من يتنازل عن حق الأسرى المقدسيين ،يتنازل عن القدس والقدس أكبر من الجميع عبارات وشعارات رددها ورفعها أهالي أسرى القدس في اعتصامهم أمام بيت رئيس الوزراء سلام فياض يوم الجمعة الماضي وفي المؤتمر الصحفي الذي عقدوه هم وأسرى الداخل يوم السبت 6/11/2010 في الناصرة،ناهيك عن بيانات الشجب والاستنكار الصادرة عن الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية والاعتصامات والمسيرات في أكثر من مدينة والتي قام بها أهالي الأسرى احتجاجاً على هذه التصرف الذي لا ينم عن أدنى مسؤولية فهو يوجه طعنة غادرة لوحدة شعبنا وتنصل لكل نضالات وتضحيات أسرى القدس والداخل وبما يضع الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام على هذا السلوك والتصرف لوزير الأوقاف الهباش، والمطلوب بشكل عاجل التحقيق معه ومحاسبته في هذه القضية الحساسة والجوهرية والخطيرة،والتي ليس لها تداعياتها وانعكاساتها السلبية على أهالي الأسرى في القدس والداخل فقط، بل على الأسرى أنفسهم وبالذات أسرى القدس والداخل،والذين يتنامى لديهم شعور قوي وكبير أن ما يجري له علاقة بالجانب السياسي وفيه خضوع للشروط والاملاءات الإسرائيلية، بأن هؤلاء الأسرى هم من حملة الهوية والجنسية الإسرائيلية ولا يحق للهباش أو غيره التحدث باسمهم،ولعل ما قام به الوزير الهباش بحاجة الى وقفة جادة من قبل الرئيس والحكومة والقوى والأحزاب والمؤسسات المجتمعية وأهالي الأسرى والأسرى أنفسهم،وأي كانت الحجج والذرائع التي سيقدمها فلا أقل من إقالته بل وطرده من الحكومة،فمن خلال التصريحات والاتصال الذي أجريته مع وزير شؤون الأسرى الصديق عيسى قراقع أوضح بشكل قاطع أن مكرمة السعودية للحج لأهالي الأسرى والأسرى المحررين تم الاتفاق على توزيعها على أساس أعداد الأسرى في السجون وليس على أساس جغرافي أو عدد السكان،وعلى أن تشمل الأسرى الذين مضى على وجودهم في الأسر 15 عام فما فوق والأسيرات من مضى على وجودهن خمسة أعوام فما فوق والأسرى المحررين من قضى حكماً خمسة عشر عاماً فما فوق والأسيرات المحررات من قضت خمسة أعوام فما فوق،وقد تشكلت لجنة مشتركة على هذا الأساس من الضفة الغربية وقطاع غزة لمتابعة هذا الموضوع،وعلى قاعدة 300 حاج من القطاع و700 حاج من الضفة الغربية وحصة الضفة الغربية مشمول فيها أسرى القدس والداخل 110حجاج من القدس و54 حاج من الداخل 42 حاج لأهالى الأسرى والشهداء من الخارج،ولكن قبل موعد سفر الحجاج بوقت قصير وبعد استكمال كل الإجراءات المتعلقة بالحج فوجئ أهالي أسرى القدس والداخل باستثنائهم من مكرمة الحج السعودية،ولعل هذا الاستثناء يجعلنا نفكر أن المسألة أبعد من خلق تساوي بين الضفة والقطاع وأبعد من متاجرة بالمنحة السعودية،بل هناك هدف سياسي واضح،هذا الهدف والخطيئة التي ارتكبت بحق أسرى القدس والداخل منذ اتفاق إعلان المبادئ(أوسلو ) في 13/5/1993 وحتى اليوم لم يتم غلق ملفاتها أو التراجع عنها،حيث تنازل المفاوض الفلسطيني طواعية عن تمثيل أسرى القدس والداخل واستجاب للشروط والاملاءات الإسرائيلية بالقول أن هؤلاء الأسرى هم مواطنين إسرائيليين بالهوية والجنسية وشأنهم وأمرهم هو من اختصاص الحكومة الإسرائيلية وعلى هذه القاعدة لم تشملهم صفقات الإفراج أحادية الجانب ولا مبادرات حسن النية،وان