لندن: قد تؤدي عشرات الزيارات السياحية والثقافية والإعلامية والعلميةوالاقتصادية إلى مدينة لندن ولا تكتشف الكثير من أسرارها وقد تمتطي حافلاتها الحمراء والبيضاء الجميلة ذات الطابقين مئات المرات في سياق رحلات ترفيهية و"سياحية" موجهة. لكن جوانب عديدة من عاصمة «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس» سابقا تفلت منك إذا لم تزر"حي لندن المالي" الأقوى من حيث ثوراته وسيولته المالية أوروبيا والثاني عالميا بعد نيويورك تخامرك تساؤلات بالجملة عن"خفايا" القوة المالية والاقتصادية «للعملاق البريطاني» رغم مرور أكثر من نصف قرن عن استقلال أغلب المستعمرات التي كانت تحت وطأة «الانقليز»، بما فيها الهند وعمالقة آسيا والدول الغنية في قارتي إفريقيا وأمريكا صندوق «عجب» من الفلوس لمحاولة فهم جوانب من «أسرار» لندن وخفاياها دفعني فضولي الصحفي إلى استكشاف بعض «صناديق العجب» في «مركز لندن المالي» المطل على كنيسة «سان بول» الجميلة عندما تتجول في شوارع هذا الحي قد يشدك معماره «الامبراطوري» الشامخ، لكن يخيل إليك في كل لحظة أن المبنى الذي تتطلع إلى شرفاته الجميلة ونوافذه وأبوابه المحكمة الغلق»يزخر بفلوس العالم»، أو هو عبارة على مجموعة من «صناديق العجب» التي خزنت فيها أطنان من الذهب والعملات والصكوك والاسهم على واجهة يافطات رخام كتب عليها بالبنط العريض "البنك الاسلامي البريطاني" وعندما جلست إلى عدد من المسؤولين الحكوميين وممثلي رجال الاعمال والبعثات التجارية البريطانية في سفارات لندن في الخارج فهمت أن خيالي لم يذهب بي بعيدا لأن «حي المركزالمالي» في لندن من أغنى ساحات المال في العالم، ونفوذ عمدته يفوق بكثير نفوذ جل ساسة بريطانيا واوروبا وأثريائها، بل هو أهم من نفوذ عدد من كبار الرؤساء والملوك والأمراء في العالم أجمع بمن فيهم"اثرياء عرب ومسلمون من الريع النفطي" نصف مليون خبير وعامل في هذا «الحي المالي» الذي لا تتعدى مساحته 3كلم مربع وعدد سكانه ال10آلاف يتردد على بنوكه ومصارفه ومؤسساته المالية والاقتصادية والخدماتية المختلفة يوميا حوالي نصف مليون «زائر» جلهم من بين رجال المال والاعمال والخبراء والعمال والموظفين القارين في لندن سيتي(يسلم قرايتهم ) السيدة ميراد سيلفيان والسيد نرومينغان المسؤولان عن العلاقات الخارجية لمنظمة رجال الاعمال في المملكة المتحدة ردا على تساؤلاتي الخاصة بحجم هذا «العملاق الاقتصادي والمالي» رغم الازمة التي تمر بها الدول الصناعية منذ عامين بلهجة الواثق من نفسه: «صحيح أن قطاع العقارات والتامين تضررا في بريطانيا نسبيا من الازمة المالية والاقتصادية العالمية، لكن الضمانات الكثيرة التي اتخذها مركز لندن وتلك التي تمسكت بها هيئات رجال الأعمال والحكومة ومن بينها ضمان توازن بين قطاعات الإنتاج والخدمات خففت من المضاعفات السلبية للازمة العالمية عين على العالم الإسلامي في مدخل مكتبي السيد ستوارت بوفان رئيس منظمة رجال الأعمال البريطانيين في قلب عمارات «الحي المالي» بلندن وجون إنغاميلس مدير المركز المالي الذي تتجاوز أرقام معاملاته أضعاف موازنات دول صناعية عملاقة مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا تشدك المطبوعات والبلاغات عن»المصارف الإسلامية» وعن تنوع المطبوعات عن»المعاملات المالية الشرعية الإسلامية» وعن فرص الشراكة بين بريطانيا ودول العالم الإسلامي ال57 وشعوبها، بدءا من تلك التي تنتمي إلى «الكومونولث» والمستعمرات البريطانية السابقة في «القارات الخمس ومن هنا تبدأ الحكاية... أكثر من 30 بنكا إسلاميا في بريطانيا في قاعة صغيرة وأنيقة متعددة الألوان بدأت دردشة دامت اكثر من ساعة مع مديرين بارزين من مؤسسة رجال الاعمال البريطانيين السيدة ميراد سيلفيان الشقراء ذات الملامح الانقليزية «العتيقة» وزميلها ريتشارد نرومينغان الذي تذكرك نظراته وابتساماته ب»تجار أيام زمان» التلقائيين في معاملاتهم مع «الحريف» لكسب ثقته ثم أمواله ردا على تساؤلاتي حول الأزمة الاقتصادية والمالية أكد مخاطباي على»البدائل» والحلول المتنوعة «التي لجأ إليها صناع القرار المالي والاقتصادي في بريطانيا عموما وفي «الحي المالي» خاصة ومن بينها الانفتاح أكثر فأكثر على المصارف الاسلامية، التي تتجاوزعددها ال30 حاليا في بريطانيا»مما ساهم في إدخال ديناميكية كبيرة على الحياة المالية والاقتصادية فروع في الدول الاسلامية وأوضح السيدان ميراد سيلفيان وريتشارد نرومينغان أن 5 من بين تلك البنوك «بريطانية إسلامية» تماما أما البقية فهي مشتركة مع مؤسسات مالية وبنكية بريطانية عادية أو مع مؤسسات شريكة لبنوك ومصارف اسلامية باكستانية وهندية وماليزية وعربية «تعتمد التشريع الاسلامي» . وتحتل البنوك الاسلامية البريطانية نسبة 20 بالمائة من البنوك الاسلامية في العالم وتأتي في التريب قبل دول عريقة في اعتماد هذا النوع من المصارف مثل تركيا.. بل لا تكاد تسبقها في الترتيب من حيث حجم رؤوس الاموال القادمة من بلدان ومؤسسات اسلامية إلا إيران والعربية السعودية في نفس الوقت إنخرطت العديد من المصارف البريطانية الاسلامية والمؤسسات المالية العادية التي لها «فروع إسلامية» في منتديات عالمية للمصارف الاسلامية والمعاملات الشرعية مقراتها في البحرين والامارات العربية المتحدة وقطر وماليزيا والمملكة العربية السعودية هل يعني هذا أن الاقتصاد البريطاني ضمن علاقة هيكلية باقتصاديات الدول الاسلامية أم أن انفتاحه على «المعاملات المالية والمصرفية الشرعية» مجرد حيلة لاستدراج أموال أكثر من مليار مسلم بينهم أثرياء من الدول النفطية والدول الإسلامية الغنية الصاعدة مثل باكستان وتركيا وماليزيا وأندونيسيا ونيجيريا والدول ذات الاقليات الاسلامية الهائلة مثل الهند والصين وروسيا وبعض الدول الافريقية التابعة للكومنولث؟ تساؤلات عديدة ..نتيجتها واحدة: توظيف المستعمر السابق لاغلب مناطق العالم الاسلامي لثروات شعوب مستعمراتها السابقة في خدمة مصالحها بكامل «البراغماتية»..بما في ذلك عبر «الانفتاح على الشريعة الاسلامية والمصارف الاسلامية الصباح من مبعوثنا الخاص كمال بن يونس