الصحفية شهيدة لخواجة / المغرب حين نتساءل عن القوة القاهرة القادرة على كسر المرأة عموما سيكون الجواب لا محالة وبدون تردد : طلاقها، بهذه الإجابة السريعة نلخص مجمل الاعترافات حول مصداقية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام حين توجه ناصحا الرجال معلما إياهم كيفية حسن معاملة النساء في حديثه الشريف المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء ) ، وفي رواية أخرى لمسلم : ( إن المرأة خلقت من ضلع ، لن تستقيم لك على طريقة ، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ) ، و قد فسره العلماء هذا الحديث على انه دعوة للتعايش بين الرجل والمرأة في جو يسوده المودة والرحمة والسلم دون تنغيص ولا نكد من خلال غض الطرف عما قد يظهر من اعوجاج في المرأة دون الطمع في إقامة ذاك الاعوجاج ولا محاولة إصلاحه إلا بما هو أحسن وإن كان بخلافه تسبب في كسره. ورغم وصية رسولنا الكريم الواضحة الجلية ظلّت حتمية التعايش بين الجنسين توجب أحيانا الاختلاف الذي لا يطاق معه العشرة فيكون أمر الطلاق إلزاما يوجب معه الراحة لكلا الطرفين ، ليكون الرجل بذلك قد اختار فعل الكسر سواء مرغما أو عن طواعية في حالات كثيرة ظل فيها هو سيد القرار، ولا أتحدث هنا عن طلاق الخلع الذي يعكس الإرادة فتكون المرأة هي صاحبة القرار المتشبثة بالطلاق حيث أنها في هذا المقام ستخضع لمقولات أخرى ليس هنا مقام الحديث عنها. بيد أن سؤالا ظلّ يجول بخاطري ويؤرق تفكيري : ماذا بعد الكسر؟؟ والضلع الأعوج طبيعيا منذ نشأته الأولى لا يد له في الانتصاب وهو موضوع أمام واقع الكسر حتى يستقيم، ولأجل ذلك وجب أن يتم الضغط عليه بشدة محدثا ألما عميقا، لكن ورغم كل هذا الألم هل حقق الكسر المراد منه؟ في أغلب الطرح قد يفهم أن المرأة بعد الكسر/ التطليق سيزيد اعوجاجها وتفسد وتكون بذلك غير صالحة لما هي مؤهلة له من تربية وما هو مطلوب منها من رعاية للنشئ وخلافه من واجبات التكليف الذي تقاسم فيه المسؤولية مع الرجل، فنكون بذلك أمام شريحة اجتماعية فاسدة بجميع المقاييس، هذا الطرح هو رؤية لاستنتاج سلبي أفرضته إرادة الرجل. الحديث الشريف سكت عما بعد الكسر، و أغلب السكوت يكون لحكمة مضمرة تنتظر من ينقب عنها، ومن يبحث مسالك تأويلها، فان جاء الطرح السالف محملا بالوجه السلبي، وهو للأسف ما يتم التعامل به في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، حيث تظل المرأة المطلقة / المكسورة منبوذة ومتخل عنها، دون الحديث عن مدا ضآلة نسبة توفير فرصة أخرى تمكنها من إثبات تفوقها ونجاحها أمام ما كابدته من فشل اجتماعي وعاطفي مؤلم، انتهاء بانهيار نفساني وفكري يكون في الغالب السبب الدافع نحو التقوقع على نفسها أو لاندفاع نحو الخارج بشكل متهورا غير محسوب عواقبه مما يحقق نتيجة ارتفاع نسبة الدعارة داخل هذه الشريحة الاجتماعية. غير أن الواقع وهو يقدم هذا الطرح القاتم المؤسي لزمرة المطلقات، يحمل في الوقت ذاته وجها آخر أجده أقوى وأنجع قد غفل عنه الغافلون وهو الحامل للايجابية بكل ميزاتها ، يندرج في حتمية أن الضلع أو أي جسم معوج إذا ما تم كسره والاعتناء به في توجيهه نحو الاتجاه الصحيح برفق وتقويمه التقويم الصحيح فإنه لا محالة سيحقق الاستقامة وهو الهدف بدءا الدافع للكسر، هذه الفرضية تكون غائبة عند الأغلبية من أفراد المجتمع وهم الفئة الحاضنة سواء داخل الأسرة أو خارجها، ليظل دور الطبيب المعالج يستوجب على المطلقة نفسها أن تقوم به فان استطاعت هذه المرأة المكسورة أن تجْبُر نفسها وتقوّْم اعوجاجها بتحقيق الاستقامة ورفع مكمن العوج نحو الأعلى سموا ورفعة في الخلق وتقوية في الدين وجبرا لكسر الخاطر واستشفاء لجروح الروح، تكون بذلك قد حققت درجات علا في التقويم واقترابا من الذات المقارنة لها وهي ذات الرجل. بصبرها على الأنات والألم واستصبارها على الوجع لإبقاء رأسها مرفوعة أمام تقلبات الدهر ، حتى تستطيع بثر الأيادي الطامعة الممدودة حيالها ترغب الهتك والتلذذ تحت شعارات الضعف والاستكانة وأحيانا تحت مسميات الحرية الخادعة المزورة بشعارات براقة تدعي المساعدة وهي في الحقيقة تروم إلى تدنيسها وإبقائها مكسورة أكثر مما هي عليه. والزمن يشهد أن من النساء المطلقات من استطعن أن يعلن أولادهن بالكد والاجتهاد، رافضات إطعامهم الذل والهوان ، فاشتغلن خادمات في البيوت أو صانعات تقليديات ومنهن من استغللن باحة الحرية الشريفة التي متعهن الله بها ليستزدن من العلم والتعلم ليصبحن عالمات وذوات شأن عظيم في بلدانهن. خطأ أن تنتظر المطلقة المعونة من الآخرين لأنها بذلك ستنتظر طويلا، كما وأنها إن حقق لها ولو نزغ يسير من نعمة الله وجب أن ترضى بها وتعلم أن وعد الله حق حين قال في كتابه الحكيم : (وان يتفرقا يغن الله كلاّ من سعته وكان الله واسعا حكيما)