أجرت الداخلية التونسية تغييرات في سلك الشرطة شملت تنحية 30 مسؤولا رفيعا، في وقت دعت فيه الأممالمتحدة إلى هيكلة الجهاز بعمق، ورفعت إلى 219 تقديراتها لعدد القتلى. واستمرت أعمال شغب شملت حرقَ بنايات في وسط البلاد، وكنيس يهودي في جنوبها.وقال مصدر بوزارة الداخلية متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية دون كشف هويته إن 30 مديرا عاما ومديرَ شرطة أحيلوا إلى التقاعد المبكر بسبب تصرفاتهم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي فر قبل نحو أسبوعين إلى المملكة العربية السعودية. وحسب المصدر، شملت الحركة مديرا في الوزارة تلاحقه الشرطة الدولية بتهمة إساءة معاملة السجناء. كما تحدث عن موافقة وزير الداخلية فرحات الراجحي على زيادة مرتبات الكوادر المتوسطة في الوزارة بنحو مائة دولار، ورواتب الكوادر العليا بنحو 35 دولارا. وأضاف أنها أول مرة تكون فيها زيادات رواتب الكوادر المتوسطة أعلى من زيادات الكوادر العليا. وضع الشرطة وتأتي التغييرات في وقت التأمت فيه الحكومة الانتقالية برئاسة محمد الغنوشي لأول مرة منذ إعادة هيكلتها قبل خمسة أيام. وكان على طاولة البحث وضعُ جهاز الشرطة الذي تظاهر العديد من أفراده وأضربوا احتجاجا على ظروف عملهم، كما حدث أمس في سوس والقيروان وبنزرت. ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن مصدر رسمي قوله إن الوزارة سمحت لرجال الشرطة بتشكيل نقابة مستقلة. وشهدت مدينة القصرين وسط البلاد غيابا تاما للشرطة في الأيام الماضية خاصة أمس الاثنين الذي سجل أحداثا عنيفة أحرقت خلالها مبان حكومية بينها مركز شرطة، وتعرضت مبان خاصة للتخريب والنهب. وبرر مصدرُ وزارة الداخلية غياب الشرطة بخشيتها من التعرض للانتقام ممن فقدوا أقارب لهم في الاحتجاجات ضد بن علي. أحداث عنف وتجمع مئات السكان في القصرين اليوم وطالبوا السلطات بالتدخل لإنهاء العنف وتوقيف "المشاغبين"، ولم يُرَ خلال التجمع أثرٌ لرجال الشرطة. وطالت أحداث العنف كنيسًا يهوديا في قابس أحرق البارحة حسب طرابلسي بيريز أحد مسؤولي الجالية اليهودية في المدينة الواقعة في الجنوب الشرقي لتونس. وانتقد بيريز في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم ما اعتبره تقاعس الأمن عن منع الهجوم. هيكلة عميقة وقد دعا اليوم مسؤول أممي متحدثا في تونس إلى إعادة هيكلة عميقة لجهاز الشرطة. وقال بكري والي ندياي الذي يقود فريقا أرسله مجلس حقوق الإنسان الأممي لمساعدة الحكومة التونسية على التحقيق في التجاوزات التي عرفتها الاحتجاجات، إن "الجهاز الرئيسي الذي يحتاج الإصلاح هو قوات الأمن التي يجب أن تبدأ العمل من أجل الشعب لا ضده"، ودعا إلى وضع سقف لسلطات الشرطة. واتهم قياديون عديدون في الاتحاد العام التونسي للشغل -الذي لعب دورا رئيسيا في تعبئة الاحتجاجات ضد بن علي- مسؤولين في الحزب الحاكم السابق بإثارة البلبلة وعدم الاستقرار.
وقدّر ندياي ب219 عدد قتلى الاحتجاجات، بينهم 72 قتلوا في أحداث شغب عرفتها السجون، وهو ما يعني أن الأممالمتحدة ضاعفت تقديراتها لعدد الضحايا. كما تحدث عن 510 جرحوا في الاحتجاجات التي بدأت منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي. وكان وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية -قبل تعديل أزاحه من الوزارة- قدّر عدد القتلى ب78، وهو رقم قالت المعارضة إنه أقل بكثير من الرقم الحقيقي.