بعد أيام قليلة فقط على اضطرابات سيدي بوزيد، أجرى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الأربعاء تعديلا حكوميا جزئيا طال عدة وزراء من بينهم وزير الاتصال الذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب "التعتيم الإعلامي" الذي رافق بداية الأحداث. ولم تكشف الرئاسة التونسية عن أسباب هذا التعديل الوزاري ما يبقي الباب مفتوحا أمام التكهنات، خاصة وأنه شمل حقائب وزارية لها علاقة مباشرة وأخرى ليست لها علاقة مباشرة، على الأقل في الظاهر، بأحداث سيدي بوزيد. "التعديل لا علاقة له بأحداث سيدي بوزيد" وجاء التعديل الحكومي بعد خطاب ألقاه بن علي أعلن فيه عن "تفهمه" الحالة الاجتماعية التي أوقدت فتيل الاضطرابات وتوعّد "المحرضين المأجورين" الذين "لجأوا إلى العنف والشغب" بالعقاب. وقد عُين وزير الشباب والرياضة سمير العبيدي وزيرا جديدا للاتصال خلفا لأسامة الرمضاني، في حين خلف عبد الحميد سلامة العبيدي في منصب وزير الشباب والرياضة. كما طال التعديل أيضا وزارات الشؤون الدينية والتجارة والصناعة التقليدية. وفي الوقت الذي يبدو فيه توقيت التعديل نتيجة شبه حتمية لأحداث سيدي بوزيد، ينفي بسيس برهان كاتب وإعلامي تونسي ذلك ويعتبر أن "التعديل جاء في سياق طبيعي، تزامن مع الأحداث لكن لا علاقة له بها". ويقول برهان "أنا ضد الربط بين التعديل وما جرى في سيدي بوزيد. في نظري هذا التعديل ليس بمثابة رد فعل على الأحداث وإلا فما علاقة وزارة الشؤون الدينية – التي شملها التعديل- بهذه الأحداث؟" من جهته، يربط سليم بن حسن مؤسس حركة "بيرصا" السياسية المعارضة هذا التعديل بما جرى في سيدي بوزيد لكنه يعتبره "غير كاف" لتهدئة الأوضاع. ويقول "التعديل الحكومي يكون ذو رمزية وأبعاد قوية في الدول الغربية حيث أنظمة الحكم تكون ديمقراطية والوزراء لهم وزن حقيقي في الحكومة. في تونس، ليست هناك ثقافة التعديل الحكومي. الناس لا يدركون جيدا أبعاد التعديلات الحكومية خاصة وأن الوزراء في تونس ليس لديهم أي وزن". وبالنسبة لماجد نعمة رئيس تحرير المجلة الشهرية "أفريك-آزي" الصادرة من باريس فإن "التعديل الحكومي هو نتيجة مباشرة لأحداث سيدي بوزيد وللحملات الإعلامية التي شنتها بعض المنابر الإعلامية ضد تونس. لكن الوزراء الذين شملهم التعديل هم فقط كبش فداء. أما التغيير الحقيقي سيأتي فيما بعد وسيشمل الاستراتيجية الاقتصادية لتونس لأن مطالب المتظاهرين كانت اقتصادية". "التعديل الوزاري لا يسمن ولا يغني عن جوع" وبغض النظر عن أبعاد هذا التعديل، يبدو أن هناك إجماع على قلة أهميته في تحسين الأوضاع الاجتماعية لمن تظاهروا في سيدي بوزيد في 19 و20 ديسمبر/كانون الأول. وهو الرأي الذي يشاطره برهان بسيس الذي يقول "أولاد سيدي بوزيد لم يخرجوا للشارع للمطالبة بإقالة وزير أو شيء من هذا القبيل. هذا التعديل بالنسبة لهم لا يسمن ولا يغني عن جوع". ويضيف "الأهم من التعديل هو الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس بن علي لدعم جهود التنمية في منطقة سيدي بوزيد والإعلان عن فتح مصنع سيوفر 2000 فرصة عمل وتشجيع الاستثمارات". أما سليم بن حسن فيعتبر وبالرغم من أقلية أهمية هذا التعديل الحكومي أن الوضع الذي عاشته منطقة سيدي بوزيد في الأيام الأخيرة والذي "يبدو أنه سيهدأ في الأيام المقبلة بسبب غياب قوة سياسية أو نقابية قوية تقود هذا الاحتجاج الشعبي" فإنه على الأقل ساهم في جعل التونسيين يدركون "ضعف النظام" التونسي وأنه "بات بإمكانهم الخروج إلى الشارع للتظاهر دون خوف". وتعتبر الاحتجاجات نادرة في تونس التي يحكمها الرئيس زين العابدين بن علي منذ 23 عاما، غير أنها اكتسبت قوة خلال الأسابيع القليلة الماضية. فرانس 24