جرى خرق لهذه القاعدة فمن أصل 13000 ألف اسير تحرروا ضمن صفقات الافراج وبوادر حسن النية من أوسلو وحتى الآن، لم يكن نصيب القدس والداخل يزيد عن أصابع اليد الواحدة،وليس هذا فقط بل ازداد شعور وشكوك أسرى القدس والداخل حول مصيرهم وصدقية الشعارات المرفوعة من قبل سلطتي رام الله والمقالة في غزة والفصائل الفلسطينية حول مصيرهم في الحديث عن صفقة التبادل بالجندي المأسور "شاليط"حيث كثر الحديث عن إمكانية تنفيذ الصفقة بدون شمولها لأسرى من القدس والداخل،وهنا إذا ما جرى تنفيذ صفقة التبادل بدون أسرى القدس والداخل فهي ليست فقط كما هو الحال في مكرمة الحج السعودية تنازل عن القدس كما قال أهالي الأسرى المقدسيين،وليس أيضاً مجرد خطيئة كما حصل في أوسلو،بل هذا سيشكل خيانة لكل نضالات وتضحيات أسرى القدس والداخل،ناهيك عن ما سيرافق ذلك من تداعيات خطيرة على وحدة الحركة الأسيرة في السجون وانهيار وتراجع عامل الثقة بالقيادات الفلسطينية وخلق حالات واسعة من الإحباط واليأس قي صفوف الأسرى وبالذات القدس والداخل منهم،يضاف الى ذلك الكثير من الانعكاسات السلبية على أهالي الأسرى وأبناء شعبنا. من حقنا ومن حق أهالي الأسرى والأسرى أنفسهم التفكير والذهاب بعيداُ في تفكيرهم،بأن مسألة استثنائهم من الإفراجات وما يشاع حول صفقة التبادل وما حصل في مكرمة الحج لها أساس سياسي،وهذا مؤشر خطير على أن الشعارات المرفوعة حول أن القدس خط أحمر ولا سلام ولا تسوية بدون القدس ووحدة الحركة الأسيرة وغيرها ،ليس لها ترجمات عملية على أرض الواقع،وخصوصاً أننا نرى أن المفاوضات تجري وتستأنف دون اشتراط وقف الاستيطان في القدس،كما أن دعم صمود وثبات أهل القدس في الجزء الكبير منه إعلامي وليس له وجود على أرض الواقع،ويبدو أن البعض استكثر على أهل القدس والداخل حتى مكرمة العاهل السعودي في الحج لبيت الله الحرام،فهل من يصادر حق أهالي أسرى القدس والداخل من الحج لبيت الله الحرام معني بصمود أهل القدس؟والإجابة يعرفها أهل القدس أكثر من غيرهم وهي بالتأكيد لا قاطعة،فهم يتعرضون لحرب شاملة يشنها عليهم الاحتلال كل يوم ،بل وكل ساعة من أجل طردهم وترحيلهم عن أرضهم وقدسهم وضمن ما يسمى بسياسة " أسرلة وتهويد القدس"والتي لا تترك لا بشراً ولا شجراً ولا حجراً إلا واستهدفته،وبدلاً من وضع الخطط والبرامج والآليات العملية لدعم صمود أهل القدس،نرى كل يوم مزيداً من عوامل اليأس والإحباط،والتجاهل لهموم واحتياجات أهل القدس،ولكن أن يصل الأمر حد حتى مصادرة حقهم في مكرمة للحج،فهذا بحاجة الى وقفة مراجعة من كل قوى وفعاليات ومؤسسات القدس،والتي عليها أن ترفع صوتها عالياً ضد هذه السياسة المدمرة،وعليها أن تبادر إلى تشكيل جسم علني على غرار لجنة المتابعة العربية في الداخل يتولى متابعة كل همومهم وقضاياهم الاجتماعية والاقتصادية واليومية،وعليها أن توحد عناوينها ومرجعياتها فحجم الهجمة عليها كبير وواسع وشامل. وختاماً ما حصل مع أهالي أسرى القدس والداخل يجب أن لا يمر مرور الكرام،وعلى أهالي الأسرى والأسرى أنفسهم وكل القوى والفعاليات والمؤسسات المقدسية،أن تصر على محاسبة وزير الأوقاف وعدم القبول بأية محاسبة شكلية له،ولعل أقلها هو الإقالة من الحكومة لهذا الوزير على تصرفه هذا. القدس- فلسطين 7/11/2010