تحل ذكرى الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان ببلادنا في ظل تنامي موجة التراجعات على المستوى الحقوقي و السياسي،مما نتج عنه تدهور سمعة المغرب عالميا(التقارير الدولية حول الرشوة و التنمية و حقوق الإنسان و حرية الصحافة و التعبير...)،و لم يستطع المسؤولون المحافظة على الصورة الإيجابية لبلادنا التي اكتسبتها منذ تدشين مسلسل التناوب،و هكذا يستمر الاعتقال السياسي(ملف "بليرج"/ معتقلي "العدل و الإحسان")،و التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان (شكيب الخياري) و القضاة المتشبتين باستقلاليتهم(جعفر حسون)،و التحكم في الحقل السياسي(حل حزب البديل الحضاري،و التمهيد لعودة الحزب الأغلبي)،مع انتكاسة لافتة في مجال الحقوق الاجتماعية و الثقافية،كل هذا يترافق مع تغوّل الأجهزة الأمنية و المخابراتية، بما يعني التطبيع مع ظواهر الاختطاف و التعذيب و تزوير المحاضر،مع سعي إلى شيطنة الفاعلين الحقوقيين محليا و دوليا،و تكميم للصحافة المستقلة و محاولة التحكم في خطوطها التحريرية،بما يجعل الإجماع لا يطال منطقة الثوابت فقط ، بل يمتد ليحاصر كل الأصوات و التعابير المخالفة و المغايرة. و جراء هذه الممارسات التي تعود بنا إلى سنوات القمع و الرصاص، يدفع المغرب فاتورة نهج أعمى و موغل في الشوفينية لبعض القائمين على الشأن العام، و هو ما يظهر في تراجع مصداقية الدولة لدى المنتظم الدولي،و ما العجز عن تسويق الرواية الرسمية لما حدث إبان تفكيك مخيم "كديم إزيك" إلاّ جبل الثلج الذي يخفي وراءه تخبطا في تدبير الملفات الأمنية و شللا ديبلوماسيا وقصورا بينا في التواصل المؤسساتي مع الرأي العام الخارجي، و الحال أنّه لا يمكن تسويق صورة مغرب الحداثة و الديموقراطية، و إقناع الآخر بعدالة القضية الوطنية في الوقت الذي تراكم فيه تراجعات على مستوى إعمال المقتضيات القانونية و المؤسساتية و الديموقراطية في تدبير الاختلاف السياسي و القيمي و المرجعي. في ظل هذا المناخ من التردي و العبث نعيش في حزب البديل الحضاري تحت وطأة استمرار اعتقال الأخ الأمين العام للحزب الأستاذ المصطفى المعتصم و الأخ الناطق الرسمي باسمه الدكتور محمد الأمين الركالة مترافقا مع الحل الجائر لحزبنا في تغييب لأبسط المقتضيات القانونية و في تأويل سمج و متهافت لقانون الأحزاب ، اعتقال و حل يراد منهما إقصاؤنا عن معترك التدافع السلمي و المدني، و تريد مشيئة الفضلاء الديموقراطيين الأحرار جعلهما شاهدي إثبات على حكامة المؤامرة و الإقصاء و الأحادية. إننا بهذه المناسبة ندعو كل الأحرار و الشرفاء إلى التنادي من أجل جبهة لكل الديموقراطيين، يكون عنوان التقائها الأبرز النضال من أجل وقف مسلسل التراجعات الحقوقية و السياسية و الوقوف في وجه محاولات تنميط الحراك السياسي و الاجتماعي و الثقافي دفاعا عن الحق في الاختلاف و الحق في المعارضة و الحق في المرجعية. إنّ استمرار اعتقال الأخوين المعتصم و الركالة و تلكؤ القضاء في دعوى الحزب لإبطال قرار الحل هو إدانة صريحة لنهج الإقصاء و توظيف القضاء في الحسابات السياسية كما هو إدانة لفصيل من السياسيين و المثقفين الذين اختاروا الصمت أو التبرير بل منهم من شارك مباشرة في التعتيم و التضبيب ، و إذ نحيي الشرفاء في هيئة الدفاع و لجنة الدعم و الجمعيات الحقوقية و الأصوات الصحفية الحرة و الأحزاب الصديقة(الحزب الاشتراكي الموحد- الحزب الاشتراكي خاصة) فإننا نضع في المقابل الذين شاركوا في هذه المؤامرة تلفيقا أو تبريرا أمام ضمائرهم و حكم التاريخ. و اليوم و قد رفضت الدولة المغربية التعليق على تسريبات "ويكيليكس" الخاصة بملف ما يعرف أمنيا بخلية"بليرج" المزعومة ، و التي تشير –أي الوثائق المسربة- إلى أنّ الملف مطبوخ و مفبرك، فلا نملك إلا التساؤل عن الأجندات الخفية لكل هذا العبث، إنّ المسؤولين بعجزهم عن تكذيب هذا التسريب يقرون ضمنيا بحقيقة ما ورد في تلك الوثيقة، فماذا ينتظرون من أجل تصحيح المسار بإطلاق سراح المعتقلين ظلما و التراجع عن قرار حل الحزب. و في الختام نعلنها صريحة أن لا تنمية اقتصادية و اجتماعية و لا نهوضا ثقافيا و معرفيا و لا نجاحا في الدفاع عن عدالة قضية وحدتنا الترابية بدون المرور من دمقرطة الدولة و المجتمع و القطع مع الاعتقال السياسي و الكف عن التضييق على حرية الصحافة و التعبير و عودة الأجهزة الأمنية و القضائية إلى مهامها السامية في حفظ الأمن و السلم عوض التورط في مراقبة و التحكم في الحقل السياسي و الحزبي. المصطفى المعتصم الأمين العام لحزب البديل الحضاري