهم العامة وبعد أن عطلت سلطة الإشراف كل لغة للحوار إضرابا ناجحا من أجل الرفع من حال المربي و الدفاع عن حقوقه، فسجلوا لحظة مشعة في مسيرة النضال النقابي وأبلغوا رسالة إصرار وأمل لا إلى العائلة النقابية وحسب بل إلى كل المجتمع

بعد 23 سنة من الإعلان بأن "لا سبيل لاستغلال النفوذ أو التساهل في أموال المجموعة الوطنية"، خصخصت المؤسسات العمومية الناجحة بعيدا عن الأضواء واستشرى الثراء الفاحش لدى مجموعات تستغل نفوذها لتستفيد من كل أشكال التسهيلات بل والتجاوزات في ظل فساد عم دواليب الدولة واستفاد من خنق الإعلام وتطويع القضاء
بعد 23 سنة من التغيير تدنت الخدمات الصحية والاجتماعية وتدهورت القدرة الشرائية للأسر التي يرزح جلها تحت وطأة التداين وتفاقم اختلال التوازن بين الجهات، وتفجرت أزمة الصناديق الاجتماعية كاشفة بشكل صارخ عن فشل الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي انفرد الحكم بصياغتها، وفرضها على المجموعة الوطنية وكأنها لا تعني المواطن،هذا المواطن المنسي في الاستشارات والهيئات التمثيلية يجد نفسه اليوم مدعوا لدفع فاتورة سياسات لم يشارك فيها وبفعل أزمة لم يفهم دواعيها ولا يشعر بالثقة في عدم تكرارها

إن أزمة الصناديق الاجتماعية تطرح في العمق قضية الحكم الرشيد بما يعنيه من مساءلة دورية وشفافية في التسيير ومن مشاركة في بلورة الخيارات، فليس من العدل في شيء أن يُدعى المواطن اليوم بل أن يُجبر على تقديم التضحيات دون التوقف عند الأسباب الحقيقية للأزمة ودون طرح مختلف جوانبها على التداول الواسع وأيضا دون المساءلة و المحاسبة
إنه لا يحق للحكم التفرد بالقرار في قضية بخطورة الصناديق الاجتماعية بما لها من تداعيات على حاضر ومستقبل آلاف الأسر التونسية لذا قرر الحزب الديمقراطي التقدمي تنظيم ملتقيات دراسية حول القضايا التي تهم حياة الناس كالصحة والتعليم والتنمية والتشغيل وخصص أولها لهذه القضية وسيقدم مقترحاته العملية التي سيعرضها على الرأي العام بعد الاستئناس برأي الخبراء في شأنها

بعد 23 سنة من إعلان السابع من نوفمبر لم ينعم التونسيون إذن لا بالحرية الموعودة التي ضحت نخبهم من أجلها بالكثير ولا بالعدل الذي يتطلعون إليه ليحققوا العيش الكريم والحياة الآمنة

فعن أي نجاحات يتحدثون؟
ثم متى كان النجاح تعلة لانتهاك الدساتير وللتفرد بالحكم وترسيخ الرئاسة مدى الحياة؟ أفلم ينجح الزعيم نلسن مانديلا الذي قاد النضال ضد التمييز العنصري وأمن ورفاقُه انتقال البلاد إلى حالة ديمقراطية تعالت فوق الأحقاد والضغائن؟
أفلم ينجح لولا داسيلفا الذي يحظى بثقة الفقراء وشرائح واسعة من البرازيليين بل والذي تلقى المناشدات للتمديد؟

يقول المناشدون أن النداءات نابعة من عموم التونسيين ويصرح الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي، بأن "وراء المناشدات حركة شعبية وأنها تراعي أسس الجمهورية وتحافظ على الإطار الدستوري". أي دستور؟
لن ندخل في تفاصيل ظروف جمع التوقيعات ولا في عوامل الطمع والخوف التي تقف وراءها فتلك مسائل لا تخفى على أي تونسي، لكن نكتفي بالتأكيد أن للديمقراطية نواميس إن انتُهكت أصبحت العملية مجرد شعارات جوفاء وما أكثرها في وطننا العربي !

فللدساتير، عند الأمم التي تحترم شعوبها، قدسية تعلو على الشخصي والظرفي، ضمانا لدورها المنظم لعلاقة الحاكم بالمحكوم ولمؤسسات الدولة ببعضها البعض، لذلك تكون الشروط المفروضة على تنقيح أحكامها شديدة الصرامة

أما أن يفصل الدستور على المقاس لقطع الطريق أمام الإصلاح ومنع إبراز الإرادة الشعبية وبوتيرة تنتهك ضرورات استقراره وتضرب في العمق صبغته العامة والمجردة، ثم نتباهى بمحافظتنا على الإطار الدستوري فذاك استخفاف بذكاء الشعب التونسي وبمستوى رشده
و أما عن الأرقام والإجماع الفولكلوري، كما أرقام كل الانتخابات في تونس، فهي أبلغ دليل على غياب التنافس الحقيقي وهي إنكار للتعدد، ولو كان الإجماع والأرقام التسعينية علامة على الديمقراطية والتطور السياسي، لصنف العالم كوريا الشمالية على رأس الديمقراطيات في العالم !

