دمشق:على غرار الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها تونس ومصر وتشهدها حاليا ليبيا واليمن ضد نظام العقيد القذافي والرئيس صالح ، تخرج علينا سوريا بتظاهرات حاشدة منذ اسبوع تطالب بالإصلاح تعاملت معها السلطات بعنف أسفر عن سقوط عشرات القتلى واعتقال المئات، مما دفع السوريون للدعوة للخروج في مظاهرات حاشدة في مختلف المدن السورية في يوم "جمعة الكرامة". وذكرت وكالة "رويترز" للانباء الجمعة أن آلاف السوريين خرجوا الخميس إلى وسط مدينة درعا الجنوبية. وكانت قوات الأمن قد اقتحمت يوم الأربعاء الماضي المسجد العمري وقتلت ستة أشخاص بداخله كانوا يهتفون للحرية والثورة بحسب حصيلة رسمية ، فيما تتحدث منظمات حقوقية ونشطاء عن مقتل ما لايقل عن 35 شخصا . وبينما أكدت شهادات متطابقة أن القتلى سقطوا برصاص الشرطة ووحدات خاصة من الجيش, حملت السلطات السورية مسئولية أعمال القتل لما سمتها "عصابات مسلحة". بل إنها عرضت أسلحة وأموالا قالت إنها ضبطت داخل المسجد العمري الذي حوله المحتجون إلى مستشفى ميداني. وعلى الرغم من إعلان الرئيس السوري بشار الأسد حزمة قرارات شملت زيادة أجور موظفي القطاع العام وتعديل معدل الضرائب فضلا عن تشكيل لجنة لدراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ المفروض في البلاد منذ عام 1968، إلا أن محللين سوريين رأوا أن خطوة الأسد جاءت متأخرة وأن وعوده لا تلبي تطلعات الشعب ولا تختلف كثيرا عما يتكرر في مؤتمرات حزب البعث. وأقر نزار ميهوب الأكاديمي والمدير السابق للإعلام الخارجي في وزارة الإعلام السورية في حديث لراديو"سوا" الأمريكي بأن السلطات السورية أخطأت في تعاملها مع الاحتجاجات في درعا، غير أنه قال إن القرارات الإصلاحية التي اتخذتها القيادة السورية من شأنها أن تلقى تجاوبا على أرض الواقع. وشدد ميهوب على أهمية أن تتجاوب المعارضة مع قرارات القيادة السورية. وأضاف "أعتقد أن القرارات التي اتخذت على المستوى الرسمي قرارات مهمة جدا على أكثر من صعيد". وقال ميهوب "التغيير مطلوب، التغيير مهم، التغيير حاجة ولكن في إطار سلمي وليس في إطار الفوضى العامة". من جهته، وصف عبد الكريم ريحاوي رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان القرارات المتخذة من قبل القيادة السورية بالخطوة الإيجابية. وقال لراديو "سوا" "أنا بالنسبة لي كناشط ومدافع عن حقوق الإنسان تتقاطع معظم هذه القرارات مع مطالبنا الحيوية وإن جاءت متأخرة ولكنها جاءت كحل إسعافي الآن حتى لا ينجرف الوضع بشكل يصعب التعامل معه بعد ذلك". تبريرات رسمية
وبرر النظام السوري ما تشهده البلاد من احتجاجات بأن البلاد مستهدفة من إسرائيل والدول الغربية. وقالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد إن الإعلام الخارجي لعب دوراً هاماً في ازكاء الفتنة داخل سوريا بين أفراد الشعب الواحد . وأضافت أن كل من هيئة الإذاعة البريطانية وقناتها الفضائية "البي بي سي" العربية ، وشبكة "سي ان ان" الإخبارية الأمريكية لم تتحري الحقائق التي تحدث علي أرض الواقع خاصة في مدينة درعا . وأكدت أن القيادة القطرية لحزب البعث برئاسة بشار الأسد أصدرت قرارات محل التنفيذ في الوقت الحالي . والتي تهدف إلي بحث التطورات الحزبية ومستوي الأداء الحكومي ومدي فاعليتها تجاه المواطن السوري لتضمن حريتهم كاملة . وأشارت إلي بنود القرار والتي شملت الإتصال بأهالي درعا والإصغاء لمطالبهم لمعرفة واقع الأحداث الإخيرة التي سقط فيها ضحايا ، ولتوفير معالجة شاملة لتحسين المجال المعيشي والخدمي من خلال لجنة قيادية حكومية .
وأضافت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان أن حزب البعث سيضع آليات جديدة وفعالة لمحاربة الفساد وما يتطلب من خلال تشريعات وهيئات جديدة ، ودراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ بالسرعة الكلية وإصدار تشريع بديل للحفاظ علي آمان الوطن السوري . كما أوضحت أنه سيتم إعداد مشروع الأحزاب السورية وعرضه للحوار الحزبي والشعبي للإتفاق علي صيغة ترضي الجميع ، وسيتم إصدار قانون جديد للإعلام بما يلبي الشفافية والحرية التي يرجوها المواطن السوري . وأكدت بثينة شعبان علي السرعة في تعديل المرسوم49 حول المناطق الحدودية السورية من أجل تسهيل معاملات المواطنين السوريين والعمل علي رفع مستوي الخدمات الحكومية ، والأهتمام بتعزيز سلطة القضاء ومنع التوقيف العشوائي . وكانت الحكومة السورية قد أرسلت في وقت سابق وفدا إلى درعا قبل أن تعلن لاحقا عن إقالة المحافظ فيصل كلثوم بمرسوم من الرئيس بشار الأسد إطلاق بعض المعتقلين. تنديدات دولية وكانت الولاياتالمتحدة قد نددت بما وصفته بالقمع الوحشي للتظاهرات في سوريا ومقتل مدنيين فضلا عن اعتقال عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني في بيان إن الولاياتالمتحدة تندد بشدة بالقمع الوحشي للتظاهرات من جانب الحكومة السورية خصوصاً اللجوء إلى العنف وقتل مدنيين على يد قوات الأمن. وأضاف كارني أن الإدارة الأمريكية لا تزال تشعر بالقلق العميق بسبب التوقيفات الاعتباطية لناشطين حقوقيين، داعيا دمشق إلى ضبط النفس واحترام حقوق شعبها. من جانبه دعا وزير الدفاع روبرت جيتس الحكومة السورية إلى أخذ العبرة مما حصل في مصر. ووصف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك ما يحصل في العالم العربي من ثورات بأنه خطوة نحو المستقبل. وقال جيتس "ما نراه حاليا هو الانفتاح على المستقبل، وجميع هذه الدول تتعامل مع ذلك، بعضها أفضل من آخرين، وقد جئت للتو من مصر حيث وقف الجيش المصري إلى جانب الشعب وسمح للمتظاهرين بالتظاهر وشجع على الثورة ولعل السوريين يتعلمون من التجربة المصرية". في نفس السياق، دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى وقف أعمال العنف ضد المتظاهرين في سوريا، معتبراً أنه لا يمكن لأي ديموقراطية أن تقبل بإطلاق النار على محتجين مسالمين. وأعرب ساركوزي في قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل عن قلقه الكبير حيال تصاعد أعمال العنف في سوريا. وفي لندن، دعا وزير الخارجية البريطانية ويليام هيج الحكومة السورية لاحترام حق الشعب السوري في التظاهر السلمي واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمعالجة مظالمه المشروعة. كما طالب كافة الأطراف في سوريا بضبط النفس.