ويطالعنا المناشدون بفزاعة الفراغ ويدعون إلى التمسك بالرئيس بن علي وإلا فتونس سائرة إلى مجهول
ونحن نقول
لا يتحدث عن الفراغ من وضع كل أجهزته المادية والقمعية وطوع مؤسسة القضاء للإجهاز على المجتمع ومكوناته الحية،
لا يتحدث عن الفراغ من يستند على قانون انتخابي عتيق لتأبيد هيمنة حزب حاكم يستغل مؤسسات الدولة ويشيع الخوف والطمع بهياكل وزارة الداخلية
لا يتحدث عن الفراغ من يختار منافسيه على المقاس ومن يرفض المقارعة مع مرشح جاء حاملا لبرامج ورؤى مغايرة ومُناديا بالاحتكام إلى الشعب وأعني به مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي للرئاسية
لو كانت المعارضة بهذا القصور وبهذا الوهن وبهذا الفراغ فلماذا الإقصاء المنهجي؟ افتحوا لها وسائل الإعلام، اتركوها تعرض برامجها ومقترحاتها على الملء، قارعوها بالحجة والبرهان
واتركوا الشعب حكما ليعاين مكمن الفراغ
أهو في الشعب ونخبه الحية أم في مؤسسات الحكم المُفرغة من كل مضمون

إخواني، أخواتي
إن هذه المناشدات/المزايدات والتي تأتي بعد أشهر معدودات من انتخابات عمقت أزمة شرعية الحكم، تضرب في العمق أسس الجمهورية، وهي التفاف على ما تبقى من الدستور وإيذان صريح بإقرار نظام الرئاسة مدى الحياة التي خبر التونسيون ويلاتها المدمرة إبان الحكم البورقيبي

إخواني، أخواتي
إن الدفاع عن الجمهورية ومقوماتها والوقوف في وجه هذه المناشدات وما تمثله من مخاطر على مستقبل تونس مهمة وطنية تعني كل التونسيين وإن الصعوبات التي تواجهنا في سبيل ذلك لا تجعلنا نتغاضى عن مكامن القوة وعناصر التحفز القائمة في مجتمعنا ونخبنا
فالشباب، وهي الفئة الحاسمة في كل تغيير، والتي سعى الحكم لاختزالها في شعارات دعائية جوفاء وإقصائها من دائرة المشاركة الفاعلة، هي اليوم تعيد تلمس طريقها الديمقراطي وتعيش نهوضا لافتا في الحقل الطلابي والثقافي وفي عدد من المجالات الأخرى.
كما أن قضية الحكم و ضرورات التصدي لما يُهيأ للتونسيين من تمديد وتوريث مهمة نضالية مطروحة على أجندة أكثر من طرف أكان منضويا تحت راية حزبية أو جمعياتية أو قطاعية أو كان مناضلا ديمقراطيا مستقلا
و يرى حزبنا الذي يعقد مجلسه الوطني تحت شعار "لنفرض خيار التداول" أن المطالب الديمقراطية التالية يمكن أن تمثل قاعدة التقاء لمختلف الأطراف التي تعتبر الدفاع عن الجمهورية مهمة مطروحة للنضال من أجلها اليوم وليس غدا

· ضمان حق الترشح و تحديد عدد ولايات رئيس الجمهورية باثنتين لا ثالث لهما
· انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة مستقلة ووفق قانون عادل يضمن نقل تعددية المجتمع إلى المؤسسات التمثيلية3
· فصل فعلي بين السلطات وضمان استقلال القضاء وحياد الإدارة
· تحرير الحياة السياسية بضمان حق التنظم والاجتماع وحرية الإعلام والانترنت
· سن قانون العفو العام
من هذه الزاوية يمكن أن تشكل المجالس الجهوية للدفاع عن الجمهورية التي دعونا إلى تشكيلها إطارا مرنا للفعل يستند على الالتقاء حول هذه المطالب الأساسية و يأخذ بعين الاعتبار تنوع المكونات المنضوية تحت لوائه ويستفيد من الخصوصيات الجهوية لإطلاق التحركات النضالية ولاستنباط الآليات الملائمة لذلك.
ولنا في المشاورات الأولية التي انطلقت في عدد من الجهات أحسن مؤشر على مستوى الاستعداد لنبذ السلبية والإحباط والمضي قدما في تعبئة الطاقات للتصدي لهذه المهمة التاريخية، مهمة الدفاع عن الجمهورية الديمقراطية المنشودة، جمهورية الحرية و العدل

والحزب الديمقراطي التقدمي الذي يضع كل إمكانياته النضالية والمادية لإنجاح هذه المبادرة يؤكد مجددا استعداده للانخراط في كل مقترح عملي مكمل أو متوج لهذا التمشي، فالدفاع عن الجمهورية ليس مهمة مقصورة على طرف دون آخر

وإن تعدد المبادرات و تنوعها في إطار من التكامل والتضامن، بل ومن التحفيز المتبادل من شأنه أن يوسع من دائرة الإشعاع والتعبئة وأن يساهم في تشكيل رأي عام لا متابع ومتعاطف فحسب وإنما مشارك في عملية التغيير المنشود
إن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة وإن عدالة مطالبنا و تناغمها مع روح العصر تدفعنا إلى تقديم كل التضحيات في سبيل إنضاج الظروف لتحقيق هذا المطلب النبيